فضائياتنا والثقافة الجنسية
بدأت بعض الفضائيات العربية التي تبث من خارج الدول العربية في الآونة الأخيرة سباقاً محموماً في مضمار ما أسموه (الثقافة الجنسية) .. جرياً وراء جذب أكبر عدد من المشاهدين .. وبالتالي تحقيق المكاسب المادية فحسب .. ، فإحدى هذه القنوات بدأت السباق بالحديث العلني وعلى الهواء مباشرة حول الشذوذ الجنسي ، فجاءتنا الثانية – أعني القناة – تجري بلا استحياء لتسابق بموضوع الضعف الجنسي عند الرجال ، ولا أدري ماذا في جعبتهم لنا في مستقبل الأيام والليالي ..
تدعي بعض الفضائيات بأنها جاءت لتسد الفراغ وتدفع عنا بلاء القنوات الغربية المنحلة المخالفة لديننا ، والتي لا تنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا المحافظة ، وعند مراجعة ما تبثه لم نجدها زادت عن كونها ترجمت وعرّبت ودبلجت وفكلبت – من فديو كليب – ، فنقلت إلينا بعضاً من خبث الغرب بلغتنا العربية لتصل إلينا الأفكار بشكل أوضح وبأسرع ما يمكن ، فتراها قدمت لشبابنا وفتياتنا المزيد من الترفيه واللهو – غير البريء بالطبع – وجعلت الفنانين والفنانات والراقصات هم نجوم المجتمع وهم القدوة لنشئنا الذين هم أمل المستقبل بعد الله عز وجل ..
نعود لموضوعنا وهو الثقافة الجنسية لأتساءل وأرجو أن تكون إجابة القائمين على مثل هذه البرامج إجابة موضوعية دون تعصب أو مسايرة لهوى في النفس ، والأسئلة هي :
* هل ساهمت الثقافة الجنسية في انضباط الجنس في مجتمعات الغرب ؟؟
* أو حتى حققت لهم ما يصبون إليه من سعادة ؟؟
* أو أنها خففت من الأمراض الجنسية التي تصيبهم ؟؟
* أو أنها حفظت الأنساب لديهم ؟؟
إن المجتمعات الغربية التي تتعاطى الثقافة الجنسية ولا تعاني من الكبت الجنسي الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية والاسلامية – حسب زعمهم – تضج ليل نهار من انفلات جنسي خطير وخلل كبير في تلك العلاقات ، ويعاني الكثير جداً منهم من الأمراض الجنسية العضوية منها والنفسية ، ويفتقد معظمهم السعادة أو الاستمتاع بعلاقات زوجية مستقرة على الرغم من تمرغهم في وحل السعادة الوقتية التي ما تلبث أن تزول ..
إن المتتبع لفضائياتنا العربية يجد أنها أفرطت في مجال الترفيه ، والتقليد لكل ما تبثه القنوات الغربية في هذا المجال ، فالتقليد ظاهر وملحوظ بدءً من اختيار أسماء القنوات وانتهاءً بطريقة جلوس الضيوف في البرامج المختلفة ، حيث تجلس المرأة بين رجلين والرجل بين امرأتين ..
وموجة الثقافة الجنسية التي ركبتها تلك القنوات تجعلني أتساءل مرة أخرى هل انتهت مشاكل مجتمعاتنا العربية فجئنا لمناقشة مثل هذه الأمور بهذه المبالغة في العلنية ؟!
قد لا نختلف من حيث المبدأ في نشر الثقافة الجنسية بين أفراد المجتمع ، ولكن الاختلاف على الوسائل لنشر هذه الثقافة ، والتي بلا شك ليست القنوات التلفزيونية إحداها ، فالحياء خير كله كما قال عليه الصلاة والسلام ، وليس كما تقول مقدمة البرنامج لا حياء في العلم .. فهو استشهاد في غير موضعه ، وفي القرآن الكريم نهيٌ للمرأة عن الخضوع بالقول عند حديثها مع الرجل (ولا تخضعن بالقول) ، فكيف بها وهي تتحدث في أمور الجنس وأمام الرجال بلا استحياء ..
لعل من وسائل نشر الثقافة الجنسية المناهج الدراسية التي تقوم بدور يتناسب مع الأجواء المحيطة بالعملية التعليمية ، وكذلك الكتب المتخصصة تقوم بدور آخر ، وبعض أفراد الأسرة يقومون بدور مكمل حتى يتحقق الحد الأدنى من المعرفة لتحقيق الأهداف المطلوبة .
إنني أناشد القائمين على القنوات الفضائية العربية عموماً والقنوات التي يمتلكها أبناء هذه البلاد خصوصاً بأن يراجعوا أهداف قنواتهم ، وأن يراقبوا ما تبثه هذه القنوات ، وليتقوا الله في شباب أمتهم ، وليحاسبوا أنفسهم قبل أن يُحاسبوا ، فالأمانة عظيمة والمسؤولية جسيمة ..
ص.ب 5815 مكة المكرمة
13/2/ 1417هـ فائز صالح محمد جمال
بيانات النشر
نُشر : يوم : الإثنين الموافق 15/2/1417هـ
في صحبفة : المدينة المنورة رقم العدد : 12135 صفحة رقم : 13 (الرأي) .
التعديل : لايوجد .
12135 تنمية الأخلاق الرأي 15/2/1417 المدينة رابط المقال على النت http://