استكمالا لموضوع مقال الأسبوع الماضي والذي استعرضنا فيه رسالة احدى المعلمات حول مواعيد الدراسة والتي ذكرت فيها أن الملل والتضجر قد تسلل الى نفوس الطلبة والطالبات وكذلك المعلمين والمعلمات نتيجة لطول فترة الدراسة وقصر الاجازة الصيفية فسنتحدث هذا الأسبوع عن الدراسة في رمضان ، فقد أشارت الأخت المعلمة الى أن طول فترة الدراسة ناتج عن طول اجازتي العيدين اللتين تتخلل الفصل الدراسي الثاني بالاضافة الى كثرة غياب الطلاب والطالبات .
وما أود هنا التعليق عليه حول الدراسة في شهر رمضان المبارك هو أنه من الملاحظ فعلا تزايد غياب الطلاب وعدم اكتراثهم بالنظام في السنوات الأخيرة بشكل ملفت ، وهو أمر لابد من السعي الى تغييره وليس الاستجابة لمطالبة البعض بجعل شهر رمضان اجازة ، فلابد من استمرار الدراسة في رمضان كغيره من الأشهر وذلك أسوة بجميع الدول الاسلامية و أسوة ببقية أفراد المجتمع من موظفي الدولة والقطاع الخاص الذين مازالوا يعملون في نهار رمضان ، وذلك تلافيا لتعود الأجيال الصاعدة على النوم في نهار رمضان والسهر في لياليه وهم الذين سيكونون في مواقع العمل المختلفة في المستقبل .
ان كثرة غياب الطلاب خلال شهر رمضان وتمتعهم بالاجازة قبل موعدها أمر جد خطير والتساهل معه له آثار تربوية سلبية وخطيرة أيضا ، فالطلاب سيتعودون على عدم احترام الأنظمة والقوانين منذ نعومة أظفارهم و وسيكبر معهم عدم الاكتراث بالنظام وسينتقل الى أماكن عملهم في المستقبل ، ولا ندري كيف يمكن تصور الوضع عندما يتسلم زمام الأمور من لا يحترم النظام . وفي اعتقادي أن ذلك كان نتيجة لعدة أمور منها :
الأول : تساهل ادارات التعليم مع الطلاب وعدم وضع عقوبات رادعة لهم للانتظام والالتزام بمواعيد الدراسة مما جعلهم لايقيمون وزنا لهذه القضية ، بل يتجاوز الأمر ذلك الى التساهل مع بعض المدرسين أنفسهم حيث تجد أحدهم يأتي الى المدرسة وهو شبه نائم وبعضهم ينام فعلا في المدرسة .
الثاني : استمرار بث التلفزيون الى الفجر ساهم في تعويد الناس على عملية السهر في رمضان لمتابعة المسللات والبرامج التي قد لا يتناسب بعضها مع قدسية وفضل هذا الشهر الكريم .
الثالث : وقد يكون مترتبا على ماسبق فهو استمرار عمل الأسواق حتى الفجر وبعضها الى ما بعده بساعات.
وبذلك فقد تحول شهر الصبر والعبادة الى شهر للسهر طوال الليل وحتى الفجر في أمور الدنيا والنوم معظم النهار وتفويت فضيلة الصيام نفسها وتأخير الصلوات المفروضة عن وقتها .
وعليه فانني أرى أن تتظافر الجهود للتغيير الى الأصلح وهو أن يكون شهر رمضان شهر عمل وعبادة لا شهر نوم وكسل كما أصبح الآن ، وذلك بأمور منها : انهاء البث التلفزيوني مبكرا كما هو في الأيام المعتادة ، واصدار تعليمات لأصحاب المحلات التجارية باغلاق محلاتهم في وقت مبكر أيضا كما هو الحال قبل رمضان ، والحزم مع الطلاب والمدرسين لكي تنتظم الدراسة في شهر رمضان كغيره من الشهور . وقد اقترح عدد من المعلمين والمعلمات اقتراحا أيده مسؤول رفيع في التعليم من واقع خبرته الطويلة واعتبره هو الحل الأمثل لمشكلة الدراسة في شهر رمضان والاقتراح يتمثل في الآتي :
أن تبدأ الدراسة وكذلك جميع الأعمال الحكومية بعد صلاة الفجر وتستمر حتى صلاة الظهر أو بعدها بقليل . وهي تجربة سبق تطبيقها بالنسبة لموظفي الدولة في زمن سابق . وقد لمست تجاوبا كبيرا عند عرض الاقتراح سواءا على الطلاب أو المعلمين والمعلمات أنفسهم وقد استحسنوا الفكرة ووجدوا فيها حلا ناجعا لمشكلة الكسل والخمول وكثرة الغياب خلال شهر رمضان .
هذه وجهة النظر نضعها بين يدي المسؤولين عن التعليم في بلادنا الغالية راجين أن تنال حظها من الدراسة بما يحقق مصلحة البلاد والعباد والله الملهم الى الصواب .
فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 14/1/1416هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 11755 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل :
11755 التعليم و الجامعات الرأي 14/1/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://