الشراكة ما بين الحكومة و القطاع الخاص .. متى؟

by Admin

الشراكة ما بين الحكومة و القطاع الخاص .. متى؟

شراكة القطاع الخاص والعام و التي يُطلق عليها بالإنجليزية public–private partnership (PPP)  هي نوع من أنواع التعاقدات التي تتم بين قطاعات الدولة و القطاع الخاص من أجل تنفيذ مشروعات ضخمة تحتاج إلى تمويل كبير، مثل مشروعات البنية التحتية.

إذن فالحكومات تلجأ إلى الشراكة مع القطاع الخاص لأسباب تتعلق بالتمويل ومن أجل تأسيس بنى تحتية. و ليس من أجل تنويع مصادر دخل أو التربح كما يبدو من سلوك بعض وزاراتنا ..

إن دخول الحكومات بهذه الذهنية و أعني التربح و إيجاد مصادر دخل من خلال تأسيس شركات للعمل في مجالات هي في الأصل مجالات عمل القطاع الخاص فيه تنافس غير عادل للقطاع الخاص و الأهالي وفيه إضرار بالغ بالمجتمع في المدى المتوسط و البعيد ؛ سواء من جهة المنافسة و حرمان أفراد المجتمع من فرص العمل و الكسب أو من جهة تراجع كفاءة ما يُقدم من خدمات و تردي جودة ما يُنتج من سلع ؛ و هذه كانت نتائج تجارب الدول مع التأميم و هو ما ألجأهم مرة أخرى إلى الانسحاب عبر الخصخصة ..

تحدث الكاتب الاقتصادي الدكتور عبد الله دحلان في مقاله الذي عنونه بـ(25 %  من إيراد الغرف لشركة تحصيل حكومية) و نُشر في صحيفة عكاظ بتاريخ 19/5/1437هـ عن شركة ثقة التي أسستها وزارة التجارة لتحصيل رسوم اشتراك الغرف التجارية وهنا أتساءل عن أسباب تأسيس مثل هذه الشركة !!

هل واجهت الغرف التجارية مشاكل في تحصيل رسوم الاشتراك ليتم تأسيس شركة حكومية لتحصيلها؟ الإجابة قطعاً لا

هل هناك أي حاجة في السوق لخدمات الشركة بالقدر الذي يجعل لتأسيسها جدوى اقتصادية ؟ و الإجابة أيضاً لا

لذلك و ليكون هناك دخل للشركة استخدمت الوزارة نفوذها في استقطاع 25% من اشتراك الغرف لصالح الشركة ..

وهذا هو المعتمد عند تأسيس الشركات الحكومية ، و أعني استخدام الوزارات لسلطات الحكومة في فرض رسوم على المستفيدين من خدمات شركاتها لتحقيق جدواها و استمراراها ..

و الآن هناك حديث عن عزم إحدى الوزارات تأسيس شركة للتسويق .. و السؤال ما هي حاجة السوق لمثل هذه الشركات في توافر العشرات منها في القطاع الخاص و تمارس أعمالها بكفاءة عالية؟ و ما الذي ستقدمه أو تضيفه لصناعة التسويق؟ وهل ستحصل الجهة الحكومية على خدمات التسويق التي تحتاجها بكلفة أقل و جودة أعلى؟ و هل ستعمل في سوق التسويق كغيرها من شركات التسويق أم ستستخدم سيف الدولة لفرض رسوم و إشتراكات و تفرض خدماتها على الجهات المستهدفة بتسويقها؟

وحديث آخر عن تأسيس شركة حكومية لصيانة مباني و فنادق إسكان الحجاج في مكة المكرمة و المدينة المنورة وهي خدمات أيضاً يوفرها القطاع الخاص بوفرة و كفاءة ..

لذلك يبدو أن منطلق تأسيسها هو البحث عن مصادر للدخل للجهة الحكومية أكثر من حاجة السوق أو المجتمع لها ، و باستخدام سيف الدولة في الفرض و الإلزام بما لا يلزم ..

وهنا لابد من القول بأن مصادر دخل الدول لا تأتي من ممارستها للتجارة و منافسة رعاياها من الأهالي و القطاع الخاص و إنما من خلال ثرواتها الطبيعية و رسوم الخدمات التي تقدمها كالجمارك و رسوم البلديات و الرخص و التراخيص و الضرائب و ما إلى ذلك ..

إن دخول الجهات الحكومية في مجالات القطاع الخاص بتأسيس شركات حكومية سواء بملكية كاملة أو حتى بالشراكة مع القطاع الخاص هو دخول ضار و مدمر للقطاعات التي تدخلها ، لأن ذلك سوف يتسبب في طرد الشركات و المؤسسات الصغيرة و الأفراد الذين يعملون في ذات المجال و إلى احتكار الخدمة من قبل الشركة الحكومية و هو ما سيؤدي إلى تردي الخدمات بدلاً من الارتقاء بها في ظل المنافسة الحرة و العادلة في السوق.

لذلك نعم للشراكة في تأسيس البنى التحتية و فيما يتجاوز قدرات القطاع الخاص أو فيما لا جدوى اقتصادية له ..  و لا كبيرة للشراكة في المجالات التي يحسنها القطاع الخاص ..

د. فائز صالح جمال

03/06/1437هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

05/06/1437

14/03/2016

مكة المكرمة

792

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/135715

           

 

 

792 التجارة و الصناعة الرأي 05/06/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/135715

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق