معاناة مرضى الفشل الكلوي !!
(اللي يده في المويه مو زي اللي يده في النار ..) – كما يقولون – لذلك فإنني اعتقد أنني وغيري ممن عافاهم الله عز وجل من مرض الفشل الكلوي بفضله ومنه – فله الحمد والشكر – لا يمكننا تصور حقيقة الحال و المعاناة التي يعيشها مرضى الفشل الكلوي ، الذين نسأل الله لهم شفاءً عاجلاً غير آجل ، وأن يعافيهم مما ابتلاهم به ليتمتعوا بالصحة والعافية .. فقضاء من 3 إلى 4 ساعات لمرتين أو ثلاث في الأسبوع في جلسات غسيل الكلى فيه عنت كبير ومشقة عظيمة ناهيك عن الأعراض المرضية والآثار الجانبية ..
ولقد عُرف أبناء هذا البلد بإنسانيتهم وتوادهم وتراحمهم ومسارعتهم لفعل الخيرات امتثالاً لتعاليم ديننا الحنيف ، واقتفاءً لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم . ولعل الله قد دفع عن هذه البلاد وأبنائها من البلاء والمصائب ما لا يعلمه إلا هو برحمته ، ثم بما قدموا من أموالهم وجهودهم وتسابقهم في ميادين الخير ومساعدة المحتاجين بمختلف أصنافهم داخل البلاد وخارجها .. ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟!!
سقت هذه المقدمة حول معاناة مرضى الكلى لأذكّر نفسي وغيري – فالذكرى تنفع المؤمنين – بمعاناتهم عافاهم الله ، ولكي لا نزيد من معاناتهم من حيث لا ندري ، وأذكر أن شخصاً أحسن الظن بي فجاءني دالاً على فعل الخير لمساعدة إحدى المقيمات ابتليت بالفشل الكلوي – مادياً – لكي تتمكن من إجراء عملية زراعة كلى في الخارج ، وهي الآن في العشرينات من عمرها ولديها عدد من الأطفال .. ، وعندما أجبته بأن الأمر مكلف جداً وأن جمع تبرع لهذه العملية قد يكون غير مجدي .. أبرز لي تحويل من مستشفى الملك عبدالعزيز (الزاهر) بمكة المكرمة إلى مستشفى حراء لاستيفاء 465 أربعمائة وخمسة وستين ريالاً لقاء جلسة غسيل الكلى ، وأنها تحتاج للغسيل ثلاث مرات في الأسبوع وهذا معناه أنها تحتاج إلى ما يقارب 6000 ريال شهرياً لكي تبقى على قيد الحياه .. فحياة مريض الفشل الكلوي مهددة إذا لم يتم الغسيل في الموعد المحدد ..
ولقد عجبت من هذا القرار الذي لم استوعبه عندما نقله لي غير واحد من الناس ، وظننت أن في الأمر التباس ، حتى رأيت ذلك التحويل . ومصدر عجبي ودهشتي هو أن خير هذه البلاد حكومةً وشعباً عم بفضل الله المسلمين في جميع أنحاء العالم ، وفي هذا المجال بالذات استطالت يد الخير لخادم الحرمين الشريفين وفقه الله لتعم مرضى الفشل الكلوي بجمهورية مصر العربية وذلك ببناء مركز لغسيل الكلي هناك ، فكيف تتجه وزارة الصحة إلى فرض هذا الرسم الكبير جداً الذي يعجز الأغنياء من المقيمين عن دفعه فضلاً عن فقرائهم ..
وما أود أن أقوله للمسؤولين في وزارة الصحة وعلى رأسهم معالي الوزير الأستاذ الدكتور أسامة شبكشي ، وأرجو أن يتسع صدرهم لما سأقول ، وهو أن قرار تكليف مرضى الفشل الكلوى المقيمين بدفع هذا الرسم الكبير جداً لقاء كل جلسة غسيل لا ينسجم مع التوجهات الخيرية لقيادة وشعب المملكة العربية السعودية ، وأتمنى إعادة النظر في هذا الأمر والغاء الرسم ، ويكفي هؤلاء المرضى ماهم فيه من عنت ومشقة وأن العاملين منهم معرضون للتسريح من العمل بسبب طول ساعات وتكرار جلسات الغسيل ..
ويمكن الوزارة إن كان الأمر متعلق بميزانية تشغيل مراكز غسيل الكلى حث جمعيات أصدقاء المرضى والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال على المساهمة مع الدولة رعاها الله في علاج هؤلاء المرضى من خلال تبرعهم بتكاليف التشغيل بل وبناء مراكز غسيل كلى إضافية ، ويحضرني كمثال على تجاوب الجمعيات الخيرية أن جمعية البر بمكة المكرمة تبرعت بكامل تكاليف إنشاء مركز غسيل الكلى المقام بمستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة بالتعاون مع جمعية أصدقاء المرضى بمكة المكرمة .
قد يتهمني البعض بالعاطفية وعدم والواقعية وغيرهما .. ، ولكنني لم أكتب إلا لأبلغ ما تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل فقد طلب إليّ الكثير إبلاغ صوتهم إلى المسؤولين بالكتابة حول هذا الموضوع وهذا القرار الذي لم أستوعبه ابتداءً – كما أسلفت – حتى وقعت عيني على ذلك التحويل الذي يحتوي على رقم وتاريخ ذلك القرار.
والأسئلة التي تطرح نفسها هي : كيف سيكون حال من لا يستطيع توفير المبلغ المطلوب عندما يحين موعد الغسيل ؟؟ وما هو تصرفنا في مثل هذا الموقف ؟؟ وهل سنمتنع من علاج هؤلاء فقط لكونهم من المقيمين ؟؟
والله من وارء القصد .
ص.ب 5815 مكة المكرمة
4/2/1417هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 8/2/1417هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12128 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل : حذف ما تحته خط .
12128 تنمية الأخلاق الرأي 8/2/1417 المدينة رابط المقال على النت http://