الأحكام القضائية و تشجيع المحتالين

by Admin

الأحكام القضائية و تشجيع المحتالين

بقدر ما قد يشوب عقود تأجير السيارات المنتهي بالتمليك من غبن على المستأجرين فإنني لم أفهم الحكم القضائي الذي صدر على مندوبي إحدى شركات بيع السيارات بنظام التأجير المنتهي بالتمليك بالسجن و الجلد لقيامهما بسحب سيارة تأخر صاحبها عن سداد ما عليه من إيجارات ؛ و ذلك من عدة أوجه:

الوجه الأول هو أن الموظفين ينفذون تعليمات الشركة ، و الواجب في حال صحت المخالفة و استُحقت العقوبة أن تتطبق على الشركة وعلى من أمر بسحب السيارة من مدرائها لا على المندوبين المنفذين.

الوجه الثاني هو أن شروط عقود التأجير المنتهي بالتمليك تعطي الحق للشركة مالكة السيارة بسحبها في حال تعثر المستأجر و تأخره في سداد الإيجار الشهري ، و بموافقة المستأجر و الدليل إعطاؤه عنوان بيته بالتفصيل ، و معرفته باحتفاظ الشركة بمفتاح السيارة الاحتياط ، و أن السيارة باقية في ملكية الشركة ، و وفقاً للقواعد المرعية و المعتبرة مثل (العقد شريعة المتعاقدين) و (المؤمنون على شروطهم) فإن إجراء الموظفيْن صحيح و أمر الشركة بسحب السيارة ليس فيه مخالفة تستحق العقوبة.

الوجه الثالث هو أنه مما أصبح معلوماً عن القضاء بالضرورة هو عجزه عن مواجهة حاجة البلاد و العباد ، نتيجة لنقص أعداد المحاكم و القضاة بشكل أخل بمعايير العدالة و مُمكِّنات تحقيقها ، و امتداد أزمان البت في القضايا إلى سنوات شاهد على ذلك ، و بالتالي كان الأولى الحكم بإنفاذ العقد و عدم الالتفات إلى شكوى المستأجر مادام هذا هو ما تراضى عليه مع الشركة عند توقيع العقد.

الوجه الرابع هو أن الحكم سوف يشجع المحتالين -و من لديه قابلية لكي يكون محتالاً- على التهرب و المماطلة في سداد الإيجارات المستحقة عليهم وهو بالمناسبة ما سوف يجعل الشركات تحجم عن تقديم هذا النوع من الخدمة ، و سوف يتضرر من ذلك الكثير من الناس الذين يناسبهم هذا النوع من الخدمة.

إننا و في وضعنا القضائي نحتاج إلى المزيد من الإجراءات السريعة للبت في خصومات الناس ، و من بين ذلك هو الالتزام بما تعاقدوا عليه ، مثلما يتم في قضايا الشيكات على سبيل المثال ، ففي بعض الدول الأمر لا يستحق أكثر من تقديم البلاغ وسؤال صاحب الشيك عن شيكه و صحة توقيعه ليتم الزج به في السجن لحين الوفاء بما وقع عليه.

واقعنا القضائي أصبح مشجعاً للمحتالين و النصابين و الحرامية و قليلي المروءة ، و جاعلاً اليد العليا لهم بسبب عدم الأخذ بما في الكثير من الأنظمة و العقود ، و الاستماع لادعاءات هؤلاء المحتالين ، و إطالة أمد التقاضي لسنوات و سنوات ، و إشغال المدعى عليهم و إضاعة حقوقهم ..

و يُضاف إلى عُسْر بُطء التقاضي لدينا عُسْر التنفيذ ، فكثير من الأحكام القضائية القطعية لا ترى طريقها للتنفيذ حتى من قبل الجهات الحكومية و الوزارات .. و بذلك يصبح مسرح حياتنا تحت أقدام و أيدي الظلمة و أهل الاحتيال و الكذب و قليلي المروءة ..

و لكن في النهاية يبقى الله سبحانه و تعالى –من قبل و من بعد- لأهل الحقوق و المظلومين ..

فنعم بالله .. نعم المولى و نعم النصير.

 

د. فائز صالح جمال

22/05/1435هـ                                               @fyzjml

 

 

 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

22/05/1435

20/03/2014

عكاظ اليوم الإلكترونية

رأي – كتاب و مقالات

التعديل : ما تحته خط

http://www.okazalyoum.com/?p=262062

           

 

 

حكومية الرأي 22/05/1435 عكاظ اليوم الإلكترونية رابط المقال على النت http://www.okazalyoum.com/?p=262062

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق