ضبابية الرؤية التنموية في وزارة النقل!!
تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن إحدى الأعاجيب التي نعيشها وهي وفرة العمالة و تعثر المشاريع في نفس الوقت ، و أشرت إشارة عابرة لبعض الأمثلة للمشاريع المتعثرة لعقود و ليس لسنوات ، و ذكرت من بينها بعض مشاريع وزارة النقل ، مثل طريق مكة جدة القديم و الخطوط الدائرية في مكة المكرمة ، الأول و الثاني و الثالث ..
و للتوضيح فإن مشروع توسعة طريق مكة جدة القديم ليكون رديفاً للسريع بدء منذ أكثر من عقد من الزمان و لم ينته حتى اليوم ، وهو في رأيي أثر سلبياً على تنمية المدن الصغيرة التي تقع عليه مثل حداء و بحرة و بحرة المجاهدين و أم السلم وحتى الجموم ..
و أما الطرق الدائرية الثلات في مكة بدءت و نُفذت أجزاء منها منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم تكتمل حتى اليوم ، و وصلة من الطريق الثالث الشمالية و الغربية بدأت منذ أكثر من سبع سنوات و لم تنته حتى اليوم ، و قد اضطرت هيئة تطوير مكة لسحب المشروع و تسليمه لمقاول مشروع إعمار مكة لتسريع إنجازه..
و ما يعنيني في مقال اليوم هو تسليط الضوء على أثر النقل على التنمية و على حياة الناس ..
فالنقل يُعد أساساً مهماً في تحقيق تنمية مستدامة و ركن ركين من أركان الإقتصاد في أي مجتمع ، فالصناعة و التجارة و التصدير و الاستيراد كلها تتأثر بالنقل .. وكلما كانت منظومة النقل كفؤة وفعّالة كلما كان الاقتصاد كذلك و العكس صحيح ..
و للنقل انعكاس على حياة الناس ، إذ كلما كان النقل منساباً و سلساً و سريعاً كلما عاش الناس حياة أفضل ، و كلما كان صعباً و مختنقاً كلما تعكرت حياة الناس و ضاعت أجزاء معتبرة من أعمارهم في ضيق و كدر بسبب ما يقضونه من ساعات طويلة أثناء تنقلهم على الطرقات المزدحمة ..
و للنقل كذلك انعكاس على انتاجية المجتمعات ، فالمجتمعات التي تقضي جزءً كبيراً في تنقلاتهم من و إلى أعمالهم سيكونون أقل انتاجية نتيجة للإجهاد و الكدر و التوتر الذي ينتابهم على الطرقات المزدحمة ..
و للنقل أثر على البيئة و على صحة الناس فعندما يغيب النقل العام بوسائله المختلفة ليضطر كل شخص إلى شراء سيارة لاستخدامها في تنقلاته –كما هو الحال في كل مدننا- فهذا يعني تلوثاً أكبر بالعوادم التي تنفثها المركبات ، و يعني كذلك قلة حركة الناس و خمولهم إذ لا وجود لفرص المشي من و إلى محطات النقل العام وكل شخص يستخدم سيارته التي يوقفها بجوار باب بيته ، و هذا يعني الجمع بين عسرين كثرة التلوث و ضعف الصحة.
كل هذه الآثار على التنمية و على حياة الناس و نجد مشاريع وزارة النقل تمشي مشي السلحفاء و كأن العاملون في الوزارة لا يعون أهمية النقل و آثاره على التنمية بأبعادها الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية و البيئية ، و انعكاساته على حياة الناس ..
لذلك أشعر بأن الرؤية التنموية في وزارة النقل غائبة و في أقل الأحوال هي ضبابية لدى معظم العاملين في الوزارة ..
بقي القول بأنه من الملاحظ أن وزارة النقل تركز اهتمامها على مشروع قطار الحرمين يتضح ذلك من خلال تكرار الزيارات الميدانية التي يقوم بها معالي الوزير لتفقد المشروع بينما تغط معظم مشاريعها في نوم عميق لا يقطعه سوى بعض يقظات عابرة و تصريحات لا تتجاوز أن تكون حبراً على صفحات الصحف لا يتحقق منها شيء ..
فمتى يحظى النقل بما يستحقه من عناية ليس فقط من وزارة النقل و إنما من بقية الوزارات المعنية ومن مجلس الوزراء؟
د. فائز صالح جمال
06/06/1435هـ @fyzjml
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
05/06/1435 |
05/04/2014 |
عكاظ اليوم الإلكترونية |
— |
رأي – كتاب و مقالات |
التعديل : ما تحته خط |
|||||
حكومية الرأي 05/06/1435 عكاظ اليوم الإلكترونية رابط المقال على النت http://www.okazalyoum.com/?p=272191