تكريم الرواد

by د.فائز جمال

“لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهله .. والوزير المربي محمد بن أحمد الرشيد انموذج لهذا النوع الطيب من الرجال .. فمنذ توليه لأمر وزارة المعارف وهو يسعى جاهدا لربط ماضي الوزارة بحاضرها ، من خلال اهتمامه بالرواد الأوائل من المعلمين ، وابراز جهدهم ، وفضلهم على العلم وطلابه ، وعلى مسيرة العملية التعليمية النظامية في بلادنا .. لتبقى أسماء الرواد حاضرة قوية في أذهان الشباب الواعد”

هذه الكلمة كتبها الأستاذ سليمان بن عواض الزايدي مدير عام التعليم في مكة المكرمة في مقدمة كتيب صدر بمناسبة تكريم رائدين من رواد التعليم النظامي في المملكة العربية السعودية هما الشيخ عبدالمالك عبدالقادر الطرابلسي والشيخ محمد صالح الخزامي . فقد كرّم معالي وزير المعارف الشيخين الكريمين في الحفل البهي الذي أقيم لتكريمهما وتكريم الطلاب المتفوقين في مختلف مراحل التعليم في مكة المكرمة مساء الأربعاء الماضي 21/7/1416هـ.

لقد كان التكريم فرصة لتعريفنا – انا وغيري ممن لم يعاصروا الشيخين الكريمين – بفضلهما ومقدار ما بذلاه في البدايات من جهود مشكورة في نشر العلم في أرجاء البلاد الشاسعة ، ولم يثني من عزمهما قلة الامكانات أو الصعوبات والمشاق التي واجهوها أثناء أدائهما لرسالتهما .. فمساهمات الشيخان الفاضلان لم تقتصر على المنطقة التي يقيمان فيها وهي مكة المكرمة بل امتدت الى معظم أرجاء المملكة ، فقد ساهم الشيخ عبدالمالك الطرابلسي حفظه الله في افتتاح مدراس في محايل عسير ، ورجال ألمع ، والنماص ، وخميس مشيط ، ثم عُين مديرا لمدرسة المربع بالرياض ثم معتمدا للمعارف بنجد ، ثم مديرا للمدرسة السعودية بالطائف ، ثم المدرسة السعودية بمكة المكرمة ، ثم لدار التوحيد بالطائف .. وأما الشيخ محمد صالح الخزامي فقد عُين مدرسا بمدرسة الأمراء أنجال الملك عبدالعزيز بالرياض ثم معتمدا للمعارف في نجد حيث ساهم في فتح المدراس في كل من حائل وبريدة والقصيم وعنيزة والزلفي والمجمعة والدمام والخبر والجبيل ..

فجزى الله معالي الوزير على هذه اللفتة الكريمة ، والدعاء موصول للمسؤولين في الأسرة التعليمية في مكة المكرمة وعلى رأسهم الاستاذ سليمان الزايدي على حسن تنظيمهم لحفل هذا العام وإشراكهم متفوقي معهد النور ومعهد الأمل في الحفل الخطابي ، فقد كانت من أبرز فقرات الحفل .

لطفية الخطيب رائدة تعليم البنات ..

وكما يقولون أن الشيء بالشيء يُذكر .. ففي مجال التعليم النظامي للبنات هناك رائدة ساهمت بشكل فعّال في نشأت تعليم البنات في المملكة ألا وهي السيدة الفاضلة لطفية عبدالحميد الخطيب ، فقد كانت رحمها الله شغوفة بالتعليم ونشر العلم بين بنات جنسها ، وحريصة على أن تحصل الفتاة على نصيبها منه ، لإيمانها بأن العلم للمرأة – كما هو للرجل – نور يضيء العقول ويسمو بالنفوس فيدفعها للعمل لما فيه خير مجتمعها وأمتها ، فجعلت تمهد لفكرة التعليم النظامي للبنات بكافة الطرق إما بالكتابة في الصحف أو بتشجيعها للمدارس الأهلية الموجودة حينئذ والقاء الكلمات وكتابة الأناشيد التي تبين مزايا التعليم .. ولكوني أيضا لم أعاصر هذه السيدة الفاضلة ولم أتعرف على قدرها وفضلها في هذا المضمار فانني استقيت معلوماتي عنها من احدى الكريمات اللاتي عاصرنها ويعرفن قدرها والجهد الذي بذلته في مجال تعليم الفتاة السعودية وتثقيفها ، ومن خلال كتابها (مع الفتاة السعودية على طريق الأمل) الذي أرّخ لبدايات تعليم البنات في مملكتنا الحبيبة من خلال مذكراتها وبعض ما كتب في رثائها رحمها الله.

فلقد اتسمت مطالبتها بتعليم الفتاة بالتأكيد على الالتزام بتعاليم الدين الحنيف وأنه ليس هناك تعارض بين تعليم الفتاة والتزام الحشمة والأدب فقد نُقل على لسانها قولها في احدى المحاضرات في مكة المكرمة : “إن دعوتنا للحفاظ على مظهر المرأة المسلمة المحتشمة لا يتنافى البتة مع تشجيعنا الدائب لأن تمارس نشاطها الفكري والجسدي في سبيل نشر الوعي بين نسائنا في كل مكان ..” . وفي يوم السبت الموافق 1/5/1380هـ تحققت الآمال ، إذ صدرت توجيهات الحكومة الرشيدة بفتح مدارس للبنات ووقع الاختيار على السيدة لطفية الخطيب رحمها الله لتكون أول مفتشة لتعليم البنات في المنطقة الغربية .

وإنني بهذه المناسبة أدعو رئاسة تعليم البنات الى تكريمها وأمثالها ممن لهم دور بارز في نشأت تعليم البنات في مختلف مناطق المملكة . فالتكريم والوفاء لمثل هؤلاء أمر مطلوب وهو من الشيم الحميدة التي نريد أن يتربى عليها الجيل الجديد ، وتكريم الرواد سيحفز الكثيرين للحذو حذو المكرّمين ويدفع للجد الاجتهاد ، وسيخلق روادا جدد .

24/7/1416هـ                                                   فائز صالح محمد جمال

يظهر الشيخ عبد المالك طرابلسي في يمين الصورة برفقة وزير المعارف وقتها الأمير فهد بن عبد العزيز و الملك سعود رحمهم الله جميعاً

هذا الجزء ملحق بالمقال و قد يكون نشر معه أو في الاسبوع الذي يليه :

كلية طب أم القرى

لقد أستقبل أهالي مكة المكرمة نبأ تأسيس كلية الطب بجامعة أم القرى بالكثير من الفرح  والسرور والامتنان بعد الله لخادم الحرمين الشريفين الذي لم يدخر وسعا ولا جهدا ولا مالا في سبيل رفعة

هذا البلد الأمين وصنوه طيبة الطيبة ، فكلية الطب هذه كانت حلماً يرواد أهل مكة المكرمة وأصبحت بحمد الله الآن حقيقة بعد صدور الأمر بتحويل قسم العلوم الطبية إلى كلية الطب ، وهذا الحلم الذي تحقق يذكرنا بأحلام كثيرة تحققت بفضل الله تعالى ثم بفضل القيادة الحكيمة ، لعل من أشبهها بما نحن بصدده هو تأسيس جامعة أم القرى نفسها التي تعتبر بضمها لأول كلية في المملكة وهي كلية الشريعة أول جامعة في المملكة ، فقد كانت هي الأخرى حلما وتحقق بفضل الله .

إن كلية طب مكة المكرمة ليست ككليات الطب في الجامعات الأخرى سواء داخل المملكة أو خارجها ، فهي تمتاز بلاشك بأنها في أطهر بقعة على وجه البسيطة ومهوى أفئدة الملايين من البشر ،  هذا من ناحية المكانة الدينية ، وأما الناحية العلمية والعملية فإن كلية طب أم القرى تمتاز بأنها تقع في مدينة تستقبل ملايين البشر ومن مختلف بلدان العالم ، قادمون من بيئات متنوعة ومناخات وأجواء أيضا متنوعة وبالتالي فإن أحوالهم الصحية وأمراضهم متنوعة ، وإذا أضفنا إلى ذلك أن مواسم الحج والعمرة وشهر رمضان المبارك تأتي في فصول مختلفة ، فكما هو معروف أن لكل موسم أمراض خاصة به ، فمثلا موسم الحج يصادف عدة سنوات فصل الصيف وهنا تكثر ضربات الشمس والجفاف غيرها من أمراض الأجواء الحارة ، كما يصادف سنوات أخرى أشهر الشتاء وهنا تكثر نزلات البرد وأشباهها ، وهذا ينطبق على بقية المواسم . وفي اعتقادي ان تعامل أساتذة الكلية وطلابها – من الجنسين – مع هذا الحجم من التنوع في الأمراض القادمة من مناطق وبيئات ومناخات مختلفة سيعطي أهمية خاصة لكلية الطب في مكة المكرمة وللأبحاث الطبية التي يمكن أن يقومون بها خدمةً للعلوم الطبية بصفة عامة ولطب الحجيج – ان صح التعبير – بصفة خاصة . وسيكون لهذه الكلية بإذن الله مساهمات فعّالة في رفع مستوى الصحة العامة لضيوف الرحمن سواء الوقائي منها أو العلاجي .

ومن هذا المنطلق فأنني أتمنى على معالي مدير جامعة أم القرى الدكتور سهيل بن حسن قاضي وقد أصبحت الكرة في ملعبه – إن جاز التعبير – أن يتمم فرحة أهالي أم القرى بافتتاح الكلية واستقبال الطلبة والطالبات في بداية العام الدراسي القادم 1417هـ سائلا الله له العون والتوفيق لاختيار أفضل الكفاءات العلمية والأكاديمية التي ستساهم في تأسيس كلية طب أم القرى ووضع أنظمتها ومناهجها بما يمكنها من تحقيق طموحات أبناء مكة المكرمة في أن تكون كلية طب مرموقة متميزة بين زميلاتها كليات الطب في المملكة وخارجها . فالله ولي ذلك والقادر عليه .

رسالة شكر

الى الأخ الكريم أحمد حلبي المحرر بمجلة التجارة والصناعة : أشكر لكم حسن ظنكم وإن كنت أتضاءل نفسي كثيرا أمام سيدي الوالد يرحمه الله . أرجو منك ومن أمثالك الطيبين الدعاء بالتوفيق لصالح الأعمال مع تحياتي .

نُشر : يوم : الإثنين الموافق  26/07/1416هـ

في صحبفة : المدينة المنورة     رقم العدد : 11944        صفحة رقم : 13 (الرأي) .

التعديل :

11944 تراجم الرأي 26/07/1416هـ المدينة رابط المقال على النت http://

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق