و الله أخشى أن تصيبنا دائرة !!
في كل يوم نتحدث عن الرحمة و العطف على الصغير ، و عن رعاية الكبير ، و كفالة اليتيم .. و مساعدة المحتاج و الفقير .. كل يوم نكرر الحديث عن التكافل الاجتماعي .. و عن أعمال البر و الخير .. وكل يوم نردد قول سيدي رسول الله صلى الله عليه و سلم : مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد ..
و في كل يوم نتحدث و نقول هذا و فاطمة .. الطفلة ذات ثلاثة عشر ربيعاً ، تتألم .. و تتأوه .. بين ظهرانينا ، و نحن نتفرج و لا نحرك ساكناً و لا نقول كلمة نُعذر بها أمام الله تحت وطأة الأنظمة و التعليمات ..
فاطمة تتألم و أهلها ينظرون إليها و لا يلوون على شيء .. قلة ذات يد .. و قلة حيلة .. و نحن لازلنا نتفرج ..
فاطمة طفلة بريئة قدّر الله عليها أن يصيها مرض مزمن فتاك ، يحتاج إلى متابعة دقيقة للتخفيف من آثاره و آلامه ، التي تسري في جميع أجزاء جسمها الغض الرقيق و تفتك به ..
تمشي المسكينة فتسقط .. من فرط آلام ركبتيها و ضعفها ..
تتحدث فيعوج لسانها .. و تتعثر عليه كلماتها ..
تأكل فيتساقط الأكل من فمها ..
تحرك أطرافها فتبدو كمن يعاني من شلل في أطرافه ..
حتى جلدها لم يرحمه المرض .. فعلى الطفح و البثور وجهها الرقيق البريء ..
مرض اسمه الذئبة الحمراء .. و ما أدراك ما الذئبة الحمراء .. مرض له من اسمه أعظم نصيب ، ينقض على الإنسان فيفتك به و يأتيه من كل مكان .. فكل أعضاء الجسم معرضة لفتكه و تدميره .. الكبد .. الكلى .. القلب .. الرئة .. الجلد .. الجهاز العصبي .. الدماغ .. المفاصل ..
كل هذه الآلام ، و كل هذه المعاناة لم تشفع لفاطمة (الطفلة) ، و لم يرق قلب مسئول في مستشفى حكومي لحالها ، و لم يوافق على مواصلة علاجها ..
فقبل عدة أسابيع أقبلت عليّ زوجتي ملهوفة ، تعلو وجهها علامات الحزن و قلة الحيلة .. و هي فيما يبدو تعكس لهفة و حزن صديقة لها دأبت على مساعدة كل محتاج و حمل همومه ، و هذه الصديقة كانت بدورها تنقل هم و غم و لهفة و قلة حيلة أسرة هذه الطفلة بسبب توقف المستشفى عن مواصلة علاجها و متابعة حالتها .. لماذا ؟؟ ببساطة لأنها أجنبية .. و طلبت مني أن أحاول مساعدتها و شرح حالتها و آلامها لدى أحد المسئولين في المستشفى لعله يتفهم حالتها و يرق قلبه لحالها ..
و بالفعل قمت بالاتصال بأحد الأصدقاء في ذلك المستشفى ، و شرحت له الأمر و بدافع العاطفة و بحكم قربي من حالة مشابهة و معرفتي السابقة بمضاعفات و آلام المرض و مخاطره الجمة بدأت أوضح له حجم المعاناة و أسأله كيف يمتنعون عن معالجة مثل هذه الحالات الصعبة ناسياً أنه طبيب و يعلم هذه الأمور أكثر مني .. و بالفعل بعد قناعته بخطورة الحالة قام الطبيب الصديق بمحاولة إعادة فتح الملف الذي أُغلق و مواصلة علاجها و لكنه لم ينجح في إقناع أولئك المتمترسون خلف تلك التعليمات و التعاميم الجامدة الميتة التي لا تلقي للإنسانية بالاً .. و هذا على الرغم من أنه يعتلي منصباً رفيعاً في ذلك المستشفى ..
إننا يا قوم مأمورون بالرفق بالحيوانات ، و كلنا يعرف حديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها ، و تلك البغي التي دخلت الجنة بشربة ماء لكلب .. فما بالنا نقسو هكذا مع البشر ؟؟
ما بال إخواننا في المستشفيات يرون في كل يوم معانات المرضى و يسمعون أناتهم فيتجاهلونها و يظلون متترسين خلف التعاميم و التعليمات التي يتنصل منها مصدروها ؟؟
ما بالنا يا قوم صامتون و نحن نرى و نعلم كم هي معاناة المريض مع مرضه و هو يجد العلاج و الرعاية ، فكيف به و هو يُكفح على أبواب الطواريء في مستشفياتنا و هو قليل حيلة ؟؟
أليس الدين النصيحة لله و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم ؟؟ فما بالنا لا ننصح ؟؟
إنني و الله أخشى أن تصيبنا دائرة بسبب دعوات المرضى الذين تخلينا عنهم و عن علاجهم و تركناهم مع آلامهم و لم نسمع أناتهم و لم تحركنا دموعهم ..
يا قومي إنني و الله أخشى أن يكون امتناعنا عن علاج المرضى من غير السعوديين سبباً في استجلاب غضب الرحمن علينا ، فيسلط علينا ما يجعلنا ننفق أضعاف أضعاف ما سعت وزارة الصحة إلى توفيره من ميزانية علاج غير السعوديين .. هذا إن لم يكن قد حل بنا غضب الله و سخطه .. و لا حول و لا قوة إلاّ بالله ..
إنني أسمع أنات و تأوهات المئات من المرضى هنا وهناك ، فهل تسمعون معي ؟؟
أرجو أن أكون قد أسمعتكم بعضاً منها ولو همساً ، و أرجو أن تفعلوا شيئاً ..
وقد بلغني اليوم أن فاطمة تعيش آلام هجمة شرسة من مرضها ، و لا زال المستشفى يرفض علاجها و التخفيف من آلامها .. فحسبها و حسبنا الله و نعم الوكيل ..
8/11/1423هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر ***** لم يُنشر في المدينة و سلمت نسخة منه لمعالي وزير الصحة د. أسامة شبكشي بواسطة الأستاذ محمد سعيد طيب بدار الثاني ليلة السبت 25/9/1423هـ ، و قد طلب عدم النشر لكي يتمكن من عمل شيء ، و حيث أنني لم أتلق أي اتصال منه ، و أن فاطمة تعاني من هجمة شرسة من المرض هذه الأيام فد آثرت محاولة نشره في الندوة و للأسف لم يُنشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
– |
– |
– |
– |
– |
التعديل : لا يوجد . |
حكومية 11/06/1435 الموقع الشخصي رابط المقال على النت http://