منهجية السعودة و وجهة النظر الغائبة ـ 2

by د.فائز جمال
منهجية السعودة و وجهة النظر الغائبة (2)
السعودة في غياب المعلومات والإحصائيات جهود مبعثرة

يبدوا أننا لازلنا لا نحتفي بمسألة المعلومات و الإحصائيات كركيزة أساسية لاتخاذ القرارات .. ، و يبدو كذلك أن البحث العلمي لازال محصوراً في نطاق الجامعات و في مجالات أكاديمية بحتة ، بعيداً عن مشاكل المجتمع المتفاقمة ..

و لا أدري كيف نتوقع أن ننجح في حل مشاكلنا المتضخمة ، و القضاء على معوقات تقدمنا و تنمية مجتمعنا في غياب المعلومة الدقيقة و الإحصائية المفيدة و البحث العلمي الجاد و الدراسة الميدانية ؟؟

فإذا أخذنا على سبيل المثال السعودة كحل لمشكلة البطالة الغريبة في بلد يستوعب ستة ملايين موظف وعامل وافد –و هذه الستة ملايين مشكوك في أمرها لأنها مرة تكون أربعة ، و مرة سبعة ملايين- سنجد أن هناك غياب شبه كامل للمعلومة الدقيقة ..

فليس لدينا معلومات دقيقة عن أعداد العاطلين عن العمل من الشباب السعودي ، و ليس لدينا إحصائية بمستويات تأهيلهم و أعمارهم ، و في نفس الوقت ليس لدينا إحصائيات دقيقة لاحتياجات القطاع الخاص كجهة مستهدفة لاستيعاب هذه الأعداد العاطلة عن العمل ، و ليس لدينا كذلك إحصائية دقيقة عن الوظائف المشغولة بوافدين في القطاع الخاص ، لا من حيث العدد و لا من حيث أنواع هذه الوظائف وفئاتها (طبية ، هندسية ، صناعية ، ماهرة ، عادية.. إلخ) ، و بالتالي ليس لدينا إحصائية تدلنا عن الوزن النسبي لكل فئة من تلك الوظائف .

وحتى لو أردنا أن نستفيد من المعلومات الموجودة في شبكة الحاسب الآلي التابعة لمكاتب العمل ، فستكون المعلومات مضللة لمتخذي القرار ، و هذا بسبب أن هناك قرارات صدرت في السابق في غياب المعلومة الصحيحة ، أدت إلى خلق مشكلة جديدة ، وأعني بذلك القرار الخاص بقصر بعض وظائف القطاع الخاص على السعوديين ، في الوقت الذي لم يكن فيه أعداد كافية مؤهلة و راغبة في العمل في القطاع الخاص في تلك الوظائف ، فأدى ذلك إلى قيام مؤسسات القطاع الخاص باستقدام عمالة بمسميات وظائف ومهن أخرى و تشغيلها في الوظائف التي تم قصرها على السعوديين .. و هذا لم يأت من فراغ أو رغبةً في مخالفة التعليمات ، و إنما بسبب عدم توفر شباب سعوديين راغبين في العمل في القطاع الخاص وخصوصاً في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ..

و في ظل غياب هذه المعلومات لن نستطيع أن نخطط لمخرجات التعليم والتدريب بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل ، و هذا ما قد يفسر توقف جهات التعليم العام عن إحداث تغيير يُذكر في هذا الاتجاه منذ ما يزيد عن عقد من الزمان ، و هي فترة يتم فيها تغييرات جذرية في حياة الأمم المتقدمة ..

و في ظل غياب المعلومة سنجد أنفسنا في مواجهة مستمرة مع مشكلة أو مرض لم نتعرف عليه بشكل دقيق ، و بالتالي سوف لن نتمكن من القضاء عليه وسوف يتحول إلى مرض مزمن ، وسنظل كالطبيب غير الحاذق الذي لم يتمكن من تشخيص المرض بشكل صحيح ، فذهب يعطي المريض مجموعة من الأدوية باعتبار أنه إذا لم ينجح الأول قد ينجح الثاني أو الثالث و هكذا ، متناسياً الآثار الجانبية و الانعكاسات السلبية الضارة التي قد تتسبب في تلف بعض أجهزة جسم المريض ، مما قد يعرضه لمشاكل و أمراض أكثر خطورة ..

لذلك فإنني أرى أن من مفاتيح الحل لمشكلة البطالة الغريبة لدينا المعلومة الصحيحة و الإحصائية الدقيقة و البحث العلمي المستند إلى هذه المعلومة و تلك الإحصائية .. وهذا الأمر يحتاج إلى وقفة جادة من قبل الجهات الحكومية المعنية ، و وتوفير الدعم المادي لهكذا مشروع وجعله في أعلى سلم الأولويات ، بعيداً عن شماعة تراجع إيرادات الدولة ، و إلاّ سنظل ندور في حلقة مفرغة و المشكلة تتفاقم من حولها ..

و الله ولي التوفيق ..

3/6/1421هـ        فائز صالح محمد جمال    فاكس 5422611-02 Email: fayezjamal@yahoo.com

 

بيانات النشر

نُشر يوم : الاثنين الموافق 6/6/1421هـ

في صحيفة : المدينة المنورة    رقم العدد : 13648     صفحة رقم : 8 (آراء) .

التعديل : لا يوجد  .

 

 

13648 عمل و توظيف آراء 6/6/1421 المدينة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق