جذب الاستثمار الأجنبي أم استبقاء المحلي ؟!

by Admin

جذب الاستثمار الأجنبي أم استبقاء المحلي ؟!

سؤال هام ، ولابد لنا من التصدي للإجابة عليه بموضوعية ، بعيداً عن التشنج أو العاطفة . فأيهما يحتل الأولوية على الآخر ، هل جذب الاستثمار الأجنبي ، أم استبقاء رؤوس الأموال الوطنية وتشجيعها على البقاء مستثمرة داخل الوطن ؟ وبعبارة أخرى هل نتوقع أن ننجح في جذب رؤوس الأموال الأجنبية ، و أسواقنا غير قادرة على اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية المهاجرة ، أو حتى استبقاء تلك التي بدأت تعد العدة للهجرة بحثاً عن فرص استثمارية أفضل ؟

من الطبيعي أن يبحث رأس المال الوطني في أي مكان في العالم عن فرص استثمارية غير متاحة في وطنه ، و هذا أمر قد لا نختلف عليه ، وبالتالي فإنه من الطبيعي أيضاً أن تتنافس الدول على رؤوس الأموال الباحثة عن فرصة استثمارية ، و تحاول جذبها من خلال الحوافز المختلفة ، و بقدر ما تقدمه كل دولة من تسهيلات حقيقية ، يكون نجاحها في اجتذاب رأس المال الأجنبي .

يُكثر بعض الكتّاب من توجيه اللوم لرجال الأعمال والمستثمرين على استثمارهم خارج الوطن ، و يغمزونهم في وطنيتهم و في وفائهم لأوطانهم ، ويتهمونهم بالجحود والنكران ، ويكررون اسطوانة المن عليهم وبأن ما هم فيه من خير إنما هو من خير أوطانهم .. وما إلى ذلك ؟؟ ولا يمل البعض من تكرار هذه الأسطوانة بمناسبة و بغير مناسبة ، ولم يناقش أي منهم أسباب توجه رؤوس الأموال الوطنية إلى الاستثمار خارج الوطن ، وما إذا كانت تلك الأسباب موضوعية ، و هل هي أسباب داخلية أم هي أسباب و حوافز خارجية ؟

وعندما نتحدث عن أسباب داخلية ، فإننا نتحدث على سبيل المثال عن معوقات اجرائية ، أو عن أنظمة غير مشجعة ، أو بيروقراطية قاتلة ، أو حتى عن قلة الفرص و صغر حجم السوق مقارنة ببعض الأسواق الخارجية ، و عندما نتحدث عن أسباب و حوافز خارجية فإننا نسمع عن حوافز و إعفاءات ضريبية ، وتسهيلات إجرائية ، و ترحيب حار برأس المال الأجنبي الباحث عن فرصة استثمارية في مجال ما ..

إذاً لابد لنا قبل أن نوجه اللوم لرجال الأعمال أن نناقش الأسباب التي دفعتهم إلى الاستثمار خارج الوطن ، ونسعى للقضاء على الأسباب الداخلية الطاردة لرأس المال أو بالأصح المشجعة له على البحث عن فرص في خارج الوطن ، وأن نتعلم من الأسباب الخارجية ، ومن تجارب الدول التي نجحت في اجتذاب رؤوس الأموال الباحثة عن فرص استثمارية ..

فعلى مستوى الأسباب الداخلية نجد أن الإجراءات التي يحتاج المستثمر أن يمر بها لكي يبدأ نشاطه كثيرة ومعقدة ومتعددة الجهات ، و هذه الإجراءات للأسف ازدادت تعقيداً في الوقت الذي أصبحت فيه الأسواق تعاني من ركود نسبي ، فمثلاً الزيادات التي حصلت في الوقود و الكهرباء و في جميع الرسوم التي تُستحصل في مجال الأعمال حصلت في وقت يعاني في السوق من تراجع ، فاجتمع على رجال الأعمال من تجار وصناع عسران ، الأول : من الأوضاع الاقتصادية و تراجع الأسواق بشكل عام ، والثاني : من الأنظمة والإجراءات و زيادة الرسوم ..

فبدلاً من أن تعمل الأنظمة في اتجاه انعاش الأسواق والحركة الاقتصادية ، نجد أنها في بعض الأحيان تسير عكس ذلك ، ففي ظل تراجع الأسواق زادت تكاليف الوقود و الكهرباء و الهاتف ، ورسوم العمالة ، ورواتب العمالة أيضاً نتيجة لسعودة  الوظائف ، وهذه الحالة لاشك أنها تؤثر بشكل كبير على معدل العائد على الاستثمار المحلي ، وهذا بدوره يضغط في اتجاه البحث عن فرص في الخارج ..

و قد سبق أن نشرت الصحف عن عزم بعض الصناعيين على تفكيك مصانعهم و نقلها إلى أسواق مجاورة ، بسبب رسوم تأشيرات استقدام العمالة ، التي سببت ارتفاعاً في تكاليف الإنتاج ، مما أدى إلى ضعف المصانع أمام المنافسة الخارجية ، و تراجع العائد على استثماراتهم التي تقدر بعشرات الملايين .

هناك من يعتقد أن عائد الاستثمار في الخارج أقل مما هو في الداخل ، وهذا اعتقاد غير صحيح ، إذا عرفنا أن المستثمر يبحث عن أفضل عائد لرأس المال ، ولو وجده في الداخل لن يذهب إلى الخارج ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إذا علمنا أن حجم بعض الأسواق التي يتجه إليها المستثمر في الخارج أكبر بكثير ، و حجم الطلب كبير جداً ، و هو ما يجعل العائد أفضل حتى في ظل الضرائب والأجور المرتفعة نسبياً ، هذا بالإضافة إلى أن هناك فرصاً غير متاحة في السوق المحلي أصلاً ..

الخلاصة ، يجب علينا تقصي الأسباب الحقيقية و الموضوعية لرحيل رؤوس الأموال ، والعمل على معالجتها ، وعلينا كذلك الاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في استقطاب رؤوس أموالنا الوطنية ، خصوصاً تلك الدول المجاورة والقريبة و المشابهة لنا ، فهذا أفضل وأنجع من توجيه اللوم لرجال الأعمال ..

والله المستعان ..

2/1/1421هـ   فائز صالح محمد جمال    فاكس 5422611-02E-mail: fayezjamal@yahoo.com


بيانات النشر

نُشر يوم : الأحد الموافق 4/1/1421هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12603        صفحة رقم : 7 (الرأي) .

التعديل : لا يوجد .

 

12603 التجارة و الصناعة صفحة الرأي 4/1/1421 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق