وا اسلاماه ..

by د.فائز جمال

وا اسلاماه ..

لا أريد أن أكرر ماسبق لأخوة أكارم غيورين على محارم الأمة حين كتبوا أو تكلموا  عن التآمر الدولي على أمة الاسلام في مواقع كبيرة لعل أبرزها  في هذه الأيام مآساة مسلمي البوسنة والهرسك ، وخدعة  المناطق الآمنة التي فر منها جنود الأمم المتحدة لتستولي عليها العصابات الصربية

وتقتل رجالها وتغتصب نساءها وحتى أطفالها – كما نقلت ذلك جريدة المسلمون في عددها الأخير ..

ان ما نقلته المسلمون وتنقله الصحف الأخرى من مشاهد مما حدث لأهل سريبرنتشا رجالا ونساءا وأطفالا وشيوخا ،  هذه البلدة التي دعتها الأمم المتحدة منطقة آمنة  أثار في نفسي بل فجّر في داخلي مشاعر من الغضب والحزن في آن ، الغضب لما يتعرض له أخوة لنا في العقيدة على أيد الصرب المعتدين والحزن لما نراه من تخاذل المسلمين عن نصرتهم الا ما رحم ربك ..

انني أتساءل هل يكفي من منظمة المؤتمر الاسلامي أن تطالب المجتمع الدولي بالوقوف مع فرنسا لموقفها المؤيد للمسلمين – فيما يبدو – لاستعادة سريبرنتشا ؟؟ لقد سبق لمنظمة المؤتمر الاسلامي أن طالبت برفع الحظر عن السلاح لمسلمي البوسنة والهرسك في مؤتمرها الخاص بالبوسنة والهرسك والذي عُقد في جدة فلم يُستجب لطلبها وظل الحظر الظالم المفروض على أخواننا في البوسنة في حين أن عدوهم لايزال يملك ترسانة أسلحة تكفيه لعشرات السنين ..

ان المؤمل أن يكون دور منظمة المؤتمر الاسلامي فاعلا ومؤثرا بشكل أكبر في الدفاع عن حقوق المسلمين في كل مكان .. ولن يتأتى لها هذا الدور والمسلمون على ما هم عليه من فرقة واختلاف .. لذا فان المطلوب هو أن تتبنى المنظمة عملية توحيد الصفوف والمواقف للدول الأعضاء

لم يشعر أحدنا بالمهانة كما يشعر بها الآن .. ولم يشعر المسلم بذل أسوء من الذل الذي نعيشه هذه الأيام .. ولم تنجلي الأمور عن استكانة وخضوع واستسلام كما تجلت هذه الأيام .. ماذا بقي للمسلمين بعد أن تتوجه منظمة المؤتمر الاسلامي – بجلالة قدرها – الى مجلس الأمن ليقف مع فرنسا في موقفها المؤيد للمسلمين – فيما يبدو – ومطالبتها باستعادة سريبرنتشا من الصرب الظالمين بالقوة ؟! ماذا بقي للمسلمين اذا كانت المنظمة التي كان من المفترض أن يكون لها دور مؤثر وصوت مسموع في الدفاع عن حقوق المسلمين وهي تكتفي بالمطالبة بالوقوف مع فرنسا ؟! ولماذا لا تعمل المنظمة على توحيد الصف وجمع كلمة المسلمين لا لإعلان الجهاد أو الحرب ضد المعتدين -لأننا لم نُعدّ العدة وما نستطيع من القوة – ولكن لاتخاذ اجراءات تضع مصالح المعتدي وأعوانه مقابل الاعتراف بحقوق المسلمين وحمايتها ؟!

انني حتى هذه اللحظة لم أجد مبررا للتمسك بعضوية منظمة غير محايدة كمنظمة الأمم المتحدة وهي المنظمة التي أعطت الصرب الضوء الأخضر بل وحفّزتهم لاغتنام الفرصة وأقرّت لهم بالمكاسب وذلك من خلال قراراتها وتوصياتها والتي على رأسها قرار حظر السلاح الذي لم يضر الاّ  بمسلمي البوسنة لأن الصرب استولوا على ترسانة جيش يوغسلافيا السابقة وهو رابع قوة عسكرية في العالم – حسب علمي – ولوقوف صربيا من ورائهم .. فلماذا لا تُقدِم الدول الاسلامية على الانسحاب من عضوية الأمم المتحدة كنوع من الاحتجاج على قراراتها المنحازة ؟؟ ولماذا لا تُخضع الدول الاسلامية علاقاتها مع الدول الغربية سياسيا واقتصاديا لميزان المصالح ومدى مراعاتها لحقوق المسلمين حرصها على صيانة أرواحهم وأموالهم وأعراضهم في كل مكان ؟؟ ولا أدري كيف تسعى الدول الاسلامية الى تقوية علاقاتها بدول تعلن ليلا ونهارا سرا وجهارا أن عدوها الأول بعد سقوط الشيوعية هو الاسلام ؟؟

انني أعتقد أن اكتفاء الدول الاسلامية بالشجب والتنديد والاستتكار والاستهجان عبر البيانات وبالأقوال دون ترجمة ذلك الى أفعال هو ما أعطى أعداء الأمة صورة واضحة عن تخاذل المسلمين وخضوعهم وخنوعهم واستسلامهم وهو ما أفسح المجال لمزيد من الغطرسة والعدوان والاطمئنان في نفس الوقت الى أن المسلمين سيكتفون بالولولة والاستنكار وانتهاء الأمر الى القبول بالأمر الواقع … والا كيف يمكن أن نفسر لعبة المناطق الآمنة التي نُزع فيها سلاح مسلمي البوسنة بحجة أنها مناطق خاضعة لحماية الأمم المتحدة وقواتها هي المسؤولة عن الدفاع عنها اذا ما تعرضت لعدوان صربي .. ثم ها نحن رأينا كيف أن قوات تلك الأمم المتحدة تولي دبرها لتسقط سريبرنتشا في أيدي الصرب ويُذبح رجال المسلمين وتُغتصب نساؤهم ويُشرّد أطفالهم وشيوخهم على مرأى ومسمع من الأمم المتحدة والدول التي تمتلك من القوة ما هو كفيل بردع الصرب لو أرادوا ، ثم هاهم يترددون ويتبادلون المواقع والمواقف في اللعبة القذرة أو بالأحرى المؤامرة لكي تتاح الفرصة كاملة أمام الصرب لاسقاط بقية المناطق الآمنة والاستيلاء عليها وليذهب المسلمون الى الجحيم !!

ان تردد الغرب وأشياعهم ممن ناصبوا الاسلام العداء ليس بمستغرب فهم الأعداء ومن يتوقع من عدوه انصافه فهو واهم ، انما المستغرب هو تخاذل المسلمين عن نصرة اخوانهم ووقوفهم موقف المتفرج من قتل الرجال واغتصاب النساء وتشريد الأطفال والشيوخ بل وسرقة الأطفال لتنصيرهم وتربيتهم ليكونوا أعداءا لأمتهم ..

فإلى متى ستظل كلمة وا اسلاماه التي تتردد في كل لحظة مع كل قذيفة وكل رصاصة توجه لإخوة لنا في الدين في مواقع كثيرة من العالم لا تجد لها رجعا ؟؟ لقد حكت لنا كتب التاريخ كيف أن صرخة امرأة مسلمة وقعت في الأسر “وا معتصماه ” جعلت المعتصم يجيّش الجيوش لنصرتها .. ونحن وان كنا لا نطمح الى ذلك في واقعنا وانما نطمح لأن يكون لدول العالم الاسلامي مواقف ومناورات ومفاوضات واجراءات فيما هو متاح وممكن مع هذا العدو المتربص تحفظ ماء الوجه وتجعل العدو يحسب لهذا العالم الاسلامي الذي يشكل خُمْس العالم ولو بعض الحساب ..

والله المستعان واليه المشتكى .

23/2/1416هـ                                                   فائز صالح محمد جمال

 

بيانات النشر

نُشر : يوم : الإثنين الموافق  26/02/1416هـ      

في صحبفة : المدينة المنورة     رقم العدد : 11797        صفحة رقم : 13 (الرأي) .

التعديل :

 

 

 

11797 سياسة الرأي 26/02/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق