منهجية السعودة و وجهة النظر الغائبة (6)
من مفاتيح الحل ..
من المشاكل التي يواجهها أصحاب مؤسسات القطاع الخاص ، و على الأخص الصغيرة و المتوسطة ، مشكلة عدم استقرار العامل السعودي في الوظيفة ، وكثرة دوران العمالة السعودية بشكل يخل بالعمل في تلك المؤسسات . ولهذه المشكلة أسباب لابد من التعرف عليها بطريقة علمية وعملية ، لنتمكن من وضع الحلول الناجعة .
فأمين الصندوق مثلاً هو صاحب عهدة نقدية وعمله يحتاج إلى دقة و انتظام تلافياً للوقوع في أية أخطاء ..، و رجل المبيعات في كثير من المؤسسات تربطه علاقات خاصة بعملاء المؤسسة ، لها انعكاسها المباشر على أرقام المبيعات التي يمكن تحقيقها ، و تكوين هذه العلاقات و تعزيزها يكلف وقتاً و جهداً و مالاً .. ، و المحاسب بالإضافة إلى أنه يحتاج إلى وقت لكي يستوعب أساليب و سياسات المؤسسة المحاسبية ، فإنه يطلع على معظم أسرار المؤسسة التي يعمل بها ، و مثل ذلك ينطبق على جل وظائف القطاع الخاص ..
فكثرة تعاقب الموظفين على هذه الوظائف و خلال فترات قصيرة جداً لاشك أنه يصيب أعمال المؤسسة بالإرباك إن لم نقل الشلل ، وفي ظل ذلك يُصبح من المستحيل تحقيق مبدأ الإحلال التي تقوم عليه عملية السعودة ، أي إحلال السعودي مكان الوافد ، و سيظل تعيين السعودي (وليس إحلاله) صورياً و تحقيقاً لمتطلبات قرارات السعودة ليس إلاّ ، و هو بالتأكيد ما لا نهدف إليه من خلال حملة السعودة باعتبارها خياراً استراتيجياً ، خصوصاً إذا تذكرنا أننا مقبلون على عصر العولمة من خلال انضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية ..
ففي ظل العولمة الاقتصادية القادمة و اشتداد المنافسة ستترسخ قاعدة البقاء للأصلح و الأقدر و الأكفأ ، و هو ما يوجب علينا إعداد أبناءنا و تأهيلهم لمواجهة تحديات المستقبل ، و بما يجعلهم قادرين على المنافسة في سوق العمل السعودي و غير السعودي ، لا أن نظل نرسخ في أذهانهم بأنهم الأولى بالفرص الوظيفية فقط لكونهم سعوديون ، و ليس لكونهم مؤهلون و جديرون بها ، فالعصر القادم هو عصر التميز و التأهيل و الكفاءة والقدرة على المنافسة و العمل و الإنتاج ..
فلو تأملنا النتائج التي ستترتب على فرض السعودة من خلال القرارات ، سنجد أننا سنخلق جيلاً كسولاً غير منتج ، ينتظر كل شيء يأتيه إلى حده من خلال قرارات حكومية ، و هذا في حد ذاته يرقى إلى حد الكارثة التي ستمنى بها الأمة .
بل أيضاً من جهة أخرى لو تأملنا ما يحدث الآن فيما يتعلق بفرض السعودة من خلال القرارات ، نجد أننا ومن حيث لا نشعر نعاقب المجتهد ، و نكافئ غيره . فرجال الأعمال و التجار يُعدون من المجتهدين الذين يكدون و يكدحون من أجل كسب أرزاقهم ، و يتحقق من خلال جهودهم و أعمالهم منافع لأنفسهم و لمجتمعهم ، فهل نعاقبهم بتحمل تبعات ما ليس لهم يد فيها ، و نفرض عليهم بعض الشباب غير المؤهل و أيضاً غير الراغب في العمل ؟ !
و قبل أن يغضب مني بعض (العاطفيون) أود أن أؤكد أنني لا أعمم ، فكثير من شبابنا جادون و مؤهلون و قادرون و راغبون في العمل و يقدرون أهمية العمل و يحترمون قيمه و يلتزمون بمقتضياته ، و هذا أمر مشاهد و ملموس ، ولكن في نفس الوقت لابد أن نعترف أن هناك فئة من الشباب السعودي عكس ذلك تماماً ، و هم يشكلون نسبة لا بأس بها من الباحثين عن العمل ، فالفئة الأولى وجدت الترحيب من القطاع الخاص و وجدت التقدير وحصل بعضهم على مزايا تفوق ما يحصل عليه نظراءهم العاملين في الحكومة .. ، و أما الفئة الثانية و هم بالمناسبة صنيعة مجتمعهم و أسرهم و مخرجات تعليمهم ، ولا ينبغي أن نحملهم المسئولية وحدهم ، و لذلك لابد من تظافر جهود المجتمع و الأسر و الجهات الحكومية المعنية لتوجيههم و توعيتهم و إعادة تأهيلهم علمياً و معنوياً ونفسياً للعمل في مؤسسات القطاع الخاص وفق طبيعته و أسلوب عمله ..
هذا بالإضافة إلى ما اعتبره أحد مفاتيح الحل ألا و هو العمل على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلة التي أشرنا إليها في البداية ، وهي مشكلة عدم استقرار الموظف السعودي في عمله ، و كثرة دوران العمالة السعودية بشكل عام في القطاع الخاص ، و ذلك من خلال التأكيد على ضرورة و أهمية استقرار الموظف واستمراره في العمل لفترات طويلة نسبياً ، و اتخاذ الوسائل الكفيلة لدفع العامل السعودي للوفاء بالمدد الزمنية المحددة في العقود التي يتم توقيعها بينه وبين صاحب العمل ، فاستقرار العامل السعودي سيدفع صاحب العمل إلى عدم التردد في الإنفاق على التدريب و التأهيل باعتباره استثماراً مجدياً ، و كذلك سوف لن يتردد في تحقيق مبدأ الإحلال لضمانه استقرار العمل في مؤسسته ..
والله الموفق والملهم للجميع الصواب .. وهو المستعان ..
3/7/1421هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
نُشر يوم : الاثنين الموافق 5/7/1421هـ
في صحيفة : المدينة المنورة رقم العدد : 13676 صفحة رقم : 8 (آراء) .
التعديل : لا يوجد .
13676 عمل و توظيف آراء 5/7/1421 المدينة رابط المقال على النت http://