ضعف قطاع المقاولات أثّر على حياتنا
تحدثت في مقال سابق نُشر بصحيفة المدينة بتاريخ 8/11/1434هـ عن منظومة النقل العام باعتبار أنها أمل سيغير حياتنا ، و في هذا المقال أود الحديث عن قطاع المقاولات ، و أعني قطاع البناء و التشييد ، و كيف أثّر ضعفه على حياتنا ، فقد نشرت الصحف على مدى السنوات الماضية و لاتزال تنشر حتى الآن عن تأخر آلاف المشاريع عن مواعيد إنهائها ..
مشاريع إنشاء الطرق و الجسور و التقاطعات و المستشفيات و المدراس و مشاريع وزارة الإسكان و المطارات .. إلى آخره كلها مشاريع متعثرة و متجاوزة مدد تنفيذها التي هي في الأساس أطول من مدد مثيلاتها في دول أخرى..
فجسر يُفترض أن يُنجز في أشهر يظل سنوات ، و مستشفى يُنجز في سنتين يظل تحت الانشاء حوالي عشر سنوات ، حتى شبكة النقل العام الموعودة في مكة و جدة أعلن أنها ستستغرق سبع سنوات في حين أن شبيهها في دبي لم يستغرق سوى أربع سنوات .. وهكذا ..
مشاريع بناء و ترميم و صيانة المدراس في جميع مدن المملكة متعثرة و متأخرة عن مواعيد تسليمها ، و بدء العام الدراسي و لم ينتهي جزء معتبر من هذه المشاريع ، و دفع الطلبة و الطالبات و من ورائهم أسرهم الثمن مادياً و معنوياً و نفسياً .. لأن نقص المدراس يؤدي إلى ضم مدارس إلى مدارس أخرى ، بحيث تتناوب على المباني المدرسية المتوفرة أكثر من مدرسة ، مدرسة تداوم و يداوم طلبتها صباحاً و الأخرى تداوم ظهراً..
هذا الوضع يؤثر على حياة الأسر مادياً بسبب الاضطرار لترتيب النقل للطلبة و المدرسين في الأسرة مرتين ، و معنوياً لتقلص أوقات الالتقاء بين أفراد الأسرة الزوج و الزوجة و الأولاد ، و وضع ضغوط نفسية على الجميع ..
و السبب في النهاية ضعف قطاع المقاولات الذي أصبح التأخير سمة ملازمة لجميع المؤسسات و الشركات العاملة فيه بما في ذلك الكبرى منها .. و التأخير يمتد لسنوات عديدة ..
وهذا الأمر ينسحب على مشاريع الطرق و الجسور و القطارات و البنى التحتية .. و حتى مشاريع القطاع الخاص و مشاريع بناء مساكن الأهالي .. ولتأخر هذه المشاريع أيضاً آثارها المادية و المعنوية و النفسية علينا و على حياتنا و تمتد آثار بعضها إلى اقتصادنا و بيئتنا ..
الملفت أنه برغم الشكاوى المتكررة من تأخر كل المشاريع عن المواعيد المحددة لإنهائها و لأوقات طويلة جداً إلاّ أنه لا جهة حكومية معنية قامت بأي خطوة تُذكر لمواجهة ما يعانيه قطاع المقاولات ، و حل الإشكالات التي أدت إلى ضعفه للحد الذي بات يؤثر على حياتنا بشكل كبير ..
فلا وزارة التجارة و الصناعة و لا وزارة العمل ولا وزارة الشئون البلدية و القروية قامت بأي دراسة جادة لأسباب تعثر المشاريع و لا ضعف أداء قطاع البناء و التشييد .. و لا نرى و نسمع إلاّ السكوت و الاستسلام لهذا الضعف ، بل و العجز عن مواجهة هذا الضعف حتى بموجب النظام الذي يسمح لسحب المشروع من المقاول المتأخر و تسليمه لغيره ، لأن الواقع يؤكد أن كل المنشآت العاملة في القطاع تعاني من تعثر وتأخر ، و العلاج الوحيد في بعض المشاريع هو تجاوز الأنظمة و ترسيتها بالأمر المباشر على عدد محدود من المقاولين الكبار المستثنون من مضايقات و تعسفات وزارة العمل المستمرة في التضييق على غيرهم ..
إن قطاع المقاولات يحتاج إلى دعم معرفي و تنظيمي و إلى عمل دؤوب من أجل النهوض به و تقويته من أجل الارتقاء بمستويات معيشتنا و حياتنا ..
أتذكر في أن العديد من الشركات التركية و الكورية و المصرية ساهمت في طفرة المشاريع الأولى التي بدأت أواخر التسعينات الهجرية من القرن الماضي و أنجزت مشاريع بمواصفات أعلى من بعض ما يتم إنجازه الآن و في مدد تُعد قياسية لو قُورنت بمدد هذه الأيام ..
السؤال لماذا أحجمت هذه الشركات الآن من دخول أسواقنا و المساهمة في انجاز المشاريع و في الارتقاء بالقطاع .. سؤال أضعه تحت أنظار من يهمه الأمر !!
د. فائز صالح محمد جمال
05/02/1435هـ
Email:fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الثلاثاء |
05/2/1435 |
08/12/2013 |
عكاظ اليوم الإلكترونية |
— |
رأي – كتاب و مقالات |
التعديل : ما تحته خط |
|||||
التجارة و الصناعة الرأي 05/2/1435 عكاظ اليوم الإلكترونية رابط المقال على النت http://www.okazalyoum.com/?p=174547