وزارة المعارف و المستثمر الوطني

بقدر ما سرني خبر عزم وزارة المعارف بناء ثلاثة آلاف مدرسة في غضون العشر سنوات القادمة ، بنظام التأجير المنتهي بالتمليك (B.O.T) ، و هو ما تناولته جميع الصحف في الأسبوع الماضي ، بقدر ما ساءني أن الهيئة العامة للاستثمار ، قد رخصت لتجمع استثماري أمريكي مكون من أربع شركات جميعها أمريكية ، للقيام بتنفيذ و تمويل المشروع الذي قُدّر المال المستثمر فيه بثلاثة عشر مليار ريال ، و ذلك بالطبع بعد موافقة وزارة المعارف ..

مصدر الاستياء ليس فقط بسبب قناعتي بضرورة حرمان الشركات الأمريكية في الوقت الراهن ، لموقف حكومتهم الداعم للبغي الإسرائيلي ضد أشقاءنا الفلسطينيين و القدس الشريف ، و لكن أيضاً بسبب حرمان المستثمرين الوطنيين من هكذا استثمار ، حيث أن رأس مال التجمع الاستثماري أجنبي (أمريكي) 100%  ، و لم يكن للمستثمرين السعوديين حصة فيه على الرغم من ضخامته .

و تساءلت في نفسي عن حجم ونوع التسهيلات و الضمانات التي قُدمت للمستثمر الأجنبي فأقنعته بالاستثمار في بلادنا ، و هل ما قُدّم للمستثمر الأجنبي في هذا المشروع من تسهيلات وضمانات قُدّم للمستثمر الوطني في المشاريع المشابهة على الأقل ؟؟ أم أن هناك معاملة تفضيلية جعلت المستثمر الأجنبي يٌقبل ، و جعلت المستثمر الوطني يُدبر ؟؟

و إلى متى سنظل نضع العربة أمام الحصان كما يقولون ؟ فنركز على جذب المستثمر الأجنبي و نجعله في المقدمة ، في الوقت الذي نتجاهل فيه المستثمر الوطني و نداءاته و صرخاته مما يعانيه ، و مما يجعل استثماره لأمواله في الخارج أجدى و أنفع ، وهو ما يدفعه بالتالي إلى استثمار أمواله هناك حيث الترحيب و العائد الأفضل ..

إن إحجام المستثمر الوطني في مثل هذا المشروع مبني على خلفية شروط السداد ، و الالتزام بها ، و هذا ما أشار إليه الخبر المنشور في الاقتصادية بعدد الأحد 5/2/1422هـ ، و تجربة الكثير مع رجال الأعمال من مقاولين و غيرهم مع وزارة المالية في سداد مستحقاتهم تجعلهم يترددون في الإقبال على الدخول في مثل هذه المشاريع التي تحتاج إلى تمويل ضخم ..

و قد أشار الخبر إلى أن وزارة المعارف ستطرح بناء مائتي مدرسة أمام المقاولين السعوديين بنظام التأجير المنتهي بالتمليك (B.O.T)، و كل ما نرجوه هو أن تقدّم الهيئة العامة للاستثمار و وزارة المعارف في هذا المشروع من الضمانات و التسهيلات ما قدمته للمستثمر الأجنبي ..

هامش

نحن نحاول تربية أولادنا على التعامل بإيجابية مع ما يجري حولهم ، من خلال دعوتهم إلى مقاطعة البضائع الأمريكية ، و هو من باب أضعف الإيمان ، و نحاول أن نبني فيهم أخلاقيات الصبر و المصابرة و مجاهدة النفس ، و الاهتمام بهموم الأمة ، فتأتي وزارة المعارف صاحبة مقولة (وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة) ، لتهدم كل ما بنيناه بمنح مشروعها الضخم لتجمع أمريكي صِرْف ..

فالله المستعان ..

11/2/1422هـ                فائز صالح محمد جمال                                                                                    فاكس 5422611-02

                                E-mail: fayezjamal@yahoo.com

بيانات النشر

نُشر يوم : الاثنين الموافق 13/2/1422هـ

في صحيفة : الندوة         رقم العدد : 12936        الصفحة الأخيرة .

التعديل : لا يوجد .

12936 التعليم و الجامعات الصفحة الأخيرة 13/2/1422 الندوة رابط المقال على النت http://