مجمع لطباعة المصحف في مكة .. مرة أخرى !!
اطلعت على رد سعادة المشرف العام على الأمانة العامة لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد سالم بن شديد العوفي ، على مقالة نُشرت لي بعنوان (مجمع لطباعة المصحف الشريف في مكة) ، تحدثت فيها حول أهمية تأسيس مجمع آخر لطباعة المصحف الشريف في مكة المكرمة يملكه القطاع الخاص ، لتلبية احتياجات السوق من المصاحف ذات الطبعات الجيدة ، و لدعم صادرات المملكة من المصاحف ..
وفي البداية أود التأكيد على أن منطلقات كتابة ذلك المقال و مقال هذا اليوم هي المصلحة العامة دون الإخلال أو التقليل من عنايتنا بالمصحف الشريف .. ، و لا أريد الدخول في مناقشة بعض التعبيرات التي وردت في الرد المشار إليه ، مثل أن الكاتب لم يُضمّن مقالته إحصاءات أو وقائع .. ، و أن الكاتب ألقى استنتاجه على عواهنه .. ، و أنه لم يحط بكثير من المعلومات عن المجمع .. ، و لكني أود توضيح وجهة نظري التي نُشرت في المقال السابق ، ومن خلالها سيكون التعقيب على ما جاء في رد سعادة المشرف العام .
أولاً : أن وجهة النظر التي ذكرتها في المقال السابق تستند إلى خبرة ومعرفة -لا بأس بها- في مجال الطباعة وفي مجال بيع الكتب والمصاحف ، وكذلك معرفة بإمكانيات المجمع من خلال زيارتي له منذ عدة سنوات ، و تركز -وجهة النظر- في مجملها على الجانب الاقتصادي لتجارة إنتاج و بيع المصحف الشريف والتي يمارسها المجمع ، -وهو جانب مهم و لا ينبغي تجاهله أو الاستحياء منه- ، ولم أناقش جانب التوزيع المجاني الذي وصل إلى ما يقارب 90% (تسعون في المائة) مما تم إنتاجه منذ تأسيس المجمع وحتى 29/4/1418هـ -حسبما ورد في رد سعادة المشرف العام- .
ثانياً : أن أسعار بيع إصدارات المجمع من المصحف الشريف مرتفعة مقارنة مع مثيلاتها في الجودة والمواصفات ، و هذا الكلام أقوله -و لا ألقيه على عواهنه- عن خبرة في أسعار المصاحف وأنقله أيضاً عمن هم أكثر مني خبرة و يمارسون بيع كميات كبيرة من المصاحف سواء من إصدار المجمع أو غيره ، و يستطيع أي شخص أن يتأكد من ذلك خلال جولة بسيطة في محلات بيع المصاحف ليلمس ما ذهبت إليه من ارتفاع أسعار بيع إصدارات المجمع الناتج عن ارتفاع تكلفة شرائه من المجمع .. ليس إلاّ ..
ثالثاً : أن عجز المجمع عن تلبية احتياجات السوق في المواسم -وعلى الأخص موسم الحج- أمر واقع ، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر نفاد إصدار المجمع من مصحف الجيب وعدم تمكن المجمع من تلبية طلبات كبار الموزعين خلال الموسمين الماضيين ، وكذلك إصدار المجمع من المصحف الربع مجلد أخضر عربي الذي كثيراً ما يحدث عجز في الكميات المتوفرة منه لدى كبار الموزعين نتيجة عدم تلبية المجمع لطلباتهم ..
رابعاً : أن ضمان جودة ودقة مواصفات المصحف ، في حالة ما إذا أقيم المجمع المقترح وأدير بأساليب القطاع الخاص ، هو أيضاً أمر واقع ولا يختلف عليه اثنان ، فالقطاع الخاص مشهود له بالكفاءة والأداء الأفضل خصوصاً إذا تم تحديد مواصفات معينة وعمل في جو تنافسي وسوق حر ، والدليل توافر طبعات ممتازة للمصحف الشريف ترد من الخارج وبها إضافات جيدة في خدمة كتاب الله العزيز كالتفسير والتجويد وأسباب النزول والمعجم المفهرس لألفاظ القرآن ، وهي إضافات لها تكلفة تُضاف إلى تكلفة الإنتاج مع تكاليف الشحن والتخليص ، ومع ذلك تظل تكلفتها أقل من تكلفة طبعات المجمع ، و يؤيد أيضاً قدرة القطاع الخاص على الأداء الأفضل الاتجاه العالمي نحو خصخصة المرافق والخدمات الحكومية ، وهو ما تواكبه حكومتنا الرشيدة و تباشره فعلياً الآن ببدء خطوات تخصيص خدمات الاتصالات والذي أعلن خلال الأسبوعين الأخيرين ..
خامساً : كوْن أن أعمال المجمع محكومة بلوائح تصدر عن مجلس الوزراء ، يحد كثيراً من تجاوب المجمع مع متطلبات السوق وتعيق انتشاره ، سواء من حيث تعدد الإصدارات أو خطط الإنتاج والبيع والتسعير والتسويق .
سادساً : ينبغي عدم الخلط بين التوزيع المجاني للإصدارات المختلفة للمجمع ، و الذي تدفع قيمته الدولة السنية -زادها الله توفيقاً لخدمة كتاب الله العزيز- اضطلاعاً بدورها في نشر كتاب الله ودعوة الإسلام ، و بين ممارسة المجمع البيع للمصحف الشريف ، وبالتالي فمن مصلحة المجمع -مادام أنه نزل إلى الأسواق وبدء يبيع- أن يعمل في جو تنافسي بعيداً عن الاحتكار ، الذي له عدة محاذير شرعية و اقتصادية ..
سادساً : إن بعض المتابعين لتطبيق قرار المنع يعاملون المصحف الشريف بطريقة غير لائقة ، وكأنه ضمن السلع الممنوع تداولها وينبغي ضبطها في المحلات ومنعها من الدخول ، وهو ما لا ينسجم مع ما تضطلع به هذه الحكومة السنية من خدمة و تقديس لكتاب الله العزيز ، و الآن هناك كميات من المصاحف التي تحتوي على إضافات جيدة كالتفسير وأسباب النزول حبيسة مستودعات المتروكات في الموانئ و على منافذ المملكة بسبب اجتهاد البعض في تفسير قرار المنع .. فلذلك نطالب بإعادة النظر في القرار و دراسة تأسيس مجمع لطباعة المصحف الشريف في مكة المكرمة ، والله ولي التوفيق وهو من وراء القصد ..
24/8/1418هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق : 27/8/1418هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 11906 صفحة رقم : 7 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
11906 التجارة و الصناعة الرأي 27/8/1418هـ الندوة رابط المقال على النت http://