أكذوبة مراقبة الأسعار في أسواقنا
كثيراً ما يطالب الناس وزارة التجارة بمراقبة الأسعار وتحديدها ، فكلما مررنا بموجة من موجات التضخم و ارتفاعا الأسعار تعالت الأصوات مستنجدة بوزارة التجارة و بجمعية حماية المستهلك لمراقبة الأسعار و وضع حد لارتفاعاتها ، و صبّ الناس جام غضبهم على التجار و وصفوهم بالجشع و الطمع و عدم الوطنية.
و لعلنا نتذكر تصريح معالي وزير التجارة و الصناعة الشهير أيام أزمة ارفاع أسعار الأرز قبل سنوات و قوله بأن لدينا أنواع عديدة من الأرز وأن بإمكان المستهلك الاختيار من بينها ما يناسب قدرته الشرائية ، إلا أن الصحافة و بعض الكتاب شنّو حملة شعواء على الوزير -و كان حينها هو معالي د. هاشم يماني رئيس هيئة الطاقة المجددة حالياً- و جعلوا تصريحة مادة للتندر و السخرية ؛ مع أن الوزير كان محقاً و ناصحاً و صادقاً مع نفسه و مع الناس باعتبار أن أسواقنا مفتوحة ، و أنه لا يمكن للوزارة أن تتدخل في الأسعار بشكل مباشر في ظل تعدد الأنواع و البدائل و اختلاف أسعارها ، وأن المنافسة في السوق هي الكفيلة بإعادة التوازن للأسعار.
ولعل القاريء الكريم يتذكر في ذات السياق توصية أحدهم بدعم أسعار الأرز وقتها فصدر أمر خادم الحرمين بدعمه بألف ريال للطن ، ولعله يتذكر أيضاً ماذا كانت النتيجة ؛ النتيجة كانت أن الدعم ذهب للتجار و لم يستفد من المستهلك بشيء ، و هي نتيجة متوقعة ، ببساطة لأن الأنواع متعددة و الأسعار مختلفة و الدعم ريال واحد لكل كيلو غرام و هو رقم بسيط يذهب في ثنايا اختلافات الأسعار بين أصناف الأرز وبين محل و آخر.
الدعم و التدخل في الأسعار لا يكون إلا في سلع محددة ومصدرها واحد تتحكم فيه الحكومات مثل المواد البترولية و استهلاك الكهرباء و المياه و القمح أما بقية السلع التي تتداول في ظل أسواق مفتوحة وتوافر بدائل متعددة لكل سلعة فلا يصح الدعم أو التدخل في التسعير لأنه لا يفيد ..
قد يقول قائل ما هو الحل ؟ و ما هو الصحيح ؟
الحل هو في عمل وزارة التجارة على تعزيز المنافسة في الأسواق و في مراقبتها للأسواق و ليس للأسعار ؛ لأن المنافسة تنتهي لصالح المستهلك ، حتى إن ضربت الأسواق موجات تضخم و ارتفاع أسعار سواء بفعل قرارات اقتصادية أو مالية داخلية أو حتى بفعل أوضاع الأسواق الخارجية فإنها سرعان ما تعود للتوازن مرة أخرى ، و أما تدخل الحكومة في الأسعار فمآله تردي السلع و الخدمات و نقصها و ارتفاع تكلفتها بمرور الوقت و المتضرر في النهاية هو المستهلك .. ولعل مثال التنافس بين شركات الاتصالات يوضح ما أقصده..
و أما مراقبة الأسواق فهي مراقبة من أجل تعزيز المنافسة و حماية المستهلك ، وذلك من خلال منع الاحتكار بأنواعه المختلفة ، و بمكافحة الغش التجاري ، و منع حالات التدليس و الغبن التي قدر يتعرض لها المستهلك ..
وبقي أن أقول أن على الصحافة و الاعلام عموماً العمل على توعية الناس لا تضليلهم بأكاذيب كأكذوبة مراقبة الأسعار.
و الله الهادي و المستعان.
د. فائز صالح محمد جمال
04/3/1435هـ
Email:fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
4/03/1435 |
06/01/2014 |
عكاظ اليوم الإلكترونية |
— |
رأي – كتاب و مقالات |
التعديل : ما تحته خط |
|||||
التجارة و الصناعة الرأي 4/03/1435 عكاظ اليوم الإلكترونية رابط المقال على النت http://www.okazalyoum.com/?p=200230