ما فتئت وزارة البرق والبريد والهاتف تشغلنا بين فترة وأخرى بهذا المسمى الهاتف الجوال ليصبح حديث المجالس في جميع الأنحاء بين مؤيد ومعارض ومحايد لما يصدر من توصيات وقرارات ..
ففي البداية ذهبت الوزارة في تقديم الخدمة الى مالم يسبقها اليه أحد بفرض دفع رسوم تأسيس الهاتف الجوال مقدما ولفترة قد تصل إلى العام في بعض المناطق .. قبل ذلك كانت أعلنت عن توصيات لجنة مكلفة بدراسة رسوم المكالمات فأوصت اللجنة بأن يكون الرسم كرسم الهاتف الثابت يضاف اليه ريال عن كل دقيقة على المكالمات الصادرة والواردة الى الهاتف الجوال ، ثم أقرت الوزارة رسما يوازي 50 هللة عن كل دقيقة بدلا من ريال و 25 هللة بعد فترة الذروة وذلك عن المكالمات الصادرة فقط وأبقت على شرط دفع رسوم التأسيس – العشرة آلاف ريال – مقدما . وعلى هذا الأساس وكما هو معروف دفع المواطنون العشرة آلاف اضطرارا لحاجتهم الماسة لخدمة الهاتف التي مازالت لبعضهم حلما لم يتحقق ، ولعدم وجود أي بديل أو اختيار آخر أمامهم .
ولقد كانت آخر مفاجآت هذا المسمى الهاتف الجوال الأسبوع الماضي حينما تم تخفيض رسوم التأسيس الى 3500 ريال بدلا من 10000 ، وزيادة رسوم المكالمات الى ريال وستين هللة للدقيقة الواحدة خلال فترة طويلة سميت بفترة الذروة ، و ريال و عشرين هللة لما بعد فترة الذروة ، وذلك كرسوم موحدة لا تفرق بين المكالمات المحلية والداخلية ، وفسّر معالي وزير البرق والبريد والهاتف ذلك في تصريحه أن توحيد الرسوم هو بسبب عدم إمكانية التفريق بين المكالمات من الناحية الفنية ، وأن الرسم الموحد مأخوذ به في بلدان أخرى ومبلغه يقارب أيضا ما هو مقرر في الدول المشار إليها و أن رفعه جاء لتخفيف الضغط على الشبكة . وكذلك أشار التصريح إلى عدم إمكانية رد الفرق لمن دفع العشرة آلاف ، و إنما يمكنه تأسيس هاتف جوال آخر أو اعتباره دفعة مقدمة تُسدد بها الرسوم الفترية ورسوم المكالمات .
وفي الواقع أن هذا هو العجب العجاب – كما يقولون – ففي البداية أصرت الوزارة على تحصيل الرسم المرتفع مقدما ، وقَبِل المواطن بذلك لحاجته الماسة للخدمة ووقوفا منه الى جانب الوزارة لتمويل المشروع – ذاتيا – . ثم تأتي الآن لتخفض الرسم الى المبلغ المعقول وهو تخفيض في محله ويتناسب مع ما هو قائم في معظم الدول التي سبقتنا الى هذه الخدمة وقد سبق المطالبة به . ولكنها في نفس الوقت ترفض رد الفرق بين الرسم القديم والجديد وتفرض على المواطن اعتباره دفعة مقدمة تغطي رسوم لخدمات لم تقدم للمواطن ولفترة قد تصل الى عامين عند البعض ، وهي بذلك تسجل السبق للمرة الثانية في استحصال رسوم لخدمات لم تقدمها بعد .
وثالثة الأثافي -كما يقولون- هو توحيد رسوم المكالمات ورفعه الى ما يزيد عن ضعفي الرسم السابق ، ولا أدري كيف غاب عن الوزارة أن التمييز بين المكالمات المحلية والداخلية غير ممكن فنيا وأعلنت عن الرسوم السابقة ؟ والتساؤل الآخر هو هل الشبكة الجديدة أيضا بحاجة الى تخفيض الضغط عنها – برفع رسم المكالمة بهذا الشكل – وهي في بداية تشغيلها وعلى الرغم من حداثتها ؟
إن المستقريء لقرارات الوزارة بشأن الهاتف الجوال يلحظ أنها بعيدة نسبيا عن النظرة الإقتصادية عند تسويق هذه الخدمة التي يتوقع أن تحقق دخلا كبيرا للدولة يساهم بفعالية في رقم الإيرادات ، وفي تصوري أن رسوم المكالمات الأخيرة لن تخدم هذا الهدف لأن المواطن سيبتعد عن الإشتراك في الهاتف الجوال قدر الإمكان فضلا عن استخدامه مما يحرم خزينة الدولة من دخل كان يمكن تحقيقه لو أن الرسوم كانت في حدود المعقول .
لذا فإنني أعتقد أن رسوم المكالمات تحتاج الى إعادة نظر وكذلك تحديد فترة الذروة ونسبة التخفيض فيها ، و أن تقدم الخدمة للمواطن المشترك بشكل يتناسب و ما يقدّم لنظيره في الدول التي سبقتنا في هذا المضمار . وأما ما يتعلق بفرق رسم التأسيس فإنني أرى أن يُخيّر المواطن بين استرجاعه أو اعتباره دفعة مقدمة لسداد فواتير الهاتف ، وستجد الوزارة من يفضل اعتبارها دفعة مقدمة وفي نفس الوقت يتمكن المواطن الذي يحتاج الى المبلغ من استلامه وهذا من حقه كما أرى . وللحديث بقية ..
18/6/1416هـ فائز صالح محمد جمال
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 20/06/1416هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 11909 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل :
11909 حكومية الرأي 20/06/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://