الجمعيات الخيرية و الغرف التجارية و فقدان المعرفة

by Admin

الجمعيات الخيرية و الغرف التجارية و فقدان المعرفة

في السنوات الأخيرة كثيراً ما تردد على أسماعنا مصطلحات جديدة مثل إدارة المعرفة و اقتصاد المعرفة.

و المعرفة كما يحددها قاموس أوكسفورد هي الخبرات والمهارات المكتسبة من قبل شخص من خلال التجربة أو التعليم و الفهم النظري أو العملي لموضوع ما ، وهي مجموع ما هو معروف في مجال معين من حقائق و معلومات وهي الوعي أو الخبرة التي تُكتسب من الواقع أو من القراءة أو المناقشة.

وفي أدبيات الإدارة ظهر كذلك الحديث عن رؤوس أموال غير مالية مثل رأس المال الفكري و رأس المال الهيكلي و رأس المال البشري وجميعهم متعلق بالمعرفة و إدارة المعرفة.

فرأس المال الفكري هو المعرفة الجماعية أو الضمنية مثل الخبرات الشخصية التي قد لا تكون موثقة و لكنها مختزنة في عقول الأفراد العاملين في منظمة أو مجتمع. ويمكن تقسيم رأس المال الفكري إلى رأس المال الهيكلي و رأس المال البشري.

رأس المال الهيكلي للمنظمات يتمثل في العمليات و الهياكل و نظم المعلومات و حقوق الملكية الفكرية وجميعها مستقل عن الموظفين والمديرين. و أما رأس المال البشري فيتمثل في المعرفة والمهارات والكفاءات من العاملين في المنظمة ، و هو ما يملكه الموظفون والمديرون.

و المعرفة نوعان ، ضمنية و ظاهرية:

فالمعرفة الضمنية هي المعرفة المتعلقة بالمهارات و الخبرات و المعارف التي توجد في عقل و قلب كل فرد و من غير السهولة نقلها أو تحويلها للآخرين.

و المعرفة الظاهرية هي المعرفة المتعلقة بالمعلومات الموجودة و المخزنة في أرشيف المنظمات (الكتيبات المتعلقة بالسياسات و الإجراءات و المستندات و معايير العمليات و التشغيل) و في الغالب بإمكان الأفراد داخل المنظمة الوصول إليها و استخدامها و تقاسمها مع جميع الموظفين من خلال الكتب والندوات واللقاءات.

و أغلب المعرفة في المنظمات ضمنية يصعب التعبير عنها بوضوح. لذلك يُعد تسرب الموظفين أو تسريحهم من أهم مواضع فقد المعرفة في المنظمات ، إذ عندما يترك الموظفين أو مديري المنظمات العمل فيها فإنهم يأخذون معهم كل ما يملكونه من مهارات و خبرات و معارف ضمنية يصعب نقلها للآخرين.

سقت هذه المقدمة المطولة للتعليق على لوائح انتخابات مجالس إدارة الجمعيات الخيرية و مجالس إدارة الغرف التجارية التي منعت ترشح أعضاء المجالس بعد دورتين انتخابية كل دورة أربع سنوات.

فهذا المنع سوف يؤدي إلى فقد كبير للخبرات و المعارف في الغرف التجارية و الجمعيات الخيرية و هو ما سوف ينعكس تراجعاً في أداء جميع هذه المنظمات ذات الصبغة التطوعية.

بالإمكان تفهّم منع ترشح الرؤساء و النواب لأكثر من دورتين متتاليتين من أجل إفساح المجال لتجدّد الدماء و القيادات ، أما تنفيذ اللوائح الجديدة و منع ترشح جميع الأعضاء فسوف يؤدي إلى فقدان الخبرات و المعارف الجمعية للأعضاء و المتراكمة عبر السنين في مجالس الإدارات دفعة واحدة ، وهو ما سوف يُضعف قدرات الأعضاء الجدد على تسيير الأعمال في الغرف و الجمعيات بكفاءة. و سيتجدد و يتعمق الفقد بعد كل دورتين ..

إن الجمعيات الخيرية و الغرف التجارية هي منظمات تطوعية لا يحصل أعضاءها و لا رؤسائها على أي مقابل مادي لأعمالهم ، و بالتالي فإن حافز المتقدمين للعمل فيها هو حافز معنوي متعلق بالتقرب إلى الله و بخدمة المجتمع و النفع العام أكثر من أي شيء آخر.

و في ظني أن طرد الكفاءات و الخبرات بفعل النظام و اللوائح الجديدة ضرره أكثر من نفعه ، و البديل يكون في منع استمرار الرؤساء فقط أو الرؤساء و النواب في مناصبهم لأكثر من دورتين متتاليتين.

لذلك المؤمل من وزارتي التجارة و الشئون الاجتماعية المسارعة لمعالجة هذا الخلل بما يخدم مصالح هذه المؤسسات التطوعية و يعزز كفاءتها و يعظم منافع المستفيدين من خدماتها.

د. فائز صالح جمال

17/05/1437هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

20/05/1437

29/02/2016

مكة المكرمة

778

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/133671

           

 

 

 

778 إدارة الأعمال الرأي 20/05/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/133671

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق