إلى متى ؟؟ (6) ـ سيارات الأجرة و النقل العام

by Admin

إلى متى ؟؟ (6)

سيارات الأجرة و النقل العام

من المعروف أن لخدمات النقل العام المتمثلة في سيارات الأجرة العامة و الحافلات و غيرها من وسائل النقل العام فوائد جمة اقتصادياً و اجتماعياً ، و تتزايد هذه المنافع وتتعاظم كلما تطورت خدمات النقل العام ، و انتظمت خطوطها على مدار الساعة ، و غطت جميع أنحاء المدينة بطريقة مدروسة ..

و لعل من المنافع التي يمكن أن نجنيها من تطور النقل العام عندنا على سبيل المثال : تقليل الحاجة إلى استخدام السيارات الخاصة في جميع تحركاتنا داخل المدينة ، و هذا بدوره إن حدث سيقلل من أعداد السيارات الخاصة بشكل عام ، و سيؤدي إلى التخفيف من ظاهرة تعدد السيارات لدى الأسرة الواحدة ، بل  و قد يغني البعض عن امتلاك سيارة خاصة لوقت ما  ، وهذا الأمر مشاهد و ملموس في الدول المتقدمة ، و يعيشه بعضنا عندما يقيم عندهم لسنوات ، فتجد أن توفر وسائل النقل العام و انتظامها وعلى مدار الساعة يجعل الشخص في غنى عن استخدام سيارته الخاصة عند قضاء معظم احتياجاته اليومية ..

و تبعاُ لذلك ستتقلص أعداد السائقين الذي نستقدمهم من الخارج ، و ستنحسر الآثار السلبية المترتبة على ذلك اقتصادياً و اجتماعياً ، و ستنخفض -نسبياً- حركة السيارات على الطرقات مما يؤدي إلى تراجع حوادث المرور اليومية التي لم تبق ولم تذر ، و هذا بدوره سيحد من نسب تلوث الهواء بعوادم السيارات و يقلل من الآثار السيئة على البيئة ، .. إلى آخره من المنافع التي تضيق عنها مساحة هذه الزاوية ..

و عليه فإنني في هذا الأسبوع أتوجه بعدة علامات استفهام إلى معالي وزير المواصلات فأقول في أولها : إلى متى ستستمر سيارات الأجرة تعمل بدون عدّاد حساب الأجرة ، المستخدم في معظم أنحاء العالم وكثير من دول العالم الثالث ، و إلى متى ستظل الأجرة موضع مساومة بين الراكب و سائق الأجرة ؟؟

إن مشكلة غياب تحديد الأجرة و عدم وجود عدّاد أو أي وسيلة تفصل في مسألة الأجرة ، هي في نظري إحدى أسباب تخلف النقل العام عندنا ، لما تسببه من عنت للركاب ، و من إرباك لحركة السير وإعاقتها ، و تتجلى هذه المظاهر في منطقة كالمنطقة المحيطة بالمسجد الحرام ، و على الأخص عقب الصلوات والجُمَع و في مواسم الحج والعمرة و رمضان ، فعدم وجود عداد للأجرة -يأخذ في الاعتبار المواسم والأوقات- يُتيح لسائق الأجرة خيار إركاب الراكب من عدمه ، ويظل يتفاوض على الأجرة و يرفض إركاب الناس حتى يصل للأجر الذي يرغبه ، وهذا في حد ذاته سبب لانصراف فكرة استخدام سيارات الأجرة من أذهان الكثيرين ، وهو سبب رئيس لإعاقة حركة السير في أوقات ذروة الزحام .. ناهيك عن استغلال بعض سائقي الأجرة لظروف زحام ليالي العشر الأواخر من رمضان وعلى الأخص ليلة السابع والعشرين منه ..

و في علامة الاستفهام الأخرى أقول : إلى متى ستظل سيارات الأجرة محرومة من ميزة وجود مواقف مخصصة لها في أنحاء المدينة  ؟؟ فالمواقف المخصصة لسيارات الأجرة تكاد تكون معدومة في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام ، وكلنا يعلم أهمية توفر مثل هذه المواقف في مثل هذه المنطقة ومن جميع جهات المسجد ، و انتظام الحركة منها وإليها ..

وحول استخدام اللاسلكي في سيارات الأجرة أتساءل : متى ستستخدم سيارات الأجرة هذه الخدمة التي أُعلن عنها مؤخراً ؟؟  فقد طال انتظار إقرار مثل هذه الخدمة ونخشى أن يطول الوقت قبل أن نراها مستخدمة على أرض الواقع ، فبدأ تشغيل خدمة اللاسلكي في سيارات الأجرة والاستفادة منها سوف يؤدي بلا شك إلى تحسين أداء شركات الأجرة العامة خدمياً و اقتصادياً ، حيث يمكنها اللاسلكي من الاستفادة القصوى من أسطول سياراتها ، و يقلل من حركة ذلك الأسطول في الشوارع بحثاً عن ركاب ، وسيحسن مستوى الخدمات المقدمة للعملاء ، بل ستساهم خدمة اللاسلكي في تخفيض رأس المال المستثمر في السيارات ، حيث ستتمكن الشركات من تقديم خدماتها بعدد أقل من السيارات ،  و بمعنى آخر فإن أداء شركات سيارات الأجرة تأثر سلبياً خلال السنوات الماضية بعدم إتاحة الفرصة لها لاستخدام اللاسلكي في تسيير سياراتها و إدارة حركتها داخل المدن بفاعلية ، و أدى ذلك إلى تضخم حجم الأموال المستثمرة في شراء السيارات ، و في رفع تكاليف التشغيل ، و بالتالي تراجع نسبة عوائد بعض الشركات ، بل و خسارة البعض الآخر ، و في تصوري أن ذلك أعاق تطور خدمات سيارات الأجرة و النقل العام إجمالاً .

نقطة أخيرة و هي مزاحمة السيارات الخاصة لسيارات الأجرة العامة ، وعلى الأخص في المواسم ، وهو ما يعني المنافسة الضارة ، وهو ما يؤدي أيضاً في النهاية إلى إضعاف خدمة النقل العام من خلال ضعف عائدات سيارات الأجرة العامة ، و هو ما يؤدي بالتأكيد إلى الانصراف عن الاستثمار في هذا المجال ، فلماذا هذا التهاون مع من يمارس التأجير من أصحاب السيارات الخاصة وإلى متى سيظل الحال على ما هو عليه الآن ؟؟

9/11/1419هـ                                                                      فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق 11/11/1419هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12258        صفحة رقم : 9 (الرأي) .

التعديل : لا يوجد .

 

 

12258 شئون بلدية الرأي 11/11/1419 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق