مبادرة (معاد) نموذج لحلول عملية للتوطين

by د.فائز جمال

مبادرة (معاد) نموذج لحلول عملية للتوطين

ظل توطين الوظائف على مدار عقود طويلة يراوح حول قرارات مبنية على نقص ثقة بين الجهات الحكومية و مؤسسات القطاع الخاص ومن يمثلها ، و لذلك ظلت محكومة بعنوان رئيسي وهو فرض السعودة على القطاع الخاص بقوة النظام بصرف النظر عن واقعيتها أو إمكانية تطبيقها.

و المثير للعجب و الدهشة هو استمرار هذا النهج رغم بروز إشكالات عديدة بسبب التطبيق ومنها : السعودة الوهمية ، و إعاقة توسع مؤسسات القطاع الخاص ، و تراجع الصناعات الوطنية و بالأخص الصغيرة و المتوسطة.

لعله من المعروف أن هناك العديد من الدراسات التي أجريت للاطلاع على تجارب الدول التي سبقتنا في مجال التوطين إلاّ أن قراراتنا و حلولنا ظلت تكرر نفسها بأشكال مختلفة و تدور حول الفرض و الإلزام رغم تكرار الفشل للدرجة التي تعطي شعور و كأننا فقدنا القدرة على الابتكار و المبادرة إلى حلول عملية واقعية فعّالة ..

في رأيي أن نجاحنا في السعودة يرتكز على ركيزتين:

الأولى : التربية و التعليم بما يجعل أبناءنا مبادرين إلى العمل في جميع الأعمال و المهن و الوظائف و الأعمال الحرة.

الثانية : تقديم الدعم و التسهيلات لمن يرغب من السعوديين الدخول للأسواق و العمل في التجارة.

وغير ذلك يُعد استمرار لخنق التجار السعوديين الحقيقين و تمكين للمتسترين ، و استمرار للسعودة الوهمية ، و للتخريب المتواصل لمواردنا البشرية و لقدراتها الإنتاجية ، و تدمير لقيمنا الأخلاقية ..

ومقال اليوم يأتي في سياق الركيزة الثانية المعنية بتقديم الدعم و التسهيلات للتجار السعوديين في مدينة مكة المكرمة ، و المبادرة أتت ضمن المحور الاقتصادي لمبادرة معاد لتعزيز الهوية المكية والعناية بالآثار و المعالم التاريخية ، و نطاقها الجغرافي المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام و بهدف إعادة توطين التجارة حول المسجد الحرام.

وكمقدمة أقول أنني عاصرت في طفولتي تجار مكة المكرمة وهم في دكاكينهم حول المسجد الحرام يمارسون التجارة و البيع بأنفسهم و معم أولادهم و يحضرني في الذاكرة بعض البيوت التجاربة مثل بيت الفارسي و بيت بدر و بيت الطيب و بيت سيف الدين و بيت أبو ناصف و أخوالي بيت الزمزمي ، وقد اختفوا كلهم من حول المسجد الحرام بفعل الهدميات المتتابعة و بسبب تحرير إيجار العقار وتضاعفها بشكل خيالي ؛ فهذين العاملين كانا عاملي طرد للتجار المحليين من المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام و إحداث فراغ شغله التستر و المتسترين ..

فجاءت توسعة الملك عبد الله للمسجد الحرام بفرصة ذهبية لاعادة توطين التجارة حول المسجد الحرام ، و المقصود بذلك المحلات التجارية في محطات النقل ، و في مصاطب الخدمات و هي الجزء الدائري المحيط بتوسعة الملك عبد الله. و كانت مبادرة (معاد) الاقتصادية اهتبالاً لهذه الفرصة المواتية.

تُبني فكرة المبادرة على أساس وهو أن المصاطب ضمن أملاك الدولة التي لا تستهدف الربح المباشر من تأجير المحلات التجارية كما هو حال القطاع الخاص و إنما هي معنية بتحقيق مصالح رعاياها..

و المبادرة تقوم على تخصيص محلات المصاطب و المرافق المحيطة بالمسجد الحرام للتجّار المحليين دون غيرهم و استعادة البيوت التجارية و الأسواق المتخصصة التي كانت تحيط بالمسجد الحرام من جديد ، و وضع ترتيبات تضمن عدم ممارسة البيع في المحلات من غير السعوديين ، و عمل توليفة خاصة لنظام التأجير بما يُسهم في تمكين المواطن التاجر الحقيقي –وليس المتستر- من خلال تحديد إيجارات مخفضة تراعي ربحية مختلف الأنشطة التجارية وعدم طرحها للمزايدة أو لمبدأ تعظيم الدخل الذي يعتمده القطاع الخاص، و تسهم من جهة أخرى في دعم نجاح التاجر المحلي من خلال تكوين خليط مدروس للمستأجرين و كذلك من خلال تحديد أوقات العمل ومن خلال التسهيلات و الإعفاءات من رسوم الجهات المعنية ..

وقد تم وضع هذه المبادرة تحت أنظار سمو أمير منطقة مكة المكرمة و سعادة مستشاره و كذلك السادة رئيس و أعضاء الغرفة التجاربة بمكة وتم اقتراح تكوين فريق يشمل الأمارة و أمانة العاصمة و غرفة مكة و مكتب العمل و مبادرة معاد لدراسة التفاصيل و آليات التطبيق ..و في انتظار التوجيه من أجل تفعيلها ..

 

د. فائز صالح جمال

07/05/1438هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

09/05/1438

06/02/2017

مكة المكرمة

1121

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/592758

 

1121 عمل و توظيف الرأي 09/05/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/592758

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق