تطبيق منح الأراضي داخل العمران

by Admin

تطبيق منح الأراضي داخل العمران

اطلعت على تصريح لمعالي وزير الشئون البلدية والقروية ،  نُشر مؤخراً في الصحف المحلية مفاده عدم إمكانية تطبيق منح الأراضي للجميع في المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي الشريف .. ، و لاشك أن التصريح يعبر عن حقيقة واقعة ، و ذلك لأن المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي و المسجد الحرام وكذلك عموم المناطق المركزية في مختلف المدن هي محط أنظار جميع من سعد بالحصول على منحة أرض سواءً كان من ذوي الدخل المحدود أو غير المحدود

، لما تتمتع به في العادة مثل هذه المناطق من توفر لجميع الخدمات ، و من ارتفاع في سعر الأراضي ، وعلى الأخص المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام والتي وصل فيها سعر المتر المربع لأرقام قياسية لم تُسجل في أي مكان في العالم -حسب آراء العقاريين- فبلغ مئات الألوف من الريالات ، و لقلة الأراضي الفضاء في المناطق المركزية يُصبح من المستحيل التطبيق للجميع فيها ..

و مادام الأمر كذلك ، و إذا علمنا أنه ليس هناك آلية أو تنظيم يحدد من يطبق له في تلك المناطق المركزية و من يمنح في أطراف أطراف المدن ، ومقتضى ذلك أن هناك من يحصل على منحة أرض تقدر قيمتها بما لايتجاوز عدة عشرات من الألوف في حين أن هناك من يحصل على ما قيمته عشرات وأحياناُ مئات الملايين من الريالات  ، فإنني أجزم بأن تطبيق المنح في المناطق المركزية للبعض دون الآخر لن يحقق العدالة بين جميع المواطنين ، و هو أمر لا نشك في أنه لا يُرضي الله سبحانه وتعالى ولا ولاة الأمر الذين يطبقون شرع الله في هذه البلاد منذ توحيدها تحت راية لا إله إلاّ الله محمد سول الله ، كما أن هناك من يرى أن منح الأراضي داخل العمران فيه نظر من الناحية الشرعية ..

إن تطبيق المنح للبعض في المناطق المحيطة بالحرمين الشريفين و المناطق المركزية للمدن الأخرى للبعض دون الأخرين يكرس المعادلة المقلوبة -إن صح التعبير- التي تزيد الهوة بين الفقراء و الأغنياء ، فتجد أن الأغنياء و أصحاب الوجاهات يحصلون على أفضل المواقع والتي تتوافر على جميع المميزات والخدمات وبأقل التكاليف ، في حين أن ذوي الدخل المحدود يجدون أنفسهم في مواقع تفتقر حتى للخدمات الأساسية كالكهرباء والماء و الإتصالات ، مما يجعلهم ينفقون على توفير تلك الخدمات أضعاف ما ينفقه أصحاب المواقع الأولى ، ناهيك عن المزايا الأخرى المعتبرة ، و مثال ذلك ما حصل عندنا في مكة عندما قامت أمانة العاصمة عفا الله عنها بتطبيق منح ذوي الدخل المحدود في مخططها بمنطقة الشرائع التي تبعد عن أطراف مكة عدة كيلو مترات ، و ظل أصحابها لسنوات ولا زالوا يعانون ..

لذلك فإنني أقترح على معالي وزير الشئون البلدية و القروية استصدار تعليمات من جهات الإختصاص تمنع تطبيق منح الأراضي في المناطق المركزية في جميع المدن ، و أن يتم تطبيق المنح خارج دائرة تلك المناطق ، و في مخططات حديثة ذات مساحات متقاربة و تتوافر على الخدمات والمرافق العامة الضرورية ، و بطريقة تحقق العدالة والمساواة بين الجميع .

و أما الأراضي الفضاء في المناطق المركزية فتقوم الأمانات والبلديات بحصرها و تخطيطها وتهذيبها ، وطرحها للبيع بطريقة المزادات العلنية أو وفقاً لأي أسلوب مناسب لا يخالف الشرع الحنيف ، ويحقق العدالة والمصلحة العامة ..

وسيتحقق من وراء ذلك عدة مصالح ومنافع تصب جميعها في نهر المصلحة العامة ، منها تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين الحاصلين على منح أراضي ، ثم تحقيق دخل كبير جداً لخزينة الدولة يعم نفعه على العموم من خلال انفاق الدولة على مشاريع التنمية في كل مدينة ، بدلاً من استئثار البعض به دون الاخرين .

 ويحضرني مثال سبق إقراره يحقق ما نذهب إليه و لكنه توقف لأسباب شرعية خاصة به ، و هو قيام لجنة تطوير الساحات المحيطة بالمسجد الحرام التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة بطرح عدد من الأراضي المحيطة بالمسجد الحرام للبيع في المزاد العلني  ، على أن يتم إنفاق العائد من بيع  تلك الأراضي على تطوير المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام .. و هو في تصوري نموذج مثالي للآلية المطلوب تبنيها  في هذا  المجال وتوسيع نطاقها لتشمل دوائر أوسع في المناطق المركزية لجميع المدن .

والله من وراء القصد و هو ولي التوفيق ..

 

3/7/1419هـ                                                                        فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق : 4/7/1419هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 12156         صفحة رقم : 5 (الرأي) .

التعديل : حذف جميع ما تحته خط وإعادة ربط الكلام ببعضه .

 

12156 شئون بلدية الرأي 4/7/1419 الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق