منهجية السعودة و وجهة النظر الغائبة (3)
فرض رسوم جديدة لصالح صندوق التدريب
نُشر في صحيفة الشرق الأوسط الاثنين 28/5/1421هـ ، على صدر صفحتها الأولى خبر عن قرار سيصدر بفرض رسوم جديدة على إقامات و رخص عمل العمالة الوافدة بمعدل مائة وخمسين ريال عن كل وافد يحمل إقامة ، لصالح صندوق تنمية الموارد البشرية ، و أشار الخبر أن هذه الزيادة هي الرابعة من نوعها ، و أن آخر زيادة كانت في عام 1995م ..
و أذكر أن الهدف من الزيادات التي تمت في عام 1995م على الإقامات لتصبح 500 بدلاً من 300 و رخص العمل من ريال واحد إلى 100 ريال ، هو تقليص الفجوة بين تكلفة العمالة الوافدة و تكلفة العمالة المحلية ، وكذلك كان الهدف من زيادة رسوم التأشيرات من 50 ريال إلى 1000 ثم إلى 2000 ريال ..
إذن كان الهدف يصب في اتجاه سعودة وظائف القطاع الخاص ..
ولقد كانت هناك مطالبة من رجال الأعمال بأن يتم توجيه هذه الزيادات في مشاريع تخدم السعودة و تدعم توجه الدولة نحوها ، و من ذلك توجيهها لدعم برامج التدريب ، و إعادة تأهيل الشباب السعودي للعمل في القطاع الخاص ، و المساهمة في رواتب الملتحقين منهم به ، و تعالت الأصوات بهذه المطالبة بشكل واضح صريح أثناء مؤتمر رجال الأعمال السعوديين الأخير الذي عُقد بالرياض ..
فإذا بنا نقرأ عن عزم الحكومة على فرض رسوم جديدة ، سوف تشكل عبئاً جديداً على القطاع الخاص ، و خصوصاً على مؤسساته المتوسطة و الصغيرة ، و سيكون لها انعكاسها السلبي على حركة السوق و على المواطنين ذوي الدخول المحدودة و المنخفضة ، و في نفس الوقت سوف يُحرم الصندوق من دعم أكبر بكثير مما أُقر له الآن ، و ذلك بحجب الزيادات الأكبر و التي تمت في عام 1995م عنه ..
لذلك فإننا في القطاع الخاص لا نزال نكرر المطالبة بتوجيه الزيادات السابقة إلى الصندوق ، و إلغاء هذه الزيادة المقترحة والتي لم يصدر بها القرار بعد ، و ذلك دعماً للقطاع الخاص ، خصوصاً مؤسساته المتوسطة و الصغيرة ، التي تعاني من الوضع العام للسوق ، و في نفس الوقت تحقيق دفعة قوية لصندوق تنمية الموارد البشرية ..
إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعتبر في جميع أنحاء العالم من أكثر المؤسسات خلقاً للفرص الوظيفية ، حتى أن نسبة مساهمتها في توفير الفرص الوظيفية في بلد كالولايات المتحدة تصل إلى 75% . و الضغط على المؤسسات الصغيرة و إضعافها سيتسبب ولا شك في خسارتنا لفرص وظيفية كثيرة .
مخاطر الخسارة أو توقع حدوثها في القطاع الخاص
كما هو معروف فإن مؤسسات القطاع الخاص تبحث عن ربحية أعلى و مخاطر أقل ، و هذا ما يحكم تحركات العاملين في القطاع الخاص ، سعياً إلى تقليل المخاطر و تعظيم الأرباح ، وكلما شعر رأس المال بزيادة نسبة المخاطر في موقع ما، أو تراجع نسب الأرباح لمجال ما ، كلما بدء رحلة البحث عن مواقع و مجالات أفضل .
وكما هو معلوم أيضاً فإن رأس المال هو الذي يخلق الفرص الوظيفية حيثما حل، و بالتالي فهروب رأس المال من مكان ما يعني تقليص الفرص الوظيفية في ذلك المكان ، و خلق فرص في المكان الجديد الذي هرب إليه ..
وخسارة مؤسسات القطاع الخاص أو شعورها بقرب وقوعها نتيجته أحد أمرين :
الأول : أن تقع الخسارة فتغلق المؤسسات أبوابها ، فيُقضى على جميع الفرص الوظيفية التي كانت تتيحها تلك المؤسسات ، و سينضم أصحابها ، مع أولئك الذين كانوا يعملون فيها و خسروا وظائفهم نتيجة للإغلاق ، ليصبحوا جميعاً في صفوف طويلة مع أولئك الذي لم يجدوا وظائف أصلاً .
الثاني : هروب رأس المال نتيجة للشعور بخطر الخسارة ، و سيترتب على ذلك نفس الآثار السابقة ، سوى أن أصحاب رأس المال سوف لن ينضموا إلى الصفوف الطويلة للباحثين عن عمل .
و في الحالين ستكون الآثار سيئة و الأوضاع مريرة لقطاع عريض من أفراد المجتمع ..
لذلك فإنني أرى وجوب الأخذ في الاعتبار مثل هذه الآثار عند إقرار أي إجراء أو تحرك في مجال السعودة، لكي أولاً: نوقف تسرب رأس المال الوطني إلى الخارج، و ثانياً: نحافظ على رأس المال الوطني مستثمراً داخل الوطن، وثالثاً: نحفّز رأس المال المهاجر على العودة، و أخيراً: لنشجع رأس المال الأجنبي على الاستثمار في بلادنا .
إن خسارة مؤسسات القطاع الخاص ، نتيجتها كما أسلفت القضاء على ما هو متوفر الآن من فرص وظيفية للسعوديين في القطاع الخاص -حتى و إن كانت بنسب متدنية- ، و تراجع قدرة القطاع الخاص على خلق الفرص الوظيفية و بالتالي زيادة نسبة البطالة و تفاقم المشكلة أكثر و أكثر .
وبالتالي فإن الحل فيما أتصور يكمن في اتخاذ الإجراءات التي تدفع بعجلة القطاع الخاص إلى الأمام ، لكي يتمكن من خلق فرص وظيفية جديدة ، خصوصاً وأنه سيكون القطاع الأكثر قدرة على خلقها في المستقبل ..
وللحديث صلة بإذن الله ..
9/6/1421هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
نُشر يوم : الاثنين الموافق 13/6/1421هـ
في صحيفة : المدينة المنورة رقم العدد : 13655 صفحة رقم : 8 (آراء) .
التعديل : لا يوجد .
13655 عمل و توظيف آراء 13/6/1421 المدينة رابط المقال على النت http://