منى هي عامل النجاح الحرج الأهم في الحج
مشعر منى يمثل في تقديري أهم عامل نجاح حرج لرحلة الحج ، و برغم كل الجهود و الانشاءات التي أحدثت خلال العقدين الماضية إلاّ أنها لا تزال بمثابة عنق الزجاجة ؟؟
فقد تساءلت قبل ستة عشر عاماً وفي مقال نُشر في جريدة الندوة أواخر عام 1418هـ (رابط المقال http://www.fayezjamal.com/features/nadwa/item/107 ) عن الخيام المقاومة للحريق في منى هل هي البديل الأمثل ؟! وكان ذلك بعد صدور الأوامر باعتماد بناء الخيام المقاومة للحريق على إثر الحريق الكبير يوم التروية من حج عام 1417هـ و الذي راح ضحيته آلالاف الحجاج ..
و كنت أعني بذلك هل الاستمرار في الاعتماد على بديل الخيام في إسكان منى هو البديل الأمثل للاسكان في منى حتى باعتبار أنها ستجعل الإقامة في الخيام أفضل من الخيام السابقة؟
وتساءلت .. “هل الخيام المقاومة للحريق ستقضي مثلاً على أم المشاكل في منى ، وهي مشكلة الافتراش ؟؟”
و أجبت .. “بالطبع لا .. فالخيام كبديل إسكان يظل بديل قاصر ولا يمكنه مواكبة الزيادة المطردة في أعداد الحجاج عاماً بعد عام ، لأن الخيام غير قابلة لتعدد الأدوار ، وهذا يجعل مساحة الإسكان -والمحدودة بمساحة منى شرعاً- ثابتة في حين أن عدد السكان في تزايد مستمر”
و تنبأت حينها بتعزيز مشكلة الافتراش واستشراءها بمرور الوقت .. وقد كان ..
و تمنيت في نهاية مقالي و بعد التدليل على انتفاء حجة منع البناء وهي أن منى مناخ لمن سبق -تمنيت- على أصحاب القرار إعادة النظر في بديل الخيام و التحول إلى بديل البناء بدءً من سفوح الجبال ..
بالطبع لم يجب حينها أحد على تساؤلاتي ، و لم يُلتفت لتحذيراتي ولا أمنياتي ، و استمر تنفيذ مشروع الخيام على مدى عدة سنوات ..
و لزيادة مساحات الإسكان التي تقلصت بفعل هدم المباني التي كانت موجودة في منى ؛ و لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحجاج تم تمديد مساحات الخيام على مسطحات مصطنعة على بعض سفوح الجبال ، و تم تمديدها إلى مشعر مزدلفة ، وهو ما خلق اشكالات مع الحجاج الذي لم يقتنعوا بفتوى صحة المبيت في مزدلفة أيام منى اذا اتصلت خيامها بخيام منى ، وما لبثت أن عادت مساحة الاسكان تتقلص بفعل مشروعي جسر الجمرات وقطار المشاعر و تلاشت -بل أقول لم تظهر- نتائج التوسعات المتكلَّفة و المكلِفة لطاقة الإسكان في منى ، لأن تزايد الحجاج كان مستمراً بطبيعته و طاقة الإسكان لم تواكبه بسبب اعتماد الخيام ..
فأدى هذا الواقع إلى تضييق المساحات المخصصة للحجاج من 1.6م مربع لكل حاج عند بدء تنفيذ مشروع الخيام إلى أقل من متر مربع ، وهو ما أفرز ظاهرة جديدة وهي افتراش حجاج الخارج الذين لم يسبق أن كانوا ضمن أعداد المفترشين .. و إلى نقص حاد في أعداد دورات المياه و في محلات بيع الأطعمة و الأشربة و غابت الأسواق التي كانت تزين أيام منى التي وصفها المصطفى صلى الله عليه و سلم بأنها أيام أكل وشرب ، وهو ما يقتضي وفرة الأكل و الشرب فيها ، لكن الواقع الذي أوجده اعتمادنا على بديل الخيام منفرداً أدى إلى عدم تحقيق هذا الوصف..
و تفاقمت بالفعل مشكلة الافتراش و ازدادت الإعاقة لكل الخدمات بلا استثناء ، النقل ، الاسعاف ، الطوارئ ، النظافة وغيرها و تراجعت مستوياتها جميعاً .. وعندها اضطررنا إلى اطلاق حملات (لا حج بلا تصريح) وهو خلاف الواجب و خلاف ما تتبناه الدولة من تسهيل أمور الحجاج الذين استجابوا لنداء ربهم (وأذن في الناس بالحج)..
في رأيي أننا بحاجة إلى حزمة من الحلول العاجلة و الآجلة .. أما الآجلة فقد يكون من بينها الحلول المبنية على اختلاف الآراء الفقهية لأحكام الحج التي تسمح بما يمكن تسميته بـ (الحج عرفة) و الأخذ بسنية المبيت في منى وجواز التوكيل و القضاء في رجم الجمرات ، و بـ (الحج المجدول) و الأخذ بفسحة الأزمنة في التصعيد لعرفة و النفرة منها على دفعات ..
و أما الحلول العاجلة فأولها هو بناء منى الذي ظل يرواح مكانه لعقود و آخر تجاربه الأبراج الستة التي مضى على بنائها قرابة العشر سنوات .. فهو كفيل بمعالجة مجموعة من الاختلالات دفعة واحدة ..
وبدون بناء منى ستظل العامل الحرج المؤثر سلباً على منظومة الحج بكاملها وعلى سمعة المملكة التي تبذل الكثير في سبيل خدمة الحجاج ..
منى تجاوزتها كل عوامل النجاح الأخرى في رحلة الحج و لازالت تتقدم عليها كالمسجد الحرام و المطاف و المسعى و عرفات و مزدلفة و منظومة الطرق و وسائل النقل ..
فهل من مجيب ؟ أرجو ذلك مخلصا .. و الله ولي التوفيق
د. فائز صالح محمد جمال
17/12/1434هـ
Email:fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الثلاثاء |
17/12/1434 |
22/10/2013 |
عكاظ اليوم الإلكترونية |
— |
رأي – كتاب و مقالات |
التعديل : ما تحته خط |
|||||
الحج و الطوافة الرأي 17/12/1434 عكاظ اليوم الإلكترونية رابط المقال على النت http://www.okazalyoum.com/?p=124973