مبنى الغرفة والبدء من حيث بدء السابقون
يبدو أن المبنى الرئيسي للغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة سيظل سراباً يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، و حلماً يراود أذهان منتسبي الغرفة كلما اقتربوا من تحقيقه تبدد ، و يبدو أنه سيظل الورقة التي يدغدغ بها المرشحون مشاعر الناخبين في مستهل كل دورة فحسب ..
فها هو أمين عام الغرفة الأستاذ عبد الله تجار الشاهي يعلن في تصريح له بالصحف أن الغرفة عزمت على تنفيذ مشروع مركز للتدريب بحي الخالدية على أرض تم شراءها لهذا الغرض وبكلفة قُدرت بأحد عشر مليون ريالاً ، وكان قبله رئيس مجلس إدارتها الأستاذ عادل كعكي قد أعلن في تصريح مشابه أن الغرفة تدرس طرق تمويل مشروع المبنى الرئيسي الذي قُدرت تكاليفه بخمسة وأربعين مليون ريال . و مما يُفهم من التصريحين أن القائمين على الغرفة قد أعطوا الأولوية لمركز التدريب وهو الفرع على حساب الأصل وهو مبناها الرئيسي .
لقد استشعر القائمون على الغرفة أهمية إقامة مبنىً حديث لها حين لمسوا الفرق من خلال تجربة انتقالها من شقتين في عمار الشيخ إبراهيم سليم إلى مبناها المكوّن من عشرة طوابق بالحجون ، وكيف أن للمباني دوراً هاماً في أداء أي منشأة لمهامها بفاعلية ، و تبلورت فكرة مشروع مبنى غرفة مكة المكرمة الرئيسي منذ عام 1405هـ أي منذ 15 عشر عاماً .
وعلى الرغم من محاولات البعض لتعويق المشروع إلاّ أنه وصل إلى مرحلة متقدمة ، و لم يتبق إلاّ بدء التنفيذ الذي حال دونه التمويل ، مع العلم أن تكلفة المشروع كانت تحوم حول الستة عشر مليون ريال فقط ، و كان ذلك بسبب أن الغرفة كانت قد أنجزت بتمويل ذاتي خلال نفس الفترة مشروعين كبيرين هما مبنى الغرفة بالحجون في عام 1403 ثم مركز المعارض بالمنطقة الصناعية في عام 1408هـ . فحاولت الغرفة حينئذ تمويل مشروع مبناها الجديد على ميدان النزهة عن طريق بعض البنوك بدون فوائد ، و من خلال دار المال الإسلامي ، ومن خلال إحدى مؤسسات دلة البركة ، وكل هذه المحاولات لم تنجح .
و قد سبق لي الكتابة حول هذا الموضوع عبر الصحافة أثناء الدورة السابقة ، و اشتركت في مناقشته داخل المجلس في بداية دورته الحالية عندما كنت عضواً فيه ، و نبّهت زملائي في المجلس إلى عدم المبالغة في تكاليف المشروع بحكم معرفتي بتفاصيل التجربة السابقة وأسباب تأخر المشروع ، و معرفتنا جميعاً بمركز الغرفة المالي ، والذي سيأخذه أي مموّل في الاعتبار قبل الموافقة على التمويل من حيث المبلغ و الفترة التي يستعيد فيها أمواله .
وكنت انطلق في حديثي عن مبنى الغرفة ولازلت من خلال التجارب السابقة ، و بأن المهم هو إنجازه بالشكل الذي يفي بمتطلبات واحتياجات الغرفة دون مبالغة ، وفي حدود إمكانياتها ، دون مزيد من التأخير ، و رجوت القائمين على الغرفة في الدورة السابقة بعدم المبالغة في مواصفات و تكاليف المشروع والتي قُدّرت بحوالي سبعين مليون ريال ، و عدم التمسك بأرض الخالدية التي كان حولها بعض اللغط ، و بالمسارعة إلى إنجاز المشروع قبل انقضاء الدورة ، وانقضت الدورة بالفعل دون إنجاز المشروع كما توقعت .
ثم في الدورة الحالية للغرفة التي كنت عضواً في مجلس إدارتها وحتى 10/3/1419هـ كررت رجائي لزملائي في المجلس و منذ جلساته الأولى و دعوتهم إلى الاستفادة من تجارب الغرفة السابقة فيما يتعلق بالموقع و التمويل ، إلاّ أن إصرار البعض على أرض الخالدية أدى إلى تأخير القرار بالبناء على أرض النزهة لأكثر من عام ، ثم جاءت المبالغة مرة أخرى في تكاليف المشروع لتصل إلى خمسة وأربعين مليوناً ، و ليعيد التاريخ نفسه وتنقضي الدورة الحالية دون البدء في المشروع .
و هذا يعني أننا مصرون على عدم الاستفادة من تجاربنا السابقة ، و سنظل نبدأ في كل مرة من حيث بدأ السابقون وليس من حيث انتهوا ، ففي كل دورة تُعاد دراسة الفكرة وتُعاد التصاميم ، وتمضي الدورة تلو الدورة دون إنجاز المشروع .
لذلك فإنني أوجه ندائي و رجائي مرة أخرى إلى القائمين على الغرفة وأقول لهم بأن غرفتكم كانت أول من وعى بأهمية المبنى الخاص بها فبنت مقراً لها في عام 1371هـ وسبقت بذلك شقيقتها الكبرى غرفة جدة ، ثم أقامت مبناها في الحجون عام 1403هـ ، ومن غير الطبيعي أنها تقيم الآن ومنذ سبع سنوات في مقر مستأجر لا يواكب متطلبات واحتياجات الغرفة ولا منتسبيها ، في الوقت الذي نجد أن غرفاً حديثة و صغيرة بالنسبة لغرفة مكة تقيم الآن في مبانيها المملوكة لها . و أتمنى عليهم أن يعيدوا النظر في هذا القرار ، الذي جاء في الوقت الضائع ، لأنني وهم نعرف تماماً أن إمكانيات الغرفة لن تمكنها من تنفيذ المشروعين ، بل قد يكون قيام مشروع مركز التدريب بمثابة الإيذان بتأجيل مشروع المبنى الرئيسي لخمس عشرة سنة أخرى . و الله من وراء القصد .
27/6/1420هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5422611-02 Email : fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
نُشر : يوم : الأحد الموافق 1/7/1420هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12452 صفحة رقم : 5 (الوطن) .
التعديل : لا يوجد .
12452 التجارة و الصناعة الوطن 1/7/1420 الندوة رابط المقال على النت http://