وزارة المالية و تأخير صرف المستحقات
حدث في أزمة أسعار البترول السابقة في الثمانينات الميلادية أن تأخر صرف مستحقات التجار و المقاولين والمزارعين لدى بعض الجهات الحكومية ، و امتد في بعض الأحيان إلى عدة سنوات ، و أدى هذا بدوره إلى عجز البعض عن الوفاء بما عليه من مستحقات لآخرين ، و هؤلاء الآخرين أيضاً عجزوا عن تسديد ما عليهم من مستحقات لآخرين وهكذا ..
و امتد أثر تأخر صرف المستحقات و تراكم معاملاتها لدى وزارة المالية ، فشمل معظم مؤسسات القطاع الخاص ، و قطاعنا الخاص كما هو معلوم يعتمد إلى حد كبير في بقائه وحيويته على الإنفاق الحكومي .. فكلما زاد الإنفاق الحكومي ممثلاً في المشاريع المختلفة كلما زادت حيوية مؤسسات القطاع الخاص ونمت وتطورت ، و العكس بالعكس صحيح ..
و لعل أهم قصور أو أثر لتأخر صرف المستحقات أن بعض مؤسسات القطاع الخاص عجزت عن سداد الرواتب الشهرية لعمالتها ، و خصوصاً تلك المؤسسات المرتبطة بعقود تشغيل و التي تعتمد على أعداد كبيرة من العمالة ..
وفيما أتصور أن طول مدة آثار أزمة أسعار البترول في الثمانينات ، أدى إلى تعوّد البعض عفا الله عنا و عنهم على تأخير رواتب عمالتها وعلى الأخص العمالة ذات الرواتب المتدنية ، واستمرأ البعض هذه العادة حتى بعد انفراج الأزمة وصرف الحكومة لجميع المستحقات المتأخرة ، و هذا أسوأ أثر لتأخير صرف المستحقات الحكومية في الأزمة الماضية ..
لذلك يجب على الجهات المعنية الأخذ في الاعتبار بأن لسان الحال يقول بأنه إذا كانت الجهات الحكومية و وزارة المالية تتأخر في صرف مستحقات التجار و المقاولين ، فإن تأخر التجار والمقاولين في صرف مستحقات العاملين لديهم هو من باب أولى ..
و ما دعاني لاسترجاع أحد آثار أزمة أسعار البترول السابقة ، هو ما بدأنا نسمعه من تأخر بعض المؤسسات والشركات في صرف رواتب العمالة لشهور عديدة ، و من يعترض من هذه العمالة أو يُطالب بصرف مستحقاته لكي يتمكن من تحويل بعضاً منها إلى عائلته التي جاء للعمل عندنا من أجل توفير لقمة العيش لهم ، يُعاقب بإنهاء خدماته و تسفيره إلى بلده ، بل إن بعض أصحاب المؤسسات يعمدون أيضاً إلى تخفيض الرواتب عما تم التعاقد عليه مستغلين حاجة هؤلاء العمال ، فقد حكى لي أحد هم -من العمالة الآسيوية- أن الكفيل صاحب المؤسسة عمد إلى تخفيض راتبه المتعاقد عليه من 800 إلى 400 ريال وذلك فور وصوله ، و كان جزاؤه إذا اعترض العودة إلى بلده ، و ليس هذا فقط بل هو الآن بدون راتب أو سكن لأكثر من أربعة أشهر .. فهل هذا معقول ، وهل يجوز لنا السكوت على ما يقوم به البعض منا من سوء معاملة و أكل حقوق هؤلاء الضعفاء ؟
إن ما أود أن أبثه من خلال هذا المقال هو المطالبة والتمني على وزارة المالية ونحن نعيش أزمة أسعار البترول الحالية و التي تُعد أصعب من الأزمة السابقة هو تجنب سياسة التمويل بتأخير صرف المستحقات ، و الحرص على الصرف أولاً بأول لما تم اعتماده في الميزانية ، و ما تم الارتباط به عند التعاقد مع مؤسسات ، حتى لا تتكرر الآثار السلبية اقتصادياً على مؤسسات القطاع الخاص ، و على حقوق العمالة في تلك المؤسسات ، و حتى لا نوجد المبرر لبعض أصحاب المؤسسات الذين استمرؤا تأخير حقوق العاملين لديهم وأكل بعضها ظلماً وعدواناً حتى في حال استلامهم لحقوقهم من وزارة المالية و توفر السيولة لديهم ..
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق للجميع ..
24/11/1419هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق 25/11/1419هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12270 صفحة رقم : 9 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12270 حكومية الرأي 25/11/1419 الندوة رابط المقال على النت http://