حل فصل الصيف بشمسه الملتهبة وحرارته اللافحة وعادت ريما لعادتها القديمة – كما يقولون – فلقد بدأت تطالعنا الصحف وبشكل يومي تقريبا بأخبار انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء بأكملها في مدينة جدة ، لتضيف بذلك شركة الكهرباء معاناة لسكان مدينة جدة الى جانب حرارة الجو
، فقد تأذى الطلاب الذين يؤدون امتحانات نهاية العام الدراسي وأثر ذلك على أدائهم في الاستذكار والتحصيل وبالتالي على نفسياتهم التي ليست في حاجة للمزيد من الضغوط ، واتمنى أن يتخيل المسؤولون عن أزمة الكهرباء هذه وضع طالب في الثانوية العامة مثلا وهو يراجع ليلة الامتحان احدى المواد الصعبة والتي قد لا تكفيها الساعات المتبقية من اليوم لمراجعتها وقد فوجيء بانقطاع التيار الكهربائي .. فلا اضاءة ولا تكييف .. ولمدة ثلاث أو أربع ساعات .. فلنتخيل ..
ان تصريحات مسؤولوا شركات الكهرباء تتهم المستهلك دائما بالاسراف في استهلاك الطاقة ، وأنه هو المسؤول عن هذه الأزمة التي نعيشها ، واتخذت شركات عدد من الخطوات كحلول لمشكلة نقص الطاقة منها حملات للتوعية بهدف الترشيد ثم تم ايقاف ادخال التيار للمباني الجديدة ثم صدر قرار فرض تركيب العازل الحراري كشرط لدخول التيار ثم صدرت التعليمات بزيادة رسوم الكهرباء طبقا لشرائح المستهلكين حسب ماهو معلن ، كل هذا ولا تزال المشكلة قائمة بل وكأنها في تزايد مستمر .
وهذا ما أثار في ذهني التساؤل عن السبب الحقيقي وراء أزمة الكهرباء ، هل هو أننا فعلا مسرفين في استهلاكنا للطاقة الكهربائية وغير رشيدين في استخدامها ؟؟ أم أن هناك قصور في شركات الكهرباء خصوصا في جانب التخطيط للمستقبل
ق، وفي جانب التعرف على المشكلة في وقت مبكر قبل استفحالها ومفاجأة جميع قطاعات المجتمع بأزمة الكهرباء ؟؟ ان الاجراء الأخير وهو زيادة رسوم الكهرباء كان كفيلا بترشيد الاستهلاك ومحكا حقيقيا للأزمة وأسبابها .. ولكن كما يبدو لي أن بقاء المشكلة كما هي عليه من قبل يؤكد أن استهلاكنا للطاقة الكهربائية في المجمل فيه الكثير من الرشد على الرغم من وجود بعض مظاهر الاسراف التي تتجلى في بعض الشوارع والميادين وبعض المباني الحكومية وغيرها .. أقول ذلك لسبب بسيط وهو أنه على الرغم من زيادة الرسوم إلا أن المشكلة عادت للظهور مرة أخرى بمجرد حلول فصل الصيف وهذ يعني أننا لانستطيع تخفيض استهلاكنا بدرجة أكبر لأننا نستهلك ما نحتاجه فعلا .. فهل نستطيع أن نغلق المكيفات مثلا في وقت القيلولة وهي الفترة التي تسمى وقت الذروة عند شركات الكهرباء ؟ وان لم نفعل هل نعتبر مسرفين ؟
انني أتساءل لماذا يحمّل المواطن مسؤولية أزمة ليس له يد فيها ؟ انني أتساءل عن مصير التنمية في هذا البلد الناهض وقد أدت أزمة الكهرباء فيه الى تأجيل مشاريع توسعة 44% من المصانع في منطقة جدة فقط – حسبما نشر في “الاقتصادية” في عددها الذي صدر الثلاثاء 8محرم 1416 – ، والى استخدام بعض ملاك العقار في مكة المكرمة الى تشغيل عقاراتهم في موسم الحج الماضي بالمولدات الخاصة ؟ وأتساءل هل أخذ في الاعتبار في التوسعة القادمة معدلات النمو التي تستكثرها علينا شركات الكهرباء عند مقارنتها بالمعدلات في الدول المتقدمة ونحن دولة ناهضة تسابق الزمن للحاق بدول المقدمة .. أتساءل وكلي أمل في ترى هذه الأزمة الحل قريبا وأن لا تفاجئنا مرة أخرى في مستقبل الأيام .. والله من وراء القصد ..
3/2/1416هـ
فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 05/02/1416هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 11776 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل :
11776 حكومية الرأي 05/02/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://