قراراتنا تعارض أهداف رؤيتنا 2030
عند النظر في قرارات فرض الرسوم الأخيرة ومنها زيادة رسوم تأشيرات الزيارة و فرض رسوم تصاعدية على تأشيرات الخروج و العودة نجد أن أثرها على سلوك طالبي هذا النوع من التأشيرات سيؤدي إلى نتائج عكسية لما تتطلع إليه أهداف رؤية 2030 ، بل قد تؤدي إلى عكس ما تستهدفه القرارات ذاتها من زيادة جملة الحصيلة من ذات التأشيرات.
فمثلاً عند رفع رسوم تأشيرة الزيارات العائلية فإن ذلك سوف يؤدي إلى إحجام العوائل عن القدوم إلى المملكة و بالتالي سيحرم خزينة الدولة من الرسوم و الاقتصاد مما سينفقونه أثناء تواجدهم على الاسكان و النقل و الإعاشة و شراء الهدايا وغير ذلك وهي مبالغ تفوق الزيادة في الرسوم ..
بمعنى أننا برفع الرسوم و إحجام الزوار عن القدوم للمملكة جمعنا بين عسرين الأول حرمان خزينة الدولة من الرسوم و الثاني حرمان الاقتصاد و النشاط التجاري مما كان سينفقه الزوار خلال فترة تواجدهم في المملكة .. و في ذات الوقت قد يضيف هذا الوضع عُسْر ثالث وهو زيادة التحويلات بتحويل الأموال التي كانت ستنفق كلها أو جزء منها في الداخل إلى الخارج .. بمعنى أن طالب الزيارة لأقاربه سيحجم عن طلبه و يحوّل الأموال التي كان سينفقها عليهم في الداخل إليهم في الخارج ..
و عند رفع رسوم تاشيرات الخروج و العودة كلما زادت مدة التأشيرة عن شهرين بشكل تصاعدي فإننا نحفز على تقليص فترات تواجد العمالة خارج المملكة وبقاءها فترات أطول في المملكة وهذا في ظل الظروف الحالية التي تشهد فائض في عمالة بسبب تراجع الأعمال يعمل ضد المصلحة العامة .. و أعني هنا ما يشكله بقاء أعداد فائضة كبيرة غير منتجة من ضغوط على الخدمات و المرافق العامة و استفادتها بشكل أكبر من الدعم الذي تقدمه الدولة لاستعمالاتها ..
بينما الواجب في فترات وجود فائض عمالة غير منتجة هو التحفيز على مغادرتها لقضاء فترات أطول خارج المملكة ، ومن بين الحوافز تخفيض الرسوم لتأشيرات الخروج و العودة للفترات الأطول .. و هذا ما يمكن تسميته بإدارة حركة العمالة الوافدة ؛ حوافز للبقاء في الداخل عند الحاجة لها ، و حوافز للبقاء فترات أطول في الخارج عند تراجع الأعمال و انخفاض الحاجة لها في الداخل وهكذا ..
أما أن ينشغل أصحاب المبادرات في الوزارات بزيادة دخل خزينة الدولة دون النظر لآثار ذلك على سلوك الناس و نتائجها السلبية على الاقتصاد المحلي بما فيها تراجع الدخل ذاته لخزينة الدولة فإن ذلك أقل ما يوصف به هو الارتجال و غياب التخطيط ..
و في مجال آخر تستهدف رؤية 2030 زيادة الاعتماد على القطاع الخاص في خلق فرص العمل ، بينما نجد أن كل قرارات زيادة الرسوم ، و قرارات خفض الرواتب و البدلات تعاكس هذا الهدف بشكل مباشر ..
فزيادة الرسوم شكّلت أعباء كبيرة على مؤسسات القطاع الخاص ، و سيكون من نتائج هذه الأعباء خسارة أعداد كبيرة منها و خروجها من السوق مخلّفة خسائر كبيرة لآصحابها و العاملين فيها و لاقتصادنا الكلي ، و هذا الإغلاق للمؤسسات يعني خسارة أصحابها لمصادر دخولهم و تحوُّل الكثير منهم إلى صفوف طالبي العمل و مستفيدي الضمان الاجتماعي ..
و الأهم هو قرارات زيادة الرسوم قطعاً سوف تُضيِّق الفرص أمام شبابنا الراغبين في دخول السوق و اختراق هيمنة منظومة التستر التجاري ، وتضيف إلى التعقيدات و المعوقات العديدة القائمة أصلاً أمامهم لبدء أعمالهم التجارية ..
وخفض الرواتب له نفس آثار زيادة الرسوم على مؤسسات القطاع الخاص ليجتمعا و يُسرِّعا وتيرة تراكم خسارة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و حتى بعض الكبيرة و خروج العديد منها من السوق ، لأن خفض الرواتب و البدلات يعني تراجع القوة الشرائية في عموم الأسواق و تراجع حجم مبيعات الأسواق بعمومها.
فهل لنا في الاستجابة إلى الأصوات المطالِبة بوقف العمل بقرارات زيادة الرسوم و خفض الرواتب و البدلات و إخضاعها لمزيد من الدراسة بحيث تكون أدوات لإدارة الاقتصاد والأعمال و ليست لتمويل خزائن الوزارات؟
د. فائز صالح جمال
11/02/1438هـ
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
|
الإثنين |
14/02/1438 |
14/11/2016 |
مكة المكرمة |
1037 |
الرأي |
التعديل : حذف ما تحته خط |
|||||
1037 حكومية الرأي 14/02/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/571687