حقيبة وزارة الصحة بين الإداري و الطبيب

by Admin

حقيبة وزارة الصحة بين الإداري و الطبيب

أعرف أن مقالي قد يثير حفيظة بعض الأطباء ، ولكني سأقوله و رزقي على الله كما يقول أستاذنا ثامر الميمان..

و أعرف أنه يتردد في ثقافة المجتمع أنه من علامة النجاح الإداري هو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب..

ولكني لا أعرف لماذا ترسخ في ثقافة المنظومة الحكومية لدينا –وحتى لدى العامة- أن الرجل المناسب لوزارة الصحة هو الرجل الطبيب !!

فالطبيب أُعد لعلاج المرضى ، وليس كل المرضى أيضاً ، بل جُعل لكل حزمة من الأمراض تخصص يمضي الطبيب في تعلمه سنوات تساوي و أحياناً تفوق سنوات دراسته للطب العام ، و لذلك تجد أن الطبيب المتخصص لا يجيد سوى تخصصه ، و إن استشاره مريض في غير تخصصه أحاله للمتخصص ..

فكيف يكلف الطبيب الذي لا يمكنه العمل في غير تخصصه بمهام وزارة مثل وزارة الصحة ذات المهام المتشابكة و المعقدة؟

قد يقول قائل أن بعض الأطباء أجادوا و نجحوا حين كُلفوا بحقيبة وزارة الصحة ، وأقول أن هذا القول فيه جانب من الصحة ، و لكن النجاح لم يكن بسبب تخصصهم في الطب و إنما لأن لديهم ملكات و مواهب قيادية أو إدارية ، و بالتالي لن يمثل هذا قاعدة و إنما الاستثناء..

إن وزارة الصحة ليست عيادة طبيب و ليست غرفة عمليات ، إنما هي منظومة إدارية فنية كبرى ، و هي من أعقد المنظومات الإدارية ، لأنها تحتوي على أبعاد متعددة متداخلة ، إدارية و مالية و فنية ، ففيها الإداري و المالي و الطبيب و الممرض و الفني و أنواع عديدة من العمالة المساندة ، فيها الخدمات الطبية و الفنية و فيها الخدمات الفندقية بتفاصيلها الكثيرة ، و العمل في غالب مرافقها و وحداتها على مدى 24 ساعة 7 أيام في الأسبوع بلا توقف..

إن المؤهل لتولي هذه المنظومة الإدارية المتشابكة و المعقدة هو من أُعد لها ، و امتلك الأدوات اللازمة لتفكيكها و تبسيطها إلى القدر الذي يمكنه من معرفة الوضع القائم و من ثم وضع الحلول و استخدام الأنظمة و البرامج المناسبة للوصول للوضع المأمول ..

فعلوم الإدارة أضحت تعطي كماً كبيراً من المعارف و المهارات و الأدوات التي تساعد على الأداء المتميز لأي منظومة إدارية ، من خلال تحديد الأهداف و وضع المعايير و قياس الأداء بشكل مستمر و تصويب الإنحرافات عما هو مستهدف. بمعنى أبسط تمكّن من إدارة الأداء في أي منظمة ..

إن علوم الإدارة و القيادة تتعامل مع مفاهيم عديدة مثل البيئة الداخلية للمنظومة و البيئة المحيطة بها ، و أصحاب المصلحة و الموازنة بين مصالحهم ، التخطيط الإستراتيجي ، الإدارة الإستراتيجية ، سلاسل التوريد ، الموارد البشرية -استقطاباً و تعييناً و تحفيزاً و حفاظاً- و الموارد المالية .. إلى آخره ..

كل هذه الأمور لايجيدها الطبيب ، فهو أُعد لعلاج المرضى و لم يُعد لإدارة منظومة إدارية معقدة غاية التعقيد مثل وزارة الصحة ..

فهل تتغير ثقافتنا الحكومية و المجتمعية إلى أعط القوس باريها و نسلّم حقيبة وزارة الصحة لإداريين متخصصين و ليس لأطباء ؟

أرجو ذلك..

و لعل تولي القيادي و الإداري المتميز المهندس الصناعي عادل فقيه و إعطاؤه الفرصة الكافية لتصحيح الوضع ووضع وزارة الصحة على المسار الصحيح يعزز هذا التغيير الثقافي التنظيمي و يوجد القناعة لدى أصحاب القرار بإيكال الحقائب الوزارية وخصوصاً الأكثر تعقيداً لأهل الإدارة ..

و الله ولي التوفيق.

 

د. فائز صالح جمال

26/06/1435هـ                                                         @fyzjml

 

 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

28/06/1435

28/04/2014

مكة المكرمة

106

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/40467

           

 

 

106 إدارة الأعمال الرأي 28/06/1435 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/40467

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق