فشل السعودة و تمكين التستر

by د.فائز جمال

فشل السعودة و تمكين التستر

لفتتني جملة في مقال الأستاذ خالد المعينا الأسبوع الماضي في هذه الصحيفة تحت عنوان (السعودة لا تعني الإحلال) ويقول فيها :

بدلاً من الصراخ و العويل عن “السعودة” و الاستغناء عن العمالة الوافدة ، يجب أن نعمل كل ما في وسعنا لمساعدة الشباب السعودي الطامح في تأسيس أعماله الخاصة. انتهى

و في الواقع أن الأستاذ خالد جاء على الجرح كما يقال أو بالأحرى قدّم العلاج الناجع لمشكلة البطالة الهيكلية العميقة لدينا ، فللأسف اختار المعنيون ببرامج مكافحة البطالة التركيز على مفهوم الإحلال بدلاً من خلق الفرص الوظيفية و تسهيل دخول شبابنا و شاباتنا للأسواق و تأسيس أعمالهم التجارية الخاصة .. وهذا الإختيار في رأيي هو اختيار الطريق الأسهل الذي لا يحتاج من المعنيين أكثر من إصدار قرارات من داخل مكاتبهم المكيفة و من علو أبراجهم العاجية ..

قرارات جُلّها -إن لم أقل كلها- فشلت في تحقيق أهدافها ، و كانت نتائج بعضها سلبية و آثار بعضها كارثية لأنها ساهمت في تدمير منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع من خلال دفع جُل أفراده إلى التحايل و الكذب و التزوير باللجوء إلى السعودة الوهمية تفادياً للعقوبات الجائرة لأنها قرارات غير قابلة للتحقيق و التطبيق في الواقع ..

الأصل في مواجهة البطالة هو خلق فرص وظيفية و تسهيل تأسيس أعمال تجارية للمواطنين بينما واقعنا هو إبطاء ديناميكية خلق الفرص في القطاع الأهم في هذا المضمار و هو القطاع الخاص من خلال التضييق على مؤسساته بسعودة غير واقعية ، وببروقراطية و إجراءات مطوّلة ، و تعقيدات لها أول و ليس لها آخر ، وهو ما منعها من التوسع و أدى إلى إنكماشها ؛ هذا الأصل فيما يتعلق بالمؤسسات القائمة و بالتالي فإن التضييق على المؤسسات المحتملة أشد و أضر..

و المؤسف أنه أضيف في الآونة الأخيرة إلى القيود و التعقيدات القائمة أمام شبابنا لخوض غمار التجارة و تأسيس مشروعاتهم الخاصة قيود و معوقات جديدة متمثلة في الرسوم الجديدة التي فرضت على الأنشطة التجارية دون تمييز بين ما هو قائم و ما هو مبتدئ ..

لا شك أن القيود و المعوقات القائمة ضيّقت على التاجر المواطن فأفسحت المجال و أخلت الساحة للمتستر المواطن و المتستر عليه الوافد ، و كلما أضيفت قيود و معوقات جديدة كان ذلك لصالح المتستر و المتستر عليه ..

ولذلك لعلي أضم صوتي لصوت الأستاذ خالد المعينا في دعوته لتنادي الوزارات و الإدارات الحكومية من أجل الوقوف إلى جانب محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة الدكتور غسان السليمان من أجل مساعدة الشباب السعودي في تأسيس أعماله الخاصة و دعم توليد الوظائف. و لعل الدور الأكبر في تحقيق كل ذلك يقع على عاتق مجلس الاقتصاد و التنمية الذي يضم جميع المعنيين بهذا الموضوع الحيوي و الهام على كل المستويات.

و أتمنى أن يعمد مجلس الاقتصاد و التنمية إلى تصميم حزمة من البرامج من أجل تمكين أبناءنا و بناتنا في الأسواق و في مجال الأعمال وهو ما أعتبره من أفضل وسائل مكافحة التستر التجاري ، و من بين ذلك إعفاء الراغبين منهم في بدء أعمالهم الخاصة من جميع الرسوم لفترة لا تقل عن خمس سنوات ، و تبسيط الإجراءات المطلوبة لبدء أي نشاط تجاري و توحيد مكان إصدار التراخيص الخاصة به وذلك فقاً لمفهوم One Stop Shope.

و الله ولي التوفيق.

د. فائز صالح جمال

18/03/1438هـ

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

20/03/1438

19/12/2016

مكة المكرمة

1072

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://makkahnewspaper.com/article/587421

           

 

 

1072 عمل و توظيف الرأي 20/03/1438 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://makkahnewspaper.com/article/587421

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق