قرار المصلحة .. عدالة مفقودة ، و هدف لن يتحقق !!

by Admin

قرار المصلحة .. عدالة مفقودة ، و هدف لن يتحقق !!

كنت قد كتبت الأسبوع قبل الماضي حول قرار مصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة مكة المكرمة بفرض رسوم دون الرجوع إلى مجلس الوزراء ، ومخالفة بذلك ما نص عليه النظام الأساسي للحكم ، والذي يؤكد في المادة رقم عشرين منه على عدم فرض رسوم إلاّ عند الحاجة ، و على أساس من العدل ، و أن يكون ذلك بنظام يصدر بمرسوم ملكي .

و أنا في الواقع و إن كنت لا أزال مندهش و مستغرب من جرأة جهة حكومية كالمصلحة على مخالفة نظام الحكم وإصرارها على ذلك ، إلاّ أن دهشتي أكبر من عدم اكتراث المصلحة و مرجعها و هي وزارة الشئون البلدية والقروية بما كُتب حول هذا الموضوع ، والاستمرار في استحصال الرسوم ، وسبب الدهشة والاستغراب يكمنان في أن المصلحة تجاوزت أعلى نظام للدولة و الذي يُعد بمثابة الدستور و هو النظام الأساسي للحكم .

عموماً في مقال هذا الأسبوع أود أن أتطرق إلى جدوى القرار ومدى إمكانية تحقيقه للهدف منه .

فالمصلحة تؤكد على لسان مديرها العام وفي لقاء جمعه برجال الأعمال في مكة المكرمة أن سبب فرض هذه الرسوم هو أن العمر الافتراضي لشبكتي المياه والصرف الصحي بمدينة مكة المكرمة قد انتهى ، وبالتالي فإن الهدف هو تحديثهما ، و إلاّ فنحن مقبلون على كارثة حقيقية ، و التقرير الذي تم عرضه أثناء اللقاء أشار إلى المشاكل التي تواجه المصلحة ، و أكد على اهتراء الشبكتين و عرض صوراً لطفوحات غزيرة من شبكة الصرف أثناء موسمي رمضان و الحج ، و وأشار التقرير إلي أن تحديث الشبكتين سيكلف ما يقدر بأكثر من ثلاثة آلاف و أربعمائة مليون ريال ..

و قد دار نقاش طويل في تلك الليلة و أبدى العديد من الحاضرين اعتراضهم على الرسوم من عدة وجوه :

الوجه الأول : الاعتراض على مبدأ الفرض على المواطن أو المستثمر في مكة دون غيره في المدن .

الوجه الثاني : أن فرض الرسوم على المشاريع الجديدة ، في حين أن المستفيدين من التحديث -إن حصل- الجميع ، أي أصحاب المشاريع الجديدة و أصحاب المشاريع التي انتهت قبل صدور القرار .

الوجه الثالث : أن الرسوم المحصلة سوف لن تفي بما تحتاجه الشبكتان من مبالغ كبيرة للتحديث .

الوجه الرابع : أن قرار الرسوم جاء نتيجة قصور أداء المصلحة في السنوات الماضية وليس للمواطن في مكة يد في ذلك .

و قد أبديت في حينه وجهة نظري لسعادة المدير العام ، و المتمثلة في أن مثل هذه الأمور لن يحلها قرار من المصلحة ، و أن مواجهة واقع شبكتي المياه و الصرف الصحي بمدينة مكة المكرمة لن يكون بفرض رسوم لا تتوافر على العدالة ، و إنما يكون من خلال قرار من القيادة العليا لتصحيح الوضع و تصحيح المسار ، و اقترحنا عليه رفع الأمر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين .

و عندما اقترحت رفع الأمر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين ، كنت واضعاً نصب عيني أمرين هامين :

الأول : أن القرار سوف لن يحقق الهدف لأن المبالغ المحصلة على الرغم من كبرها نسبة إلى دافعها ، فإنها لن تكفي لتغطية تكاليف مشاريع تحديث الشبكتين ، وبالتالي سوف تظل المشكلة وقد تتفاقم وتحدث الكارثة.

الثاني : أن هناك جهات واجهت بعض الأزمات الكبرى الحقيقية ، و لم تواجه من خلال قرارات من قبل تلك الجهات ، لأنها أكبر حجماً من قدراتها ، وإنما تم مواجهتها برفع الأمر للجهات العليا و استصدرا قرارات ، لا تتجاوز الأنظمة المرعية ، و تحقق العدالة بين جميع المواطنين ، و تحقق المصلحة العامة ، و بالتالي تحقق الهدف ، و ذكرت منها تجربة شركات الكهرباء وأزمة توليد الطاقة ، حيث تم مواجهتا بفرض رسم الاستهلاك الذي خصص لدعم مشاريع توليد الطاقة ، و أزمة الهاتف وقرار مشروع التوسعة الكبرى الذي قارب على الانتهاء ، و قرار دعم أسطول الخطوط السعودية بالستين طائرة تمهيداً لخصخصتها .

ولذلك فإنني أكرر اقتراحي لسعادة مدير المصلحة برفع الصورة كاملة لواقع شبكتي المياه و الصرف الصحي بمكة المكرمة ، و كذلك واقع نقص المياه المستمر فيها ، و عدم وصول خدمات المصلحة للعديد من احيائها ، إلى ولاة الأمر ، ونحن على ثقة بصدور القرار المناسب بما يحقق الهدف ، و دون الإضرار بالمواطن أو المستثمر في مدينة مكة المكرمة .

 

24/8/1420هـ   فائز صالح محمد جمال      فاكس 5422611-02E-mail: fayezjamal@yahoo.com


بيانات النشر

نُشر : يوم : الاثنين الموافق 28/8/1420هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12501        صفحة رقم : 7 (الرأي) .

التعديل : تعديل كلمة عدالة بمنطقية في العنوان .

 

12501 مكة المكرمة الرأي 28/8/1420 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق