فطور الموظف .. و وقت المراجع !!
أعرف أنني بكتابتي لهذا المقال قد أقحمت نفسي في موضوع قد يثير عدد من أخواني من الموظفين في الدوائر الحكومية ، بل وقد يدفع البعض منهم لمعاقبتي بأساليبهم الخاصة .. ولكن حسبي في ذلك أنني لم أكتب إلا لمصلحة عامة وظاهرة إنشاء الله ..
تتلخص المشكلة في أن مراجعي معظم الدوائر الحكومية كثيراً ما يفاجؤون بعدم تواجد الموظف على مكتبه في أوقات تتراواح ما بين بداية الدوام وبين الساعة العاشرة صباحاً والسبب أنه يتناول الفطور !! وهذا الأمر يترواح بين السرية والعلن .. فمنهم من يُعتبر في مهمة رسمية أو جولة في الإدراة وما إلى ذلك من الأعذار ، ومنهم من يتحلّقون حول (صُفرة) الفطور العامرة بالفول والتميس ، والتقاطيع أحياناً ، في وسط أحد المكاتب .. وعند مراجعتهم يبادرونك بالدعوة لمشاركتهم الفطور ..
وفي جلسة جمعتني ببعض الأقارب والأصدقاء من الأخوة الموظفين ، ودار النقاش حول هذا الموضوع بالذات ، وعندما أوضحت وجهة نظري المتشددة – حسب رأيهم – وهي منع ذلك تماماً أثناء الدوام الرسمي وأن على الموظفين تناول فطورهم في منازلهم قبل الحضور إلى العمل ، جُوبهت بهجوم شديد وتعنيف أشد ، لتبني وجهة النظر هذه .. ولسان حال بعضهم يقول (هُمّ الموظفين ناقصينك حتى تنكد عليهم في موضوع الفطوركمان ..!!)
والأسباب التي تدعوهم للفطور أثناء الدوام من وجهة نظرهم :
* أنهم لا يستسيغون تناول الفطور فور استيقاظهم من النوم !!
* أن بعضهم يقوم بإيصال أبنائه إلى المدارس ويغادر المنزل مبكراً ومعنى ذلك أن عليه أن يفطر في وقت السحور !!
وكما هو واضح وملموس أن تناول الفطور أثناء الدوام الرسمي وفي أماكن العمل في الدوائر الحكومية يُعد مشكلة (عويصة) تحتاج لمعالجة ناجعة و عاجلة .. مثلها مثل مشكلة إيصال الأبناء إلى المدارس والعودة بهم ظهراً ، ومشكلة حاجة الموظف لمراجعة بعض الدوائر لقضاء مصالح خاصة كمراجعة المرور أو الجوازات أو الاستقدام .. لأن في ذلك تعطيل لمصالح المراجعين وإهدار لأوقاتهم التي لا تعني عند بعضٍ من أخواننا الموظفين شيئاً فهم – وأعني هؤلاء البعض – لا يتحرّجون من مواجهتك بعبارة مثل : تعال بعد صلاة الظهر .. أو فوت علينا بكرة أو بعد يومين وهكذا ..
في واقع الأمر أن استمرار مثل هذه الظواهر لا يتناسب مع ما وصلت إليه بلادنا من تقدم ورقي في مختلف المجالات ، ولاشك أن لاستمرارها دون علاج آثار سلبية على مسيرة التنمية في بلادنا ، فالتنمية تحتاج منا وفي هذه الأيام بالذات مراجعة الكثير من سلوكياتنا الخاطئة وأساليب تعاملنا مع الظواهر السلبية في مجتمعنا ، وتقويم ماعوج منها بأساليب مبتكرة وحازمة في نفس الوقت ، وتحتاج منا كذلك ترسيخ مفاهيم الجد والاجتهاد والاتقان لما نقوم به من أعمال ، وتعزيز الوازع الديني ومراقبة الله في كل ما نعمل .
واقتراحي لحل مشكلة الفطور – مع مراعاة ظروف الموظف – يتلخص فيما يلي :
تخصيص وقت محدد ، ومعلن للجميع ، وموحد في جميع الدوائر الحكومية لتناول طعام الإفطار ، وليكن نصف ساعة يومياً مثلاً من الساعة التاسعة إلى التاسعة والنصف ، على أن تُضاف النصف ساعة إلى بداية الدوام أو نهايته .
ومن اقتراحات أحد الأخوة الموظفين إيجاد كفتريا أو مطعم – حسب حجم الدائرة – في جميع الدوائر الحكومية ، تُخصص لتناول وجبة الإفطار حتى لا يضطر الموظف إلى الخروج أثناء وقت الدوام .
وأما مشكلة إيصال الأبناء إلى المدارس و حاجة الموظف الفعلية للمراجعة في أمور خاصة ، فالحديث عنهما يطول وقد تحتاجان إلى مقالتين منفصلتين ، ولنا عودة إليهما فيما بعد بإذن الله .
والله من وراء القصد ..
ص.ب 5815 مكة المكرمة
20/2/1417هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 22/2/1417هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12142 صفحة رقم : 11 (الرأي) .
التعديل : لايوجد .
12142 مكة المكرمة الرأي 22/2/1417 المدينة رابط المقال على النت http://