مع الإجلال إلى سمو أمير منطقة مكة المكرمة
أجد لزاماً عليّ أن أعتذر عن تأخري في الترحيب و التهنئة لصاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز لتوليه إمارة منطقة مكة المكرمة ، و لكن ذلك كان بسبب ظروف صحية ثم ظروف توقفي عن الكتابة خلال شهر رمضان المبارك المنصرم ، تقبل الله من الجميع الصيام والقيام و سائر الأعمال الصالحة ..
فالتهنئة الحارة لسمو الأمير عبد المجيد على الثقة الملكية الكريمة ، و الدعاء الخالص له بالتوفيق والعون على حمل الأمانة العظيمة التي حُمّلها وفقه الله ، فمنطقة مكة المكرمة هي أكبر مناطق المملكة من حيث عدد السكان و من حيث اشتمالها على ثلاث مدن كبرى و رئيسية من مدن المملكة ، و أهم من ذلك كله أنها تحتضن بيت الله العتيق ، مهبط الوحي ، ومهوى الأفئدة ، و محج المسلمين من كل فج عميق ، و جلّنا سمع عن الحديث المشهور الذي خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولاه إمارة مكة ، عندما قال عليه الصلاة والسلام لأسيداً رضي الله عنه عندما ولاه على مكة : أتدري على من وليتك .. و ليتك على أهل الله وخاصته .. ، أو كما قال عليه أفضل الصلاة و السلام .. و كلنا يتذكر وصية سمو ولي العهد لأميرها السابق صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز بأهل مكة خيراً .. فلا شك أن إمارة مكة المكرمة شأنها عظيم و حمل مسئوليتها شأن أعظم .. فكان الله في عون سموكم وسدد على طريق الخير خطاكم ..
و سبقت سمو الأمير عبد المجيد إلينا أخبار إنجازاته في طيبة الطيبة ، و عمله الدؤوب في خدمة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و نحن ننظر لكل ذلك بعين التقدير و الإكبار ، و نتطلع إلى إنجازات كبرى في منطقة مكة المكرمة و استكمال مسيرة تطوير هذه المنطقة الهامة ، على جميع المستويات التخطيطية و التنظيمية و الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. و إلى آخره ..
و قد سبقني كثيرون إلى استعراض بعض المطالب و بعض التطلعات عبر الصحافة ، وهو ما أراه من أوجب واجبات الصحفيين تجاه سمو الكريم وتجاه أي مسئول ، وهو نوع من تسليط الأضواء على بعض الأمور بهدف الإصلاح ، و في الحقيقة رأيت أن أقتصر كلامي على ما أعتقد أنه فيما لو أنجز سوف يُسجل لسموه الكريم بماء الذهب ، لأنه بمثابة الأساس والمنطلق لتحقيق كثير من مطالب و تطلعات أبناء المنطقة .
و لعل أبرز هذه المطالب والتطلعات هو التخطيط الاستراتيجي لمدينة مكة المكرمة ، فغياب التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى قد يكون التفسير الوحيد لما نشهده ونعيشه من مشاكل في واقعنا اليوم ، فكثير من المشاكل و الأزمات التي تعاني منها بعض الخدمات و بالتالي يعاني منها المواطن تعود إلى غياب التخطيط الاستراتيجي السليم ، فعلى سبيل المثال أزمة المياه و الصرف الصحي ، و أزمة الاتصالات و الكهرباء ، وأزمة المرور و النقل حول المسجد الحرام في المواسم ، كلها نشأت بسبب غياب التخطيط السليم ، و ستتفاقم و قد تصعب السيطرة عليها ، و بعضها قد يتحول إلى كارثة لا سمح الله إذا لم يتم تداركها بالتخطيط و بالعمل الدؤوب ، و أذكر على سبيل المثال قضية نقص المياه في مكة ، فقد لاحظنا خلال شهر رمضان كيف تزايدت أعداد الوايتات في المنطقة المركزية على مدار الساعة وحتى في ساعات الذروة المرورية ، وهذه الأزمة إذا لم يتم تداركها قد تتحول إلى مشكلة كبرى يصعب السيطرة عليها ، فتزايد أعداد المعتمرين والزوار و الحجاج أمر مشاهد وملموس و مستمر باطراد ..
و عندما نتحدث عن التخطيط الاستراتيجي لمكة المكرمة نعني التخطيط بنظرة شمولية ، تأخذ في الاعتبار ارتباطها بالمشاعر المقدسة و بالمدن المجاورة ، و كونها –شرفها الله – تستقبل ملايين الحجاج و المعتمرين على مدار العام ، نظرة لا تغفل التنمية الاجتماعية و الثقافية و الحضرية لسكان المدينة بل و سكان المنطقة ككل .
و يحضرني في هذا المجال تجربة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والتي أعدت مخططاً استراتيجياً لمدينة الرياض ، اشتمل على تصور لوضع المدينة بعد خمسين عاماً ، مع دراسة شاملة للمشاكل التي قد تواكب أو تعترض نمو المدينة عبر هذه الفترة ، وتتجاوز الدراسة احتياجات المدينة من الماء والكهرباء و الاتصالات و الصحة و التعليم ، إلى نواحي التطور الحضاري و الثقافي لسكان المدينة ، هذا بالإضافة إلى قيام الهيئة بتقسيم مخططها الاستراتيجي إلى مراحل ، فهناك خطة لمدة خمسة وعشرين عاماً ، وخطة تنفيذية مدتها عشر سنوات .
والناظر لوضع مدينة مكة المكرمة و على الأخص المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام يلحظ بوضوح عشوائية الوضع القائم ، و الذي يشكل استمراره مخاطر حقيقية على المدى القريب و المتوسط و البعيد ، و لعل أبرز هذه المخاطر هي المخاطر الأمنية ، وعندما أقول الأمنية فأعني بذلك الأمن بمفهومه الشامل .
و للحديث صلة في الأسبوع القادم بإذن الله .
14/10/1420هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02E-mail: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
نُشر : يوم : الاثنين الموافق 18/10/1420هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12537 صفحة رقم : 7 (الرأي) .
التعديل : حذف ما تحته خط .
12537 مكة المكرمة الرأي 18/10/1420 الندوة رابط المقال على النت http://