و هل في غطاء الوجه تقليل لشأن المرأة ؟!
إن مما يُفهم من إشارة سمو ولي العهد في كلمته التي ألقاها في حفل أهالي المنطقة الشرقية أثناء جولته الأخيرة فيها إلى ما يتعلق بالمرأة ، وتأكيد سموه على أن القيادة السعودية “لن تسمح لكائن من كان أن يقلل من شأنها أو يهمش دورها الفاعل في دينها وبلادها” ، أقول أن مما يُفهم أنها تأتي في سياق الرد على من يتهمون هذه البلاد بسوء معاملة المرأة أو التقليل من شأنها ودورها ، أو من يهمشون دور المرأة القائم الآن في خدمة دينها ووطنها ،
و يؤكد ذلك الجملة التي جاءت بعد الجملة السابقة مباشرة وهي قول سموه “ولن نسمح بأن يُقال بأننا في المملكة العربية السعودية نقلل من شأن أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا ولن نقبل أن يُلغى عطاء نحن أحوج الناس إليه” .
ولكن عدد من الكتّاب ذهبوا إلى تفسير كلمة سموه وكأنها إقرار بأننا في هذه البلاد نقلل من شأن المرأة ونهمّش دورها ، وأنه حان الوقت لكي نرفع من شأنها و نعترف بدورها الفاعل ، وأن نبادر إلى تحرير المرأة من الكثير من قيود العادات والتقاليد حسب تعبير صاحب الرأي الآخر الأستاذ عبد الله أبو السمح ، الذي وجد في كلمة سمو ولي العهد فرصة مواتية لتوجيه سهامه إلى حجاب المرأة وحشمتها ، واعتبر غطاء المرأة المسلمة لوجهها أحد أسباب إعاقة حركتها وعملها وتقليل لشأنها ، وأن كشف وجه المرأة هو أول ما نبدأ به للرفع من شأن المرأة وتفعيل دورها .
فلقد كتب الأستاذ عبد الله أبو السمح تحت عنوان (إشراقة شمس) بصحيفة عكاظ بتاريخ 1/1/1420هـ ، حول كلمة سمو ولي العهد حول دور المرأة ، وعقب على المنتقدين له و المعترضين عليه بتاريخ 5/1/1420هـ ، و لقد عجبت مما قرأت .. و أسباب التعجُّب هي أولاً : ذلك الربط غير الموفق بين ما جاء في كلمة سمو ولي العهد حول عدم سماح القيادة لكائن من كان أن يقلل من شأن المرأة ودورها وبين كشف وجه المرأة ، و ثانياً: اعتباره أن كشف وجهها (إشراقة شمس) و بداية الانطلاقة للرفع من شأنها !! ، وثالثاً : أنه لم يكتف بالحديث عن أن كشف الوجه مسألة خلافية فقط ، بل ذهب في مقاله الآخر بتاريخ 5/1/1420هـ إلى الترويج إلى أن مسألة حجاب المرأة المسلمة عموماً -وليس غطاء وجهها فقط- مسألة خلافية ..
و أقول : صحيح أن تغطية وجه المرأة مسألة خلافية ، ولكنني أكاد أجزم بأنه لم يدر بخلد أي ممن أفتى بجواز كشف وجه المرأة أن في ذلك رفع لشأنها ، و لا أن تغطية الوجه يُعد تقليلاً من شأنها أو حط لقدرها أو تعطيل لدورها في المجتمع ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى أيضاً لا أشك في أنه لا خلاف بين الفقهاء على أفضلية تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب سداً للذريعة وأمان من الفتنة وإعانة على تحقيق الأمر الإلهي بغض البصر ..
و أما الأقلام التي علقت على كلمة سمو ولي العهد و ذهبت إلى التوسع في إتاحة فرص العمل للمرأة خارج بيتها ، و رددت اسطوانة النصف المعطل للمجتمع ، فقد غفلت أو تغافلت عن أمرين هامين :
أولهما : أن دور المرأة الأساسي في خدمة دينها و وطنها يكمن في أدائها كما يجب لدورها في بيتها ، من رعاية الزوج وتربية الأبناء ، وعدم ترك ذلك للمربيات والخادمات .
فدور المرأة في بيتها لا يقل بأي حال عن دور الرجل ، فلكل من الرجل والمرأة دوره في هذه الحياة ، يكمل أحدهما الآخر ، وأي اختلال في هذه الأدوار سيؤدي حتماً إلى خلل في المجتمع ، ويتفاقم هذا الخلل بقدر الاختلال الحاصل في أداء كل من الرجل والمرأة لدوره ، وبقدر تكامل الأدوار تتحقق الحياة السعيدة و الكريمة لعموم المجتمع .
و كما هو معلوم بأن بقاء المرأة في بيتها هو الأولى ، فالله عز وجل يقول {وقرن في بيوتكن} و رسوله صلى الله عليه وسلم يقول ( .. و بيوتهن خير لهن) ، وبالتالي فإن بقاءها في المنزل لا يُعد تعطيلاً لنصف المجتمع كما يزعم البعض ، بل إن قيامها بواجباتها في رعاية الزوج و تربية الأبناء يُعد تفعيلاً لنصف المجتمع وليس العكس ، و قد لا أكون مبالغاً إن قلت بأن عمل المرأة هو الذي يُعد تعطيلاً لدور نصف المجتمع وعلى الأخص إذا كان على حساب دورها في رعاية الزوج والأبناء ، إذ من سيقوم بهذا الدور الحيوي الهام ؟؟
وكم سمعنا من صرخات في المجتمعات الغربية التي سبقتنا إلى ما يسمونه تحرير المرأة وإخراجها من بيتها و تعطيل دورها في رعاية الأسرة تنادي بعودة المرأة إلى بيتها ، وكم نشاهد الآن من تفكك أسري واجتماعي في تلك المجتمعات كان لخروج المرأة إلى العمل دور كبير في حدوثه .. فهل نعتبر ؟؟
الأمر الثاني الذي تغافلت عنه تلك الأقلام : هو أن أولوية توفير فرص العمل لدينا و في حالتنا الراهنة هي للرجل ، و هذا ليس انحيازاً له إطلاقاً ، وإنما لأن الرجل مكلف شرعاً بالسعي والتكسب لإعالة أهل بيته والإنفاق عليهم ، وهو المكلف بالإنفاق على المرأة حتى وإن كانت ذات مال و غنى .. وللحديث بقية ..
14/1/1420هـ فائز صالح محمد جمال ص.ب 5815 فاكس 5422611
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق 15/1/1420هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12313 صفحة رقم : 9 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12313 المرأة الرأي 15/1/1420 الندوة رابط المقال على النت http://