الخطبة الجامعة !!
لاقت الخطبة التي ألقاها فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك لهذا العام 1416هـ في المسجد الحرام استحساناً كبيراً لدى الكثير من الناس وأحدثت وقعاً طيباً في نفوسهم ، وقد كانت خطبة جامعة وشاملة ، وجهها لعموم المسلمين قادة وعلماء ودعاة ورجال إعلام ، شيباً وشباباً رجالاً ونساءً ،
بدءها بإيضاح المناسك التي على الحاج اتيانها بدءً من يوم الأضحى : كالأضحية ، والحلق أو التقصير ، طواف الإفاضة والسعي ورمي الجمار .. ثم عرّج على قضايا العقيدة والتوحيد ، ثم شخص داء الأمة الإسلامية والمتمثل في الفرقة والشقاق والنزاع ووصف الدواء وهو تطبيق الإسلام الحق المبني على العقيدة الصحيحة والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم .. ثم جاء على بعض الأفكار الهدامة والمذاهب المنحرفة ، وقضية تكفير الولاة والعلماء وأوضح مذهب السلف الصالح في هذا الجانب وهو عدم تكفير أهل القبلة بذنوبهم ما لم يستحلوها .
ثم أتى كذلك – وفقه الله – على ما يسمى بالتقارب الديني والحوار الحضاري فقال : “أنه في الأعمار المتأخرة ، لما ضعف تمسك كثير من المسلمين بدينهم وانبهروا بحضارة الغرب وتعالت صيحات وانبرت أقلام بل و نُظّمت لقاءات وعُقدت مؤتمرات بما يسمى بالتقارب الديني والحوار الحضاري ، وأمر فيه بعض المحسوبين على الاسلام دين الله الكامل الشامل بانهزامية ظاهرة وتبعية مرفوضة انعكست بها المقاييس واختلفت بها المعايير . فأرادوا لدين الله المهيمن أن ينزل إلى مستوى الشرائع المنحرفة والكتب المبدلة . إنه لا مساومة على عقيدتنا ولا تنازل عن شيء من مبادئنا بأي حال من الأحوال ، فالحق حق والباطل باطل ، والإسلام إسلام والكفر كفر ، وهيهات أن يجتمع حق وباطل وكفر واسلام .
إن الفرصة اليوم سانحة – والكلام مازال للشيخ السديس – لعرض الإسلام الحق بمبادئه السامية وتعاليمه السمحة على العالم … ليس صحيحاً أن يظل المسلمون في عزلة عن العالم ، لاسيما بعد وجود القنوات الفضائية التي أصبح العالم من خلالها قرية صغيرة “.
وتساءل الشيخ عبدالرحمن السديس عما قام به المسلمون لنشر دينهم من خلال هذه القنوات وأين القناة الإسلامية التي تنشر الإسلام وتبين محاسنه ؟؟ وأكد أن عصرنا هذا عصر إعلام ، والاعلام قناة مهمة تؤثر سلبياً وإيجابياً على الناس في مختلف شعوبهم فالواجب استغلال وسائل الاعلام لاسيما القنوات الفضائية للدعوة إلى الله ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة . ثم وجه خطابه لرجال الإعلام في العالم الإسلامي عندما قال : “يا رجال الإعلام اتقوا الله في مسؤولياتكم ، أدوا أمانة الكلمة ولا تضيعوا مصداقية الحرف ، تحروا الحقائق واحذروا التهويل والإثارة والشائعات ، اجعلوا من وسائلكم قنوات للدعوة والتوجيه” .
تحدث الشيخ أيضاً عن ما يُسمى بالأصولية الإسلامية فقال : “اليوم نسمع ما يسمى بالأصولية الإسلامية ووصم الإسلام وأهله بالتطرف والإرهاب في مغالطات سياسية وتناقضات فكرية وتلاعب بموازين الحق والعدل حيث يُكال للعالم بمكيالين . إننا ومع اعترافنا بوجود تقصير بعض المسلمين وجنوحهم عن الوسط الذي جاء به الشرع المطهر فإننا لابد أن نستيقظ ان العداء السافر للإسلام هو الإرهاب بعينه” .
وتساءل الشيخ حفظه الله بماذا يسمى ما يقوم به اليهود الصهاينة في فلسطين ولبنان .. ومافعله الصرب في البوسنة والهرسك .. وما يدور في الشيشان وكشمير .. وماذا تفعل إسرائيل في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وماهي أحوال المسجد الأقصى ؟؟ وأضاف الشيخ “هذه إسرائيل الحثالة البشرية والشرذمة الصهيونية من شذاذ الآفاق وحثالة العالم ونقضة العهود والمواثيق وقتلة الأنبياء وإخوان القردة والخنازير تريد التوسع في نشر مذهبها الباطل ودينها المحرم وبناء هيكلها المزعوم . وقد ثبت نقلا وعقلا وواقعا أنها ليست داعية سلام ولا وافية في عهد ولا ميثاق وأنها وراء كل فتنة وفساد . {ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين} ” .
إن الخطبة كانت بالفعل جامعة شاملة وهي أكبر في حجمها ومضامينها من أن تستوعب في مثل هذه المساحة الصغيرة ، ويمكن لمن أراد الاطلاع على الخطبة أن يراجع أعداد الصحف المحلية التي صدرت ثاني أيام عيد الأضحى المبارك حيث تم نشر نصها بالكامل . فجزى الله الشيخ عبدالرحمن السديس خيراً ، و نفع بعلمه وجعل ذلك في ميزان حسناته .. والله الهادي إلى سواء السبيل وهو يتولى الصالحين .
17/12/1416هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 19/12/1416هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12079 صفحة رقم : 11 (الرأي) .
التعديل :
12079 إسلاميات الرأي 19/12/1416 المدينة رابط المقال على النت http://