الأسبوع الميت من أماته ؟ و ما آثاره المدمرة ؟
ظهر مؤخراً مصطلح الأسبوع الميت و يُقصد به الأسبوع الذي يسبق الاختبارات المدرسية ، وفيه يكثر غياب الطلاب و الطالبات في المدارس بحجة المذاكرة و الاستعداد للاختبارات النهائية ، و لكنه تمدد ليشمل الأسابيع التي تسبق الإجازات المدرسية و تلك التي تليها ، و أصبح غياب هذه الأسابيع ليس مطلباً أو رغبةً لبعض الطلبة فحسب و إنما يشاركهم في ذلك -و يحرضهم أحياناً- بعض المعلمين و المعلمات للأسف ..
إذن من أمات هذا الأسبوع هم الطلاب و عزّز موته -للأسف- المعلمين و المعلمات وبإصرار عجيب ..
المشكلة ليست في حب الإجازات -و تمديدها بقرار من الطلبة و تأييد المعلمين- ؛ فهذا أمر تهواه الأنفس للترويح عنها بعد فترة طويلة نسبياً من الجد و الاجتهاد و العمل ، و إنما المشكلة تكمن في الرسالة التربوية التي نرسلها لأبناءنا منذ نعمومة أظفارهم ، و نكررها لهم أكثر من مرة في كل عام ، و بواسطة أكبر آلة تربوية و أكثرها و أعمّها تأثيراً عليهم و هي المدارس ، و هي -في ظني- رسالة غاية في السلبية ، فهي تغرس في أبناءنا عدم احترام الوقت ، و عدم الالتزام تجاه العمل ، و تحرض على الكسل و التراخي و الدعة..
لذلك يجد أبناءنا عندما يكبرون و ينخرطون في مجالات العمل المختلفة صعوبة في الالتزام بمواعيد الدوام ، و لا يحتفون كثيراً بالإنتاج والإنجاز ، و لهذا إنعكاسات سلبية كبرى على الاقتصاد و المجتمع ككل..
و في رأيي أن من نتائج هذه الرسائل التربوية السلبية و التنشئة عليها أن يجد أبناءنا صعوبة في الحصول على فرص العمل في القطاع الخاص الذي يقوم على الالتزام و الانتاجية و الربحية وبغير ذلك سيخسر و يخرج من السوق ، فيخسر السوق جميع الفرص الوظيفية التي خلقها أو يمكن أن يخلقها في حال ربحه و توسعه ؛ فتذهب تلك الفرص إلى عمالة مستقدمة من الخارج أكثر التزاماً و انتاجية ، و عندما أتحدث عن الفرص فلا أعني الفرص ذات الدخول و الرواتب المنخفضة و إنما تلك التي يدفع فيها القطاع الخاص رواتب و مزايا مرتفعة. ويظل معظم أبناءنا يبحثون عن فرص العمل الحكومية الأقل دخلاً و مزايا من أجل أن يستمروا في الاستمتاع بإجازات و أسابيع و أوقات ميتة من أنواع أخرى ..
نحن في زمن الانتاجية و التنافسية و المعرفة ، و سنن الكون و قوى السوق لن تحابي أحداً مهما عملنا من أنظمة و فصّلناها من أجل تمكين أبناءنا من فرص العمل في القطاع الخاص ، لأننا بتنا نعمل في قرية عالمية صغيرة و أسواق مفتوحة تحتكم إلى الإنتاجية التي تعني في حقيقتها التكلفة الأقل لإنتاج أي سلعة أو خدمة.. و سنرى هروباً للمشاريع و الأفكار و رؤوس الأموال و معهم فرص العمل التي تخلقها أينما حلّت ..
إن الانتاجية لا تكون إلاّ في أيدي من هم أكثر التزاماً و أكثر إنتاجية و هم بالمناسبة هم أنفسهم من يملكون أكبر قدر من المعرفة و يحققون من خلالها قدرات تنافسية أعلى من غيرهم ..
فهلاّ توقفنا عن إرسال هذا الرسالة ، و أحيينا أسابيعنا التي أمتناها ، و بثثنا روح العمل و الجد و الاجتهاد و الالتزام و احترام أوقات العمل في أبنائنا؟! أرجو ذلك و الله ولي التوفيق ..
د. فائز صالح جمال
16/06/1437هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
19/06/1437 |
28/03/2016 |
مكة المكرمة |
806 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
806 التعليم و الجامعات الرأي 19/06/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/137860