الخمسينية و المئوية و رواد مكة

by Admin

الخمسينية و المئوية و رواد مكة

أبرز حفل الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسها ، و الذي أقيم في قاعة التضامن الإسلامي بفندق انتر كونتننتال مكة ، يوم السبت الماضي ، رجال الأعمال المكيين  الرواد ، الذين بادروا إلى فكرة تأسيس الغرف التجارية الصناعية في المملكة ، و وفّاهم جزءً من حقهم على المجتمع التجاري ، فقد قدموا الكثير والكثير وهم يستحقون كل وفاء و تقدير ، و تُعد المناسبة تأكيداً جديداً على ريادة مكة المكرمة -زادها الله تشريفاً- ..

لقد أنجبت المشرفة مكة روادً ومبدعين في شتى المجالات ، ففي مجال التجارة فلاشك أن أهل مكة المكرمة بما هيأه الله لهم ، استجابةً لدعوة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ، ومنذ أن بدأت الأفئدة من الناس تهوي إليهم ، ملبية نداء الخالق تبارك وتعالى ، لحج بيته الحرام ، وحتى يومنا هذا ، وهم يمارسون التجارة كمصدر أساسي لكسب أرزاقهم ومعيشتهم ، وهذا مما جعلهم يجيدون أصولها وفنونها ، فذاع صيتهم وبلغت شهرتهم الآفاق ، وتشعبت علاقاتهم التجارية فكان لتجارتهم الريادة ..

وقد أنجبت ريادة مكة التجارية رواداً ومبدعين سجلوا السبق في الكثير من شئون التجارة وتنمية العلاقات التجارية الدولية ، مثل تأمين طرق التجارة ، من خلال إبرام العهود والمواثيق وعقود الإيلاف ، وكذلك تنويع السلع والبضائع بشكل لا يتوفر في أي مكان على وجه الأرض ، فقد ذكر ذلك ابن جبير عندما زار مكة في عام 579هـ/1183م ، و وصف ما وصل إليه المسجد الحرام من نماء تجاري ، وكثرة ما به من السلع والخيرات وأهم وارداته وصادراته ، فأشار إلى أن الطريق إليها ملتقى للصادر والوارد ممن بلغته الدعوة المباركة ، والثمرات تُجبى إليه من كل مكان ، فهي أكثر البلاد نعماً وفواكهاً ومنافعاً ومرافقاً ومتاجراً ، وأن حجم ما يُباع في أسواقها في يوم واحد من أيام الموسم ما لو فُرِّق على البلاد كلها لأقام لها الأسواق النافعة ، إلى أن يقول “فما على الأرض سلعة من السلع ، ولا ذخيرة من الذخائر إلاّ وهي موجودة فيها مدة الموسم ، فهذه بركة لا خفاء بها وآية من آياتها التي خصها الله بها”[1]

و في مجال الغرف التجارية سجل رجال الأعمال بها سبقاً وريادة ، فمنهم جاءت المبادرة إلى فكرة تأسيس غرفة تجارية في مكة ، وتقدموا للمسئولين بالفكرة وطالبوا بتأسيس غرفة تجارية ، و رأى المسئولون تعميمها على عدد من المدن الرئيسية بدءً من جدة بحكم كونها الميناء الذي يستقبل البضائع من أنحاء العالم ، و لتحل الغرفة مكان المحكمة التجارية الموجودة آنذاك والمسئولة عن حل المنازعات التي تنشأ عند تفريغ البضائع في الميناء ..

و ريادة مكة التجارية في عصرنا الحاضر أمر مشاهد وملموس ، فعدد كبير من رجال الأعمال البارزين في المملكة بدؤا تجارتهم من مكة المكرمة وانطلقوا بها إلى جميع أنحاء المملكة ، بل و إلى جميع أنحاء العالم ..

بقي أن أشير إلى حكمة و واقعية الملك عبد العزيز رحمه الله ، فقد استعان بالكثير من رجالات مكة المكرمة  ، لما علم من كفاءتهم وريادتهم في المجالات المختلفة ، فأوكل إليهم أموراً هامة في بناء الدولة السعودية الحديثة و أسند إليهم تأسيس العديد من المصالح والوزارات ، فتراهم وقد انتشروا في معظم وزارات ومصالح الحكومة وساهموا في مجالات شتى ، واستعان بعلمائهم وأعيانهم عند تكوين أول مجلس للشورى في المملكة عام 1346هـ ، وكان لهم بذلك دور فاعل في تأسيس المملكة التي نحتفل هذا العام بالذكرى المئوية لبدايات تأسيسها.

 

22/8/1419هـ                                                                      فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق : 9/8/1419هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12186         صفحة رقم : 5 (الرأي) .

التعديل : لا يوجد .



[1]  رحلة ابن جبير ص97و98 ، نقلاً عن كتاب تاريخ مكة التجاري من إصدارات غرفة مكة .

 

12198 مكة المكرمة الرأي 23/8/1419 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق