شكراً يا أمير

by Admin

شكراً يا أمير

أخيراً يمكن القول بأننا على بداية الطريق الصحيح لمعالجة العشوائيات التي ضربت بأطنابها مدن منطقة مكة المكرمة بعد أن ظل أمن و مستقبل سكان هذه المدن رهينة للقطاع الخاص ومحدداته لسنوات عديدة ..

فقد صدرت لائحة تطوير العشوائيات في عام 1429هـ و قد سبق صدروها محاولات عديدة لمعالجة العشوائيات ولكن لم تحظ بما تستحقه من جدية و إرادة ، و ظلت الأوضاع تتفاقم و إفرازاتها تتزايد ، و ظل البعض يراهن على قدرة القطاع الخاص على القيام بأعمال التطوير ، و ظل بعض المسئولين يقدمون المقترحات من أجل اقناع القطاع الخاص و تحفيزه على النهوض بالمهمة ووصل الأمر لحد تقديم تنازلات على حساب الأنظمة و المصالح العامة وهو ما يتجلى في بعض نصوص لائحة تطوير العشوائيات ولكن دون جدوى وباءت كل المحاولات بالفشل ، لأن تجيير مسئوليات الدولة للقطاع الخاص الربحي أدى إلى الجوْر على حقوق الناس و على الأنظمة و التعليمات التي لم توضع إلاّ لتحقيق مصالح عامة ..

وللتذكير فقد نشأت فكرة الاعتماد على القطاع الخاص في تطوير العشوائيات في ظل شح موارد الدولة ، فكانت فرصة اهتبلها بعض رجال الأعمال و زينوا للمسئولين الحكوميين الفكرة بأن يقوموا بتنفيذ البنى التحتية أيضاً وغلفوها بعبارات رنانة مثل المشاركة في المسئولية الوطنية و خدمة الوطن وما إلى ذلك فوقع المسئولين في فخ القطاع الخاص ، و أعني بذلك محددات القطاع الخاص الذي (لا يصلي إلاّ طلباً للمغفرة) و لا يدفع أمواله إلاّ من أجل الربح -وهذه طبيعته و أساس بقائه- ، وبالتالي فرض شروطه و تجاوز الأنظمة و التعليمات المرعية مقابل تنفيذ ما ليس من واجباته كتنفيذ البنى التحتية و الفوقية لتحقيق أعظم ربحية .. ومن ذلك التوسع في مساحات نزع الملكية لتشمل ما هو خارج الأجزاء العشوائية من أجل تحقيق الجدوى الاقتصادية ..

و المؤسف أن سبب نشوء الفكرة زال لكن مصالح القطاع الخاص و رغبته في الاستحواذ على أكبر قدر من المكاسب استمر و كذلك تجاوب الجهات الحكومية ؛ إلى أن حصلت القناعة لدى سمو أمير منطقة مكة المكرمة بأن لا جدوى من الارتهان للقطاع الخاص فسعى لاستصدار موافقة المقام السامي لقيام الدولة بشق الطرق و تأسيس البنى التحتية و الفوقية في المناطق العشوائية فصدرت الموافقة قبل نحو عام ، و بدء العمل على تنفيذ ذلك و صرّح سموه في الأسابيع الماضية بأن الانتهاء من تطوير العشوائيات سيكون خلال الخمس سنوات القادمة .. وهو أمر معقول و ممكن وفقاً لهذه المنهجية ، لأن نزع المليكات سيكون محدوداً بمقدار الطرق و المرافق ، وبالتالي فإن المشكلة الإسكانية لمن تنزع أملاكهم ستكون أقل و تكلفة نزع الملكيات أقل ، و تكلفة الهدم و إنشاء الطرق و المرافق و البنى التحتية أقل ، ولن يكون لها آثار تضخمية على أسعار العقار و إيجاراته لأن الدولة ستمول كل ذلك ، بل العكس الآثار كلها إيجابية منها خلخلة العشوائيات وهو ما سيؤدي إلى انحسار معدلات الجريمة فيها ، و إلى تحسين مستوى الخدمات الحكومية بشكل عام مثل خدمات البلدية و الدفاع المدني و الاسعاف و المرور و الشرطة و التعليم و النقل العام وغيرها ، وهو ما يعني تحسُّن ظروف حياة سكانها ، و سوف يؤدي كل ذلك إلى تحفيز الملاك و المستثمرين على تحديث مبانيها بشكل تدريجي ووفقاً لما تتطلبه حاجة سكان المنطقة .. ويُضاف إلى كل ذلك أن تنفيذ مشاريع التطوير سيكون أسرع بكثير من منهجية الاعتماد على أو الشراكة مع القطاع الخاص التي ارتهنّا لها سنوات عديدة ..

و من بواكير العمل وفقاً لهذه المنهجية بدء المرحلة الأولى من مشروع تطوير حيّي بترومين و غليل بجدة المتمثلة في نزع عقارات من أجل فتح ثمان شوارع رئيسية في الجزء العشوائي من الحيّين و هو ما أعلنت عنه أمانة جدة و نشرته هذه الصحيفة بعددها بتاريخ 28/6/1434هـ

فشكراً يا أمير وسر على بركة الله ..

بقي أن أقول أن مما يؤلمني ويحز في نفسي كثيراً أنني كنت منذ أكثر من عشر سنوات عندما عضواً كنت في الهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة و أنا أنبه -و أكرر عبر الصحافة- إلى عدم صحة تكليف القطاع الخاص بواجبات الدولة في شق الطرق و تأسيس البنى التحتية و الفوقية و المرافق العامة لأن هذا يعني فرض القطاع الخاص شروطه التي في الغالب ستضر بالمصلحة العامة ، و كنت لا أرى حتى في شح الموارد سبباً كافياً لهذا التكليف .. وسبب الألم هو ضياع الوقت على المجتمع وتأخر خطواته التراكمية و البنائية  نحو التقدم ..

6/7/1434هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5450077-02 Email:fayezjamal@yahoo.com

 

 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

السبت

8/7/1434

18/5/2013

المدينة المنورة

18287

الرأي

التعديل : ما تحته خط.

http://www.al-madina.com/node/453898

 

18287 شئون بلدية صفحة الرأي 8/7/1434 المدينة رابط المقال على النت http://www.al-madina.com/node/453898

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق