وقفات مع آراء الشيخ صالح كامل (2)

by Admin

وقفات مع آراء الشيخ صالح كامل (2)

نواصل في هذا الأسبوع وقفاتنا مع آراء الشيخ صالح كامل التي جاءت في لقائه الذي نشرته المجلة 2 في عددها رقم 920، وقد كانت آخر وقفة في مقالي السابق الذي نُشر بهذه الصحيفة السبت 25/6/1418هـ هي مع قوله : ” لو قلت للناس أني سأقوم بعمل محطة تتلاءم مع عاداتنا و تقاليدنا ومع الإسلام 100% من سيشاهدها ؟ أنا سأكون مغفلاً لو قمت بعمل مثل هذا .

” وقد أوضحت وجهة نظري حول هذا الكلام في المقال المشار إليه ، ثم يقول بعد ذلك مثنياً على نفسه : “أنا مسلم إيجابي ولست بمسلم سلبي ، من الممكن أن أقول ليس لدي عمل مادمت لا أستطيع أن أقوم بعمل حلال 100% . لا نستطيع أن نقوم بعمل محطة محجبة 100% فلابد أن تبدأ بالتدريج ، والحقيقة أن الحجاب من الإسلام ، ولكن ليس جوهر الإسلام ..” ، و وقفتي مع هذا الرأي للشيخ صالح هي عند قوله : “أنا مسلم إيجابي .. ” ، و إضفاؤه صفة الإيجابية على من يتجاوز حدود ما حرم الله -في غير مخمصة- ، و في نفس الوقت إضفاؤه صفة السلبية على من يقف عند الحلال ولا يتجاوزه إلى الحرام ، ففي اعتقادي أن هذا التنظير وهذا الرأي لا يقره ولا يسنده عقل ولا شرع ، وأما الاضطرار في المخمصة والضرورة لا تنطبق بأي حال على موضوع الفضائيات ، وأما بالنسبة للشيخ صالح كامل  -بالذات- فلديه من الأعمال الحلال في أصلها كالتجارة والصناعة والخدمات ، ما يغنيه عن المخاطرة بالكسب من وراء ما تبثه فضائياته ART  الآن ، ولازال المجال مفتوح أمامه وأمام كل مسلم إيجابي للقيام بأعمال -في مجال الإعلام أو غيره- حلال ، يخدم من خلالها أمته ويحقق من وراءها الربح الحلال .

وعندما سُئل الشيخ صالح عن بعض برامج الإثارة التي تبثها قناة ART ومعالجتها لبعض المشاكل بشكل سطحي وكانت أكثر إثارة منها موضوعية في تناول بعض الموضوعات ، فأجاب : “بعض البرامج في ART تُثير ضجة أو بالذات مثل (يا هلا) الذي يُناقش موضوعات معينة أَلِف الناس على أن مناقشتها عيب ، هذا لا يُهمني لكن ما يهمني في النهاية هي وجهة النظر التي أقدمها ، وأنا أراقب البرنامج بنفسي قبل أن يُذاع ..” ثم ذكر الشيخ  صالح بأن القرآن فيه سورة كاملة عن الشذوذ وهي سورة (لوط) وبألفاظ واضحة وبآيات واضحة ، وهنا لي مع هذا الكلام وقفتان ، الأولى : أنه لا توجد في القرآن الكريم سورة اسمها سورة لوط ، ولا توجد سورة كاملة تتحدث عن الشذوذ -كما ذكر الشيخ صالح- ، وإنما الموجود هو قصة قوم لوط ، وقد تكرر ذكرها في عدة مواضع ، وعدة سور من القرآن الكريم ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فكأني بالشيخ يريد أن يقارن بين ما بثته قناة ATR عبر برنامج (يا هلا) حول الشذوذ الجنسي ، وبين ما جاء في القرآن الكريم حول نفس الموضوع ، وفي تصوري أن المقارنة بين ما جاء في القرآن الكريم وبين ما تقوله مذيعة (يا هلا) وصحبها وجمهورها ، فيه الكثير من الإجحاف والتعدي والمساس بمكانة وأدب القرآن الكريم وجلاله . و أما الوقفة الثانية : قوله بأنه لا يهمه ما أَلِفه الناس من أن مناقشة مثل هذه المواضيع عيب ، ولا أدري كيف لا يهمه و رسول الله r يقول : (الحياء خير كله) ، و (الحياء شعبة من الإيمان) أو كما قال عليه الصلاة والسلام ؟!!

وفي نفس السياق وتأكيداً لمنفعة ما يبثه برنامج (يا هلا) حول الجنس يقول الشيخ صالح أنه يكفيه في حلقة الضعف الجنسي كلمة الدكتورة التي تحدثت عن العادة السرية وقالت أن العادة السرية تسبب دوالياً في الخصية وتؤدي إلى العقم !! وافترض أن هذا الأمر إيجابياً ، في حين أن هذه المعلومة ليست صحيحة طبياً ، وأغفل الشيخ صالح الآثار السلبية لمناقشة هذه المواضيع عبر الفضائيات التي ضمن من يشاهدها الأطفال والجهال والمراهقون ، وكذلك من يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ..

وعندما سُئل الشيخ صالح كامل عن أهداف مشروعه الإعلامي الكبير ،  أجاب : ” أهدِف إلى ثلاثة أهداف ، أولاً : أن نعطي البديل لأبنائنا عن الإبهار الغربي حتى نحافظ على البقية الباقية من عاداتنا وتقاليدنا ، ويمكنك أن تعتبر هذا هدفاً إسلامياً أو قومياً . الهدف الثاني : تحقيق الربح … الهدف الثالث : هو الشعور كعرب أننا أهملنا حق لغتنا العربية ، ونجد العرب يتحدثون فيما بينهم باللغة الإنجليزية ..” ، وتعقيباً على هذا الكلام ، أقول أن القنوات الفضائية العربية عموماً بما فيها ART قامت وتقوم بتعزيز هذا الإبهار بالغرب من خلال ما تمارسه من تقليد أعمى ، في أفكار وإعداد وإخراج البرامج والأغاني ، ومن خلال العناية بدبلجة أفلامهم ومسلسلاتهم التي تنضح بكل ما في مجتمعاتهم من انحلال خلقي وتفكك أسري واجتماعي ، وشواهد ذلك كثيرة ونلمس آثارها ظاهرة على تصرفات وسلوكيات أبنائنا وبناتنا في محاكاتهم للغرب ، وأما ما يتعلق بالحفاظ على اللغة العربية ، فتسمية القنوات بـ ART شاهد على العناية باللغة العربية منذ البداية والله المستعان ..

إنني أود في نهاية هذه الوقفات أن أؤكد لسعادة الشيخ صالح عبد الله كامل ، أن هدفي الأول من هذه الوقفات هو النصيحة التي أمرنا بها ديننا الحنيف ، وكل ما أتمناه أن يجد فيها ما ينفع ويحقق ما نسعى إليه جميعاً ، وهو الاستعداد ليوم المعاد ، ونيل رضا الرحمن عز وجل ، فالذكرى تنفع المؤمنين ، وأقول أنه لازال هناك متسع لمراجعة
الأفكار والآراء وتصحيح المسار لتحقيق الأهداف السامية والنصح لأجيال الأمة ، والله من وراء القصد .

10/7/1418هـ                                                    فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : السبت الموافق 15/7/1418هـ

في صحيفة : الندوة           رقم العدد : 11870        صفحة رقم : 7 (الرأي) .

التعديل : لا يوجد .

 

11870 مكة المكرمة صفحة الرأي 15/7/1418هـ الندوة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق