توسعة المطاف .. رؤى و محاذير

by Admin

توسعة المطاف .. رؤى و محاذير

بعد أن شارف مشروعي توسعة المسعى ، و تطوير و توسعة جسر الجمرات ، أصبح من الواجب و المنطق ، المسارعة إلى تطوير و توسعة المطاف ، لتحقيق الشمولية في النظر و الفعل التطويري ، من أجل راحة و سلامة ضيوف الرحمن في أهم موسم لاجتماع المسلمين ، ألا و هو الحج الأكبر كما أسماه الله عز وجل ، و لذلك دار الحديث في الآونة الأخيرة حول توسعة صحن المطاف ، و أنه جاري الإعداد لهذه التوسعة ، و متوقع البدء في تنفيذها بعد موسم الحج القادم.

و من المعروف لدى الكثيرين أن صحن المطاف خضع في العهد السعودي لعدة توسعات متتابعة ، لمواكبة التزايد المطرد لأعداد الحجاج و المعتمرين ، وتسهيل و انسياب حركة الطائفين ، و ذلك من خلال إزالة المباني التي كانت في صحنه ، و منها ما كان يُسمى بمقامات أصحاب المذاهب ، و مقام بني شيبة ، و مباني بئر زمزم ، و المنابر ، أو إعادة تصميمها و تصغير حجمها ، كما حدث لمقام سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام ، و هو المبنى الوحيد الباقي في صحن المطاف ، و بالتالي لا يُتصور إحداث توسعة إلاّ بإزالة أجزاء من الحرم القديم (الرواقات) لتوسيع قطر دائرة الطواف.

و من خلال اطلاعي على حركة الطائفين طوال ليالي شهر رمضان المبارك ، و حتى خلال موسم الحج فإنني ألاحظ أن القطر الحالي لدائرة الطواف ، و الذي ينتهي عند الرواقات ، يستوعب أعداد كبيرة جداً من الطائفين ، و عندما يمتلئ في ليلة السابع و العشرين من رمضان ، أو في الأيام و الليالي التي تلي إفاضة حجاج بيت الله الحرام من عرفات ، تصبح حركة الطائفين كالأمواج المتلاطمة ، و خصوصاً عند نقطة بداية و نهاية الطواف ، حتى لكأنها كتلة ملتحمة من البشر تدور حول الكعبة ، و لي تجربة في إحدى ليالي 27 من رمضان ، حيث وجدتني ارتفع من على الأرض من شدة الزحام و انضغاط الطائفين بعضهم في بعض ، اضطررت على إثرها إلى الخروج من المطاف و تأجيل طوافي لليوم التالي.

و لذلك فإن لتوسعة صحن المطاف و مضاعفة أعداد الطائفين فيه ، محاذير عديدة ، كلها تتعلق بسلامة الطائفين ، الذين قد يتعرضون لمخاطر التدافع و الدهس لا سمح الله ، نتيجة لزيادة أعدادهم و تضاعفها عما هي عليه الآن ، خصوصاً في ظل ضعف فعالية التنظيم للحركة داخل المسجد الحرام و في صحن المطاف ، و هو ما سيكون موضوع مقال لاحق لأفكار و ملاحظات حول إدارة الحركة داخل المسجد الحرام و خارجه.

و تجاربنا السابقة في منطقة الجمرات تؤكد ما أذهب إليه و أؤمن به ، من أن التوسعة لزيادة الاستيعابية لأي مرفق دون إدارة و تحكم في تدفق الحشود يكتنفه مخاطر جمة ، و يؤدي إلى تضاعف أعداد الضحايا في حال و قوع حوادث لا سمح الله ، حيث لم تُفلح التوسعات المتتالية لمنطقة و جسر الجمرات في منع الحوادث ، أو خفض عدد ضحاياها . و لذلك اعتمد مشروع الجسر الجاري تنفيذ مراحله الأخيرة منهج الانسيابية و إدارة الحركة بدلاً من الاكتفاء بمنهج الاستيعابية (السابق) القائم على التوسعات فقط.

و في رأيي ، أن البديل الأمثل لتوسعة المطاف ، هو أن يتم نقلها –و أعني التوسعة المزمعة- إلى دور السطح ، و ذلك من خلال بناء جسر دائري على أعمدة (محدودة العدد وخارج دائرة الطواف الحالي) ، على قطر يبدأ بعد القطر الأقصى للمطاف الحالي ، و هو المماس للحرم القديم . و يمكن التوسعة بعد ذلك رأسياً بموازاة مستوى سطح المسعى الجديد.

و سيحقق هذا البديل عدد من الإيجابيات ألخصها في النقاط التالية:

  1. تخفيف الازدحام في صحن المطاف ، و في الدور الأرضي من المسجد الحرام بشكل عام ، بتوجه أفواج من الراغبين في الطواف إلى المطاف العلوي ، و هو ما سيساهم في انسياب الحركة داخل الحرم ، و تيسير إدارتها.
  2. تصغير دائرة المطاف مقارنة بمطافي الدورين ، الأول ، و السطوح ، الحاليين ، حيث يشكل طول شوطه الحالي مشقة كبيرة على الطائفين ، بما فيهم مستخدمي العربات.
  3. تظليل غالبية الصحن بدلاً من المظلات الضخمة المقترحة لتظليله ، و تحسين مستوى التكييف الذي أمر به خادم الحرمين عند تنفيذه ، مع الاحتفاظ بالإنارة و التهوية ، من خلال بقاء الجسر المقترح بعيداً عن الكعبة المشرفة بنفس مقدار بُعْد بناء التوسعة السعودية الأولى عنها من الجهتين الشمالية و الجنوبية.
  4. التمكن من تطوير حلول هندسية لفصل و تنظيم حركة الدخول و الخروج من الطواف ، كما تم بشأن مسار العربات في الأدوار فوق الأرضي من المسعى الجديد ، حيث تم إضافة جسور علوية على نفس المسار.
  5. تحقيق فكرة فصل حركة القادمين لطواف (الإفاضة) أيام الذروة حسب جهة قدومهم باستخدام الأدوار ، كأن يخصص -مثلاً- الدور الأرضي للقادمين من جهة الغرب و الجنوب ، و الدول العلوي للقادمين من جهة الشمال و الشرق باعتبار طبوغرافية الجهة الشمالية المرتفعة ، و إمكانية ربطها بالدور العلوي بجسور علوية.

و لذلك فإنني أضع هذه الرؤى و المحاذير –مخلصاً- تحت أنظار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، أدام الله عليه توفيقه لما يحبه و يرضاه.

17/10/1429هـ   فائز صالح محمد جمال  فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

20/10/1429هـ

المدينة المنورة

16616

الرأي

التعديل :لا يوجد .

 

16616 المسجد الحرام صفحة الرأي 20/10/1429هـ المدينة A r

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق