الحاج هو محور تنظيمات مهنة الطوافة

by Admin

الحاج هو محور تنظيمات مهنة الطوافة

تحدثت الأسبوع الماضي باختصار عن مراحل تطور مهنة الطوافة و أكمل هذا الأسبوع لمزيد من التوضيح و التأكيد على أن تنظيمات الطوافة كانت تستهدف في النهاية راحة الحاج و تمكينه من أداء مناسكه وفقاً لمذهبه ..

و المتتبع للمسار التاريخي لتطور مهنة الطِّوَافة سيلحظ أنها ظلت تتأرجح ما بين مفهومي السؤال و التقارير على مدى عدة قرون ، (القرن العاشر وحتى القرن الرابع عشر) ، فتارة يُعتمد أسلوب السؤال و تُحل التقارير ، و تارة يُلغى السؤال يُعتمد أسلوب التقارير ، و هو أمر فيما يبدوا فرضته طبيعة و خصائص مهنة الطِّوَافة ، وما تقدمه من خدمات للحجاج ، بما في ذلك المواقيت المحدَّدَة و الأمكنة المحددة و المحدودة ، و تعدد لغات و ثقافات الحجاج.

و كان التأرجح ما بين السؤال و التقارير دائماً من أجل مواجهة السلبيات التي تنتج عن تطبيق و اعتماد أي من الأسلوبين ، و من أجل تحسين الخدمة المقدمة للحجاج.

فالتقارير تتميز بأنها أوجدت مجموعات من المطوفين ملمين بلغات و ثقافات و مذاهب الحجاج الذين تم تخصيصهم لهم بموجب التقارير ، و لكنها أفرزت نوعاً من التراخي لدى البعض باعتبار أن حجاج بلد التقرير غير مخيرين في اختيار المطوف الذي يدلهم في رحلة الحج و يكون في خدمتهم طوال فترة وجودهم في مكة المكرمة .. و هذا التراخي دفع أمراء مكة في بعض الأوقات إلى حل التقارير و إقرار أسلوب السؤال لمنح الحجاج فرصة الاختيار و بث روح المنافسة بين المطوفين الذين بدورهم ينشطون في التسويق لأنفسهم في بلدان الحجاج ..

و أسلوب السؤال يتميز بأنه يعطي الحاج الفرصة في اختيار المطوف ذو السمعة الحسنة ، و لكنه أفرز أعمال السمسرة التي يمارسها بعض السماسرة في بلدان الحجاج ويشكلون بها ضغوطاً اقتصادية على المطوفين و لا يلتزمون باعطاء الحجاج المعلومات التي تمكنهم من حُسْن اختيار المطوف الذي يفهم لغتهم و على إلمام بثقافهم و مذهبهم مقابل مبلغ يفرضوه على المطوِّف وهو ما أثّر على الخدمات و خلق جملة من الإشكالات التي تنتج عن ضعف معرفة بعض المطوفين بلغات و ثقافات و مذاهب بعض الحجاج الذين جاؤوا إليهم عبر السماسرة الذين لا يعنيهم سوى الحصول على المكاسب المادية ..

إن أداء مناسك الحج يكتنفه العديد من المحددات و التحديات التي لا يخبرها من لا يكابدها .. فهو محكوم بأماكن محددة و محدودة من ناحية المساحة ، و بأوقات محددة لا يمكن تجاوزها ؛ وهو ما يشكل ضغوطاً و تحديات كبرى لكل من يقوم على خدمة الحجاج و أولهم المطوفين.. فالمطوفون هم فعلياً المرجع لكل الجهات التي تخدم الحجاج و هم أكثر أرباب الطوائف احتكاكاً و خدمة للحجاج ، و ذلك بحكم معرفتهم بلغات و ثقافات و مذاهب الحجاج من جهة ، و بحكم نطاق ما يقدمونه من خدمات مكانياً (مكة المكرمة و المشاعر المقدسة) و زمانياً (وذروته من 8 إلى 13 ذوالحجة) .. فكلما واجهت أي جهة مشكلة ما مع حاج أو مجموعة حجاج تم استدعاء المطوف لحلها مع الحاج أو من يمثله ..

ولذلك إذا تأملنا المراحل التي مرت بها مهنة الطِّوَافة ، سوف نجد أن مفهوم التقارير يبرز في معظم المراحل ، فقد بدأت المرحلة الأولى و هي الروحانية المطلقة بـ (تقرير) ، و المتمثل في قرار أمير مكة بانتداب –تعيين- القاضي ابن ظهيرة لتطويف السلطان قايتباي ، وانتهت إلى مرحلة المؤسسات ، و هي شكل أكبر و أكثر تنظيماً من التقارير ، و المتمثل في القرارات الوزارية التي كوّنت المؤسسات وفقاً لجنسيات الحجاج.

فكما كان يخصص لخدمة حجاج البلدان و الأقاليم و الممالك مُطَوِّفون معينون بموجب التقارير التي يصدرها أمراء مكة ، و لا يمكن لغيرهم أن يقوم بخدمتهم ، فإن كل مؤسسة من مؤسسات الطِّوَافة أصبحت مخصصة لخدمة حجاج دول معينة ، لا يمكن لأي مؤسسة غيرها أن تخدمهم.

إن تقسيم المُطَوِّفين وفق هذا النظام إلى فئات حسب الجنسيات المختلفة رغم ما فيه من التقييد لحرية الحجاج في الاختيار إلاّ أنه تقسيم فرضته أولاً مصلحة الحجاج أنفسهم حيث يقوم بخدمتهم و تلبية احتياجاتهم مُطَوِّف يعرف لغتهم و يخاطبهم بها ، و يفهم ثقافتهم و يتعامل معهم على ضوء فهمه لها. (شاهين ، 2006).

د. فائز صالح جمال

01/03/1437ه


 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

03/03/1437

14/12/2015

مكة المكرمة

701

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/writing22/153747

           

 

 

 

701 الحج و الطوافة الرأي 03/03/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/writing22/153747

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق