هل آن للكاتب الصحفي أن يتوقف ؟!
لاشك أن الكاتب الصحفي الجاد صاحب رسالة ، وعليه مسئوليات عظيمة تجاه مجتمعه ، تتنوع بتنوع حاجات المجتمع التعليمية والتثقيفية والتنويرية والاصلاحية .. إلخ ، وهو يتطلع عند أدائه لهذه الرساله إلى أن تؤتي ثمارها من خلال تفاعل وتجاوب هذا المجتمع مع ما يكتب سلباً أو إيجاباً ، وأكثر ما يؤلمه التجاهل ، والإحساس بأنه كمن يتحث إلى نفسه ..
وما أثار لدي هذا التساؤل -المعنون به هذا المقال- ودعاني للكتابة حوله هو أنني اطلعت و بمحض الصدفة على مقال نُشر في صحيفة عكاظ بتاريخ 3/8/1384هـ أي منذ ما يقارب أربعة وثلاثين عاماُ خلت ، يُناقش أوضاع السعودة والعمالة الوافدة وكأنه كُتب لهذه الأيام التي نعيشها ، ويتأكد من خلاله أننا لازلنا نعاني من نفس المشاكل ، ولم نعمل بما يكفي للقضاء عليها واجتثاثها من جذورها طوال هذه المدة ، وقبل أن استطرد سأنقل فيما يلي مقتطفات مما جاء في المقال ، يقول الكاتب -رحمه الله- :
“مازال جميع الذين يحاولون معالجة قضية العامل السعودي يعمدون إلى معالجتها بأساليب سطحية دون أن يكلّفوا أنفسهم التعمق إلى جذور القضية ، ليكون العلاج على أساس واقعي وبعيد عن العواطف .. فاستعداء مكاتب العمل ودوائر الجوازات ، والمطالبة بتدخل الدولة لفرض العامل السعودي على المواطن السعودي ، كلها علاجات سطحية لا يمكن أن تصل إلى غور المشكلة فتستأصلها من الجذور . “
ويقول : “والذين يتحدثون عن هذه المشكلة واحد من اثنين .. إما عاطفي ينظر إلى المسألة من زاوية وجوب العطف على العامل السعودي وتشغيله بحكم أولويته عن غير السعودي دون أي اعتبار لمصلحة الطرف الثاني في المشكلة وهو صاحب العمل ، أو مصلحة الإنتاج وتكاليفه والتي تعتبر مصلحة عامة ، وإما بعيد عن محيط العمل والعمّال والإنتاج ويرى أن من الوطنية تقديم العامل السعودي على غيره مهما كان الثمن ، ومهما كانت الملابسات .. “
ثم يقول : “والذي يسترعي الانتباه أن واحد من هؤلاء الذين أقرأ لهم ، لم يحاول أن يبحث ويدرس الأسباب التي تدعو أصحاب الأعمال لتفضيل العامل الأجنبي على العامل السعودي ، ثم يدعو لمعالجتها وإزالتها بدلاً من الاستعداء والإثارة !! حتى مكاتب العمل لم تحاول القيام بدراسة وافية عن هذه الأسباب ، وترسم الخطة المضمونة لإزالتها بدلاً من هذا الذي تفعله الآن من فرض العامل السعودي فرضاً بصورة سوف ينتج عنها حتماً استمرار العامل السعودي في الاعتماد على سعوديته كمؤهل كاف لتقديمه عن سواه دون أي تفكير في محاولة لتطوير كفاءته أو تنمية معلوماته . “
ثم يقدم اقتراحاً يقول فيه : “واستميح معالي وزير العمل في اقتراح الهيئة التي يمكن أن تقوم بهذه الدراسة وتخرج بالنتيجة الطيبة ، فأقترح أن تؤلف في كلٍ من مكة والرياض وجدة والمدينة والخبر هيئة من مدير مكتب العمل ومندوب من المجلس البلدي ومندوب من أمانة العاصمة أو البلدية ومندوبين تختارهما الغرفة التجارية من أصحاب المصانع لإجراء هذه الدراسة واقتراح الحلول ، ثم تجتمع هذه الهيئات في مؤتمر عام في مكة أو الرياض أو جدة للاشتراك في دراسة تقارير الخمس الهيئات والخروج بقرار موحد يضمن مصلحة العامل وصاحب العمل والإنتاج إذ أن مراعاة إحدى المصالح الثلاثة دون غيرها يضر المصلحتين الأخرتين .”
هذا بعض ما جاء في المقالة المشار إليها ..
وإنه لمما يحز في النفس أن يرى أحدنا كل هذه السنين تمر دون أن نأخذ بمقترحات كانت كفيلة بإذن الله بأن تحول دون بروز المشكلة مرة أخرى !! فهل من المعقول أن تظل مشكلة السعودة كل هذه العقود وهي تراوح مكانها ؟! ثم ألم يكن من الممكن الأخذ بالمقترحات التي نُشرت في المقال وأمثاله مما نُشر في حينه لتجاوز هذه المشكلة وإعداد الشباب السعودي ليحل محل العمالة الوافدة دون إضرار أو إرباك لأصاحب الأعمال كما هو حاصل الآن ؟
إن السعودة مشكلة واحدة من مشاكل عدة نعيشها تُطرح مع حلول متنوعة لها بشكل متكرر عبر الصحافة ولا تجد التجاوب المطلوب من المسئولين ، وكأن الكتّاب ليسوا معنيين بهموم أوطانهم ، ولا يجب الأخذ بآرائهم ، فها نحن نقرأ -على سبيل المثال- منذ سنوات عن مشكلة تعيين المعلمات في المناطق النائية ، و عن مشكلة تخلف المعتمرين .. ، ولا نجد التجاوب الذي يتناسب مع حجم المشكلة .. وتظل المشاكل عالقة دون حل ..
وإجابة على السؤال الذي عنونت به هذه المقالة أقول : على الرغم مما يجده الكاتب من عدم تجاوب ، فإنني أعتقد أنه لابد للكاتب الصحفي أن يواصل الكتابة رافعاً شعار (إن أريد إلاّ الإصلاح ماستطعت وما توفيقي إلاّ بالله) ، و لأسباب لعل أعظمها مع إخلاص النية رجاء (ثواباً من عند الله) ، ومنها أن قد يصادف الجيد مما يكتب آذان واعية .. والله المستعان ..
7/6/1418هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق 10/6/1418هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 11840 صفحة رقم : 7 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
11840 عمل و توظيف صفحة الرأي 10/6/1418هـ الندوة رابط المقال على النت http://