نعم لتشجيع الاستثمار الأجنبي ولكن الوطني أولاً
مما نبهنا إليه الخبير المحاسبي والاقتصادي المعروف الأستاذ طلال أبو غزالة في إحدى لقاءاته على قناة الجزيرة ، ولفت انتباهنا إليه هو تركيزنا على جذب الاستثمار الأجنبي ، وإهمالنا التركيز -في خضم ذلك- على تشجيع ودعم الاستثمار الوطني ، ونبه إلى خطورة ذلك ، و أكد على أن الاستثمار الوطني هو الأبقى والأنفع للوطن ..
فالاستثمار الأجنبي في أي بلد سيكون أول من سيغادر البلد عند أول أزمة اقتصادية ويبحث عن موقع آخر يحقق له العائد المجزي ، ولاشك أنه أكثر قدرة على الحركة والانتقال من بلد لآخر ، بعكس الاستثمار الوطني الذي يُعد أكثر ثباتاً في وجه الأزمات ويأتي تحركه إلى خارج الوطن متأخراً نسبياً ، ولعل تجربة النمور الآسيوية أفضل مثل على ذلك ، فقد بادر المستثمرين الأجانب إلى سحب استثماراتهم منها فور شعورهم ببوادر الأزمة الاقتصادية ، مما أدى إلى تسارع انهيار اقتصاديات تلك الدول ..
لذلك لابد لنا أن نولي المستثمر الوطني جل اهتمامنا ، ولابد أن يحظى منا بالتشجيع والدعم ، وإزالة جميع المعوقات والمنغصات التي قد تدفعه للبحث عن فرص أفضل تهيئها له بعض الدول الأجنبية و المجاورة ..
فمن المعروف أن رأس المال السعودي مستثمر في معظم دول العالم ، ويحتل على سبيل المثال مركز متقدم على قائمة الاستثمار الأجنبي في مصر .. ، وأصبحنا الآن نسمع عن بدء صغار المستثمرين البحث عن فرص استثمارية خارج الوطن -لأسباب سنأتي عليها فيما بعد- ، و هنا مكمن الخطورة ، فكما هو معلوم أن هروب الاستثمارات الوطنية إلى الخارج يعني خسارة كبرى لاقتصاد الوطن وأبناء الوطن ، لأن ذلك سيؤدي إلى خروج جزء من رأسمال السعودي من دورة الاقتصاد الوطني ، و يعني كذلك خسارة فرص وظيفية كانت ستتولد من جراء الاستثمار في الداخل ، و خسارة سيولة كانت ستُضخ وتدور في اقتصاد البلد ممثلة في نفقات المشاريع و إعادة إنفاق الموظفين ولو لجزء من مرتباتهم وضخها في الأسواق ..
إن أوضاعنا الاقتصادية وعلى الأخص الراهنة بسبب أسعار البترول ، وما نحن مقبلين عليه ، والعولمة ، جميعها عوامل تحتم علينا بذل المزيد من الاهتمام بالمستثمر الوطني ، وإزالة المعوقات التي تدفعه للبحث عن فرص أفضل خارج الوطن ، خصوصاً إذا علمنا أن هناك دولاً مجاورة أصبحت بالفعل جذابة للمستثمرين السعوديين وحتى الصغار منهم !!
لقد سمعنا و منذ فترة طويلة أن تطوير نظام الاستثمار الأجنبي تحت الدراسة بغرض توفير بيئة جذابة للمزيد من الاستثمارات الأجنبية ، في حين أننا لم نسمع عن أي جهود أو دراسات لتشجيع الاستثمار الوطني و الحد من تسرب رأس المال الوطني إلى الخارج ، -والذي بدى أكثر وضوحاً من ذي قبل- ، أو للقضاء على العوامل المساعدة على ذلك .
و لنكن صرحاء مع أنفسنا ، فهناك العديد من الأنظمة القائمة تساهم في نفاد الاستثمارات السعودية إلى خارج الوطن وبل تدفعها إلى ذلك دفعاً ، و أنظمة أخرى تحجب فرصاً استثمارية أخرى ماثلة و ذات جدوى اقتصادية ، و أنظمة لا تزال تحت الدراسة منذ سنوات طويلة .. هذا و غيره سيكون موضوعنا في مقال الأسبوع القادم إنشاء الله ..
10/7/1419هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق : 11/7/1419هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12162 صفحة رقم : 5 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12162 التجارة و الصناعة الرأي 11/7/1419 الندوة رابط المقال على النت http://