كسرت قلمي

كسرت قلمي

 عندما لا يجد الكاتب صدى لما يكتب لابد أن يتوقف ..

و عندما لا يجد لتنبيهاته جدوى لابد أن يكف عن التنبيه ..

و عندما يهزء به المحبَطون بأن ما يكتبه و ما يقوله يذهب أدراج الرياح ، و لا يعدوا كونه فضفضة  و (كلام جرايد) .. لابد أن يُحبط ..

و عندما يجد الكاتب أن المساحات أمامه محدودة ، و أمام غيره ليست كذلك .. لابد له أن يعيد النظر في مسألة استمراره في حمل أمانة القلم ..

و عندما يجد الكاتب ما يحول دون نفث ما في صدره من حرقة على وطنه و أمته و قومه لابد أن يحترق من داخله ..

و عندما يجد الكاتب أن العلاج يكرس المرض ، و ليس لديه القدرة على تنبيه الطبيب و لا أن يقدم مساعدة  للمريض فلابد له أن يكسر قلمه ..

أعرف كاتباً كسر قلمه منذ عدة سنوات ، و توقف عن الكتابة تماماً بعد أن تم إيقافه عن الكتابة بسبب كتابته مقالاً ناقداً بناءً ، و ذلك بسبب شعوره بعدم جدوى الكتابة مادام أن الذهنية الإعلامية تتعامل بهذه الطريقة مع النقد البناء .. و عبثاً حاولت و حاول غيري إقناعه بمعاودة الكتابة ..

إن أوضاعنا لم تعد كما كانت ، و نحن لازلنا كما نحن ..

الزمن يجري ، و العالم يتغير من حولنا، وبسرعة فائقة -تُحسب بالجيجابيت-  و نحن لازلنا نستخدم نفس الأساليب ، و للأسف نكرر أنفسنا .. و التاريخ يعيد نفسه و لا نعتبر ..

نرى تجارب الأمم المتقدمة بما فيها تجارب بعض الدول الإسلامية و العربية ، و كيف أخذت بهم إلى آفاق رحبة من التقدم و النمو ، و نحن لازلنا نتريث و نتردد في الأخذ بما ثبت صلاحه و عدم تعارضه مع قيمنا و ديننا.

إن الشعور بالمسئولية أمام الله عز وجل و الناس و التاريخ ، و الإحساس بثقل أمانة حمل القلم يدفعني على غير ما أحب –و الله شهيد- إلى أن أودع قرائي الأعزاء الذين أحاطوني بكل مشاعر الحب و التقدير ، و الدعوات الصادقة طوال عشر سنوات مضت .. و أشكر القائمين على تحرير هذه الجريدة الغراء (المدينة المنورة) التي احتضنت زاوتي (خلجات) بدءً من أستاذي أسامة السباعي ، و مروراً بالدكتور مازن بليلة، فالأستاذ محمد المختار الفال، و الأستاذ محمد حسني محجوب، و الأستاذ عبد الله العمري، و الأستاذ السيد محمد علوي بلفقيه ، و الدكتور فهد آل عقران .. و لا أنسى أن أشكر القائمين أيضاً على جريدة (الندوة) و رئيس تحريرها الدكتور عبد الرحمن العرابي ..

لأنني كسرت قلمي ..

5/10/1424هـ   فائز صالح محمد جمال  فاكس 5422611-02 Email: gm@althaqafa.com

بيانات النشر

14831 صحافة و إعلام الرأي 7/10/1424هـ المدينة رابط المقال على النت http://