الثورات العربية هي على الاستعباد و الظلم !!

by Admin
الثورات العربية هي على الاستعباد و الظلم !!

صادف انطلاق الثورات العربية و تتابع أحداثها فترة توقفي عن الكتابة الصحفية على مدى عدة أشهر من أجل إنهاء رسالة الدكتوراه ، و لم أتمكن من مشاركة القراء الكرام قراءاتي لبعض أحداثها المتسارعة  في حينها ، و لعل في ذلك خير ..

في البدايات أذكر أنني كنت مندهشاً من حرص قناة الجزيرة على نقل أحداث سيدي بوزيد من خلال صور الهواتف المحمولة برغم ضعف دقة التصوير ، و أنني كنت أكتفي في الأيام الأولى بمشاهدة موجز الحصاد المغاربي ، و لم يخطر على بالي -كما هو حال كل التوانسة و العرب- أن تنتهي هذه الحركة الاحتجاجية إلى سقوط النظام و هروب بن علي ، و عودة المعارضين من منافيهم ، و انتهاء الأمر بتوليهم مقاليد الحكم في تونس ..

أيضاً أذكر أنني حزنت كثيراً على الأفراد الذي أشعلوا النار في أجسادهم في دول عربية عدة اقتداءً بالبوعزيزي مشعل ثورة تونس ، و لم تثر شعوبهم أو هكذا بدى المشهد ..

و أذكر تصريحات بعض مسئولي الدول العربية بما فيها مصر التي كانت الأسرع لحاقاً بالثورة التونسية بأن بلدانهم ليست تونس ، بأسلوب لا يخفي صلف و غرور و جهل أولئك المسئولين ..

أذكر كذلك خطاب القذافي لشعب تونس الذي يقول لهم فيه أن بن علي هو أفضل من يحكم تونس و ليس لعام 2013 وهي نهاية دورة حكمه و إنما مدى الحياة ، و حينها كان بالتأكيد يرى أنه أفضل من يحكم ليبيا مدى الحياة.

و لا زلت أتذكر أن من أوائل الأهازيج التي انطلقت على ألسنة المصريين (أرفع رأسك أنت مصري) وهو ما شكل لدي –مع غيره من التصريحات- قناعة بأن ثورة مصر -و بقية الثورات العربية- انطلقت ضد الاستعباد و الظلم الذي مارسته الأنظمة الاستبدادية و أجهزتها الأمنية عليهم ، و من أجل الحرية و الكرامة و العدالة و ليس كما يتصور البعض بأنها من أجل الخبز و لقمة العيش !!

إن الاستعباد التي تتعامل به معظم الدول العربية مع شعوبها من خلال أجهزتها القمعية ، و الظلم الذي تفشى في مجتمعاتها هما من وراء قيام الثورات ، و كان الأمر لا يتعدى انتظار الشرارة أو الشعرة التي تقصم ظهر البعير كما يُقال ، و توقيت الشرارة في الغالب يكون مباغتاً ، و من حيث لا يحتسب الظالمون (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) ، و لذلك يقر عدد شهود الثورات العربية بشعورهم القوي بأنها كانت من تدبير الله و ليس من تدبير الشعوب !!

ففي تونس كانت الشرارة حادثة البوعزيزي ، و لو رجعنا قبل ذلك إلى ثورة إندونيسيا في عام 1998م فإن شرارة سقوط نظام الجنرال سوهارتو الذي حكم الشعب الإندونيسي بالحديد و النار على مدى ثلاثة عقود كانت انخفاض العملة الإندونيسية مع عملات مجموعة دول سُميت بالنمور الآسيوية ، فخرج الشعب الإندونيسي إلى الشوارع ، ولم يعد حتى تنحى سوهارتو و هو ما لم يحسب له ديكتاتور إندونيسيا حساب.

في مصر في رأيي أن الشرارة كانت ثورة تونس ، و لكن الوقود الذي غذّى اشتعالها تكامل قبل اشتعال الثورة بأشهر عندما أبدى النظام الحاكم صلفاً و كبراً في تزويره لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة ، فبعد أن سيطرت المعارضة ممثلة في جماعة الإخوان المسلمون على 20% من مقاعد المجلس في الانتخابات التي قبلها ، لم يحصلوا في الانتخابات الأخيرة على مقعد واحد!! فقد شكل ذلك قوة دافعة في نفوس المصريين و وقوداً فعّالاً لاستمرار ثورتهم و نجاحها في إسقاط النظام.

و شرارة كل بلد تكمن في وجدان شعبها ، و وقود ثورتها يتراكم باستمرار الظلم على مدى الأيام و السنين ، و ما لم يتم نزع فتيلها بالكف عن استعباد الشعب و بمكافحة الظلم و ترسيخ مبادئ العدالة و سيادة القانون فإن الاشتعال قادم لا محالة ، و الأثمان التي ستُدفع باهظة للأسف ..

إننا في زمن يشي بأن لا استثناءات في ثورة الشعوب على الاستعباد و الظلم ، و لا استثناءات في سعيها للحرية و العدالة .. فالسعيد من اتعظ بغيره ، و التعيس من جر شعبه و قومه إلى المهالك من أجل مفاسده و مفاسد المحيطين به..

اللهم هيئ لأمة حبيبك سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم من أمرها رشدا ، و أنشر في ربوعها الأمن و الحرية و العدالة و العيش الرغيد.

3/3/1433هـ   فائز صالح محمد جمال  فاكس 5450077-02 Email: fayezjamal@yahoo.com

 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

السبت

5/3/1433

المدينة المنورة

17811

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط.

 

17811 سياسة صفحة الرأي 5/3/1433 المدينة رابط المقال على النت http://www.al-madina.com/node/354427

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق