مظاهر الفشل في تنمية الوازع الديني و الأخلاقي
تحدثت الأسبوع الماضي عن بعض المظاهر التي تدل على أن خطابنا الديني الذي ملأ فضاءات مجالسنا و إعلامنا و تعليمنا لم ينجح في تشكيل سلوكيات الناس بما يصلح حياتهم ، و إنما أصبحت الكثير من سلوكياتنا من أسباب نكد عيشنا و نغص حياتنا .. وقلت أن من الأسباب فيما أظن أننا غلّبنا في تعليمنا للدين جانب العبادات التي هي في الأصل بين العبد و ربه على جانب المعاملات و السلوكيات الأخلاقية التي هي بين الخلق ..
و في رأيي أن سلوكيات الناس في رمضان هي من أعجب ما يكون ، لأن المفترض أن نفوس الصائمين في رمضان هي أرق النفوس و أكثرها تعلقاً و انشغالاً بفعل الخير بوازع داخلي من الانسان ذاته .. بل حتى الصوم هو العبادة الوحيدة التي لا يعلم صدقها و تمامها إلاّ الله عز وجل و لذلك جعل جزاءها له سبحانه و تعالى (… إلاّ الصوم فإنه لي و أنا أجزي به) .. إلاً أن واقع الحال المشاهد هو أن غالبنا يسلك في رمضان مسالك تتناقض مع ما يُتصور من سمو النفوس و تعلقها بجزاء الله و عظيم كرمه في رمضان ..
فعلى سبيل المثال تجد بعض من يمدون موائد إفطار صائم في رمضان طلباً لموعود الله عز وجل من أجر تفطير الصائمين لا يتورعون عن رمي النظيف من فوائض الإفطار من تمور و ألبان و خبز وفواكه و عصيرات و غيرها في الزبالة دون وجل أو تردد. و قد أطلعني البعض على طرف مما تحفل به مواقع التواصل الاجتماعي من مشاهد تظهر كيف يتم جمع كل ما بقي على موائد الإفطار مما ذكرت و رميه في سيارات البلدية المخصصة لجمع المخلفات .. فأين الوازع الديني من هكذا تصرف يعكس هدراً لمال الله الذي استخلفنا فيها و ازدراءً لنعمته التي أنعم بها علينا و بعض الخلق يتمنون عُشْر معشارها فلا يجدوه ..
و بالطبع نعرف جميعاً كيف أن كل فوائض المطاعم و على مدار العام تُرمى في حاويات الزبالة ، و نفس الشيء يحصل لفوائض الولائم و الأفراح ، و هي كميات هائلة تصل لما نسبته 70 و 80% مما يُعد .. و لازالت جهود الأفراد و الجمعيات الخيرية قاصرة في حفظ هذه النعم المهدرة بسبب ضعف الوازع الديني و الأخلاقي لدى الأغلبية من بيننا للأسف ..
بقي أن أقول أنه بالإضافة لهدر أموال وثروات البلد و إزدراء نعم الله هناك آثار بيئية ضارة بسبب تكاثر مخلفات الطعام ثم هناك تكاليف للحد من هذه الآثار .. بمعنى أننا بتنا نجمع لأنفسنا بين أكثر من عسر ومن منغصات الحياة .. و السبب أن ما درسناه من ديننا من عدم الاسراف و التبذير و عن كف الأذى عن الناس لم يشكل وازعاً دينياً و أخلاقياً ينعكس أثره في سلوكنا ..
فهل من سبيل إلى تنمية الوازع الديني والأخلاقي لنعمر ما بيننا و بين الله و نصلح ما بيننا و بين خلقه فنسعد و تطيب حياتنا ؟
أرجو ذلك..
د. فائز صالح جمال
10/09/1436ه
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
12/09/1436 |
29/06/2015 |
مكة المكرمة |
533 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
533 تنمية الأخلاق الرأي 12/09/1436 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://