الأخطاء الطبية و التقاضي و التعويض (1)
حمل إلى الفاكس رسالة مطولة مكونة من خمس صفحات من القارئ الأستاذ محمد بن عطية الحربي من مكة المكرمة ، بثني فيها شيئاً من همومه –كشفها الله عنه وجعله من الصابرين المأجورين بغير حساب- ، و هي تتمحور حول الأخطاء الطبية و أسلوب التقاضي فيها و التعويض الذي قد يُحكم به ..
و سأنقل معاناة الرجل وفق ما حملته الرسالة وبشيء من الاختصار ، و ذلك بهدف أن يعيش القارئ والمسئول بعضاً من هذه المعاناة ، و لعله بعد ذلك يتفاعل للتخفيف منها سواءً لصاحب الرسالة أو أمثاله الذين قد يعدون بالآلاف ..
يقول الأستاذ محمد الحربي أن ابنته الكبرى البالغة من العمر 25 عاماً قدّر الله لها أن تُصاب بشلل الأطفال منذ صغرها ، و أنه سعى على علاجها إلى أن من الله عليها بنسبة من الشفاء مكنتها من المشي على عكازين بدرجة جيدة ، واستمرت على هذه الحالة منذ حداثة سنها و إلى المرحلة الثانوية ومن ثم زواجها من رجل من أهل الله ، … ولما كان للمريض آمال و طموحات تنشد التعافي و تحلم به ، فقد شاهدت ابنتي أحد الإعلانات الدعائية بالتلفزيون عن إمكانيات إحدى مستشفيات جدة ، و راودها الأمل في أن تتحسن حالتها أكثر ، فعرضت نفسها على هذا المستشفى ، وأجريت لها عمليات مطولة ، و كان الاتفاق أن تستغني عن العكازين حسب وعد شقيق صاحب المستشفى وهو جراح العظام الذي سيقوم بإجراء العملية ، ومن خلال شريط تسجيل العملية اتضح أنه لم يقم بإجراء العملية و أوكل ذلك إلى جراح آخر ، وخالف بذلك أول اتفاق . وما خلصنا إليه بعد هذه المعاناة أن ابنتي أصبحت لا تستطيع المشي لا بعكاز ولا بدونه ..
و لعلمهم بأنه لا يوجد لدينا نظام يحمي المتضرر من الأخطاء الطبية ، لم تُفلح محاولاتي معهم ، و أخذت ابنتي لإحدى الدول المجاورة ، وعرضت حالتها ، و بعد الكشف عليها والاطلاع على مجريات العملية الجراحية من خلال شريط التسجيل من قبل أحد أكبر أخصائي العظام في تلك الدولة المجاورة ، اتضح أن الطبيب المعالج في مستشفى جدة ارتكب أخطاء طبية واضحة وجلية يعرفها المتخصصون في الطب لو عُرضت عليهم أشرطة التسجيل ..
و لم يستطيعوا تقديم شيء ، و أشاروا علي بضرورة عرض الموضوع على هيئة طبية ، واكتفوا بتقديم علاج طبيعي مكثف وعلى مستوى عال جداً وبأرخص ثمن مما يتصوره تجار مستشفياتنا الخاصة .. و بالكاد الآن أصبحت تستطيع المشي على عكازين و لكن ليس كما كانت من قبل العملية ..
و تقدمت لللجنة المختصة بالمحكمة الشرعية بجدة التي يرأسها القاضي .. و الذي وصل إليه ملف الشكوى كاملاً ، وعند مراجعتي له قام بمساءلتي بأسئلة غريبة نوعاً ما وأجبته عليها ، وبعدها أجابني بأن علي أن أحمد الله تعالى لأن الكثير خرجوا من المستشفيات إلى القبور ، وأنت ابنتك حية تُرزق ، ولا خير في كثرة الشكاوي خصوصاً و أن ابنتك مريضة أصلاً فما الذي تريده ؟؟ وبعد هذه المحاضرة أيقنت أنني لو تابعت القضية فإنني سأضيف متاعبها لمصيبتي ، والمقصد واضح ، فتركت القضية ..
وأما ابني –ولازال الحديث للأب المهموم- وهو يعمل عسكري وعمره 27 عام ، فقد أصيب بحرق في يده ، فذهب لمستوصف أهلي مشياً على قدميه ، وهناك تلقى حقنة عضلية ثم مغذي بالوريد ، وبعد انتهاء المغذي لم يستطع ابني الوقوف على رجليه ، و رأى ارتباك الطبيب و الممرضة ، وحاول الاستفهام منهم فأفادوه بأن الموضوع عبارة عن صدمة بسيطة تنتهي بعد ساعتين أو اليوم القادم .. ، اتضح بعدها أن الحقنة العضلية أصابت عصب في رجله وسببت له شلل في القدم ويتجاوزها إلى الأعلى 15 سنتيمتر ، وأصبح لا يستطيع السيطرة على المشي ويقع أحياناً نتيجة عدم قدرة القدم على حمل وزن الجسم عليها ..
بداية لم أستطع تحمل الموقف وظللت أبكي الليالي في الفراش ، و طلبنا من صاحب المستوصف تلافي الأمر واستعد ، ولكنه لا يتوفر لديه وسائل معالجة طبيعية متقدمة ، ثم بدأ يتضجر ، و تقدمنا بشكوى للشئون الصحية بمكة المكرمة منذ عام 1419هـ ، و تم اتخاذ اللازم بما لا نعلمه إلى الآن فهم يقولون أن الإجراءات في مثل هذا الوضع تتم في سرية ولا يحق حتى لصاحب الدعوى الاطلاع على مجريات القضية ، و بعد رفع شكوانا لسمو أمير المنطقة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز تحدد الآن موعد النظر في القضية في 16/3/1421هـ في اللجنة في جدة ، ولدى نفس القاضي .. إنني يزداد خوفي إذ أننا لم نطلع على مجريات قضيتنا منذ أن تقدمنا بها في عام 1419هـ ، و لا نعلم ما سوف تقوله اللجنة التي تنظر القضية ، و لو أنني يقيناً استشف أحكام هذه اللجنة من خلال ما يُنشر في الصحف والذي يوضح أن اللجنة تعتمد مبدأ التعويض عن الخطأ المرتكب وفقاً لمبدأ الدية ، وسأكون تعيساً جداً لو اتخذ هذا المبدأ لمعالجة القضية و ستحل بعائلتي كارثة ستقضي علينا وذلك لعدة أسباب ..
ولضيق المساحة نكمل ما تبقى من الرسالة و التعليق على هذه القضية في مقال الأسبوع القادم بإذن الله .
15/2/1421هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02E-mail: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
نُشر يوم : الأحد الموافق 17/2/1421هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12639 صفحة رقم :7 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12639 حكومية الرأي 17/2/1421 الندوة رابط المقال على النت http://
