لا حل إلاّ بتفعيل رقابة منظومات مدنية شعبية!!
اطلعت على مقال الأستاذ قينان الغامدي الذي نُشر بهذه الصحيفة بتاريخ 21 رجب الماضي تحت عنوان مجلس الوزراء و سلطة الرقابة : انتظاراً لتطوير الشورى ، فرفعت حاجبي تعجباً و اندهاشاً مما طرحه الأستاذ ، و قلت في نفسي لعله سئم الانتظار و أراد أن تأتي الرقابة كيفما يكون .. المهم الرقابة و المحاسبة تتم بأي وسيلة ومن أي جهة ريثما تُعطى هذه الصلاحية لمجلس الشورى ..
اتفق مع الأستاذ قينان في هذا المطلب الملح الناتج من إحساس بمخاطر استمرار الوضع على ما هو عليه من أمان غالب المسئولين من المحاسبة و العقاب .. فتعثر المشاريع و تراجع الأداء في غالب مشاريع و خدمات الحكومة أصبح سمة غالبة ، و لا يوجد في الأفق مشروع إصلاحي إداري حقيقي يخرجنا من هذا الواقع السلبي فضلاً عن إيقاف تمدده المستمر ..
و لكن الواقع و التجارب تؤكدان أن لا فائدة تُرجي من رقابة تقوم بها ذات الجهة المعنية بالتنفيذ ، و الدليل هو أن لدينا كل أجهزة الرقابة التي يمكن أن توجد ، مثل هيئة الرقابة و التحقيق ، و ديوان المراقبة العامة ، و المباحث الإدارية ، و هيئة مكافحة الفساد ، بينما التعثر لا يزال موجوداً و الفساد لازال يرتع في كل مكان و الفسدة (حاطين في بطنهم بطيخة صيفي) ..
فكل هذه الجهات الرقابية مرتبطة بمجلس الوزراء الذي يطالب الأستاذ قينان بتكليفه بمهام الرقابة ريثما يُطور مجلس الشورى ليقوم بالدور الرقابي .. بمعنى ما يطالب به الأستاذ قائم فعلاً و هو غير فعّال وبالتالي لابد من المطالبة بهيكلة جديدة لممارسة الرقابة الخارجية ، و أعني بذلك الرقابة من خارج الجهاز التنفيذي ، و لا بأس من استمرار الجهات الرقابية الحالية أو بعضها للقيام بمهام الرقابة الداخلية ..
فالكيانات الكبرى في القطاع الخاص -مثلاً- لديها نوعين من الرقابة ، رقابة داخلية و يُطلق عليها المراجعة الداخلية ، و رقابة خارجية تقوم بها مكاتب المحاسبة القانوية كمراجعة خارجية .. وهو بالمناسبة ما ينطبق على الحكومات ، إذ لديها جهات رقابية داخلية كالتي ذكرتها أعلاه ، و هناك رقابة من خارجها تمارسها البرلمانات و مجالس الشورى و كذلك منظمات المجتمع المدني ..
أما استمرار جمع مجلس الوزراء للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذي و الرقابية فلن يأتينا بنتائج مختلفة عما نعيشه بل العكس ستتفاقم باتساع رقعة المدن و تزايد عدد السكان و تطور احتياجات المواطنين ..
فصل السطات هو ضمانة إحداث التوازن و الاستقرار التنموي و الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي كذلك ، و هو أيضاً ما يُفعّل كل الأدوار بما في ذلك الدور الرقابي إلى الحد الذي يكبح جماح الفساد ويحجم الفاسدين و يُضعف نفاذهم إلى تفاصيل حياتنا لإفسادها و تعكير ما بقي من صفوها ..
هذا الكلام ليس من عندياتي و لكن هو ما أثبتته تجارب الدول المتقدمة ، فحققت من خلاله قفزات تقدمية متتالية صبت كلها في صالح رفاه المجتمع و ارتفاع مستوى معيشة أفراده ..
فالتطلع هو الإسراع إلى تطوير مجلس الشورى بمنحه صلاحيات حقيقية و فاعلة للمراقبة و المحاسبة للوزراء وليس بقاءها ضمن صلاحيات الجهاز التنفيذي .. و الله ولي التوفيق ..
د. فائز صالح جمال
02/08/1435هـ @fyzjml
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
04/08/1435 |
02/06/2014 |
مكة المكرمة |
141 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/50278 |
|||||
141 سياسة الرأي 04/08/1435 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/2014-02-17-09-03-10/50278