فرية النصف المعطل والنظرة الدونية لربة المنزل !!
يتردد بين وقت وآخر الحديث عن نصف المجتمع المعطل ، والمقصود بذلك المرأة التي لا تخرج من بيتها للعمل ، و كثرت الأصوات المرددة لهذه الأسطوانة هذه الأيام على إثر كلمة سمو ولي العهد ، التي حذر فيها من التقليل من شأن المرأة و دورها في خدمة دينها و وطنها ، حيث فهمها البعض على أنها إقرار من سموه بأننا هنا في المملكة نقلل من شأن المرأة و نهمش دورها ، فذهب هذا البعض إلى المطالبة بفتح مجالات العمل أمام المرأة ، و بطريقة توحي بأننا لم نفسح المجال للمرأة للعمل خارج بيتها ، في حين أن الواقع يؤكد ويشهد بخروج المرأة للعمل في قطاعات هامة وحيوية ، وساهمت مساهمات فاعلة في خدمة دينها و أمتها ..
وقد أحسن المصدر المسئول عندما صرح لوكالة الأنباء السعودية ونشرته جميع الصحف يوم الخميس 20/1/1420هـ موضحاً بأن دعوات تحرير المرأة وسفورها واختلاطها التي انطلقت بأقلام بعض الكتّاب على إثر كلمة سمو ولي العهد التي ألقاها في حفل أهالي المنطقة الشرقية ، إنما هي محض اجتهادات لأصحابها ، وليس لها علاقة بمضامين كلمة سمو ولي العهد ، وهو ما ذهبت إليه بحمد الله في مقالي السابق الذي نُشر يوم السبت 15/1/1420هـ بهذه الصحيفة الغراء ..
هذا من جهة وأما من الجهة الأخرى فإن القول بأن نصف مجتمعنا معطل أو أن المرأة التي لا تخرج للعمل معطلة ، هو كلام باطل ، و هي فرية وكذبة كبرى ، وفيها تقليل من شأن الدور الهام الذي تقوم به المرأة في الحياة من رعاية للزوج و تربية للأولاد ، و وتنطوي على نظرة دونية للمرأة ربة المنزل التي لا تخرج للعمل .
فالمرأة ذات الزوج والأولاد التي تقوم برعاية زوجها وتربية أولادها ليست معطلة إطلاقاً ، بل هي عاملة و فاعلة وتؤدي دوراً هاماً لا يقل إن لم يزد على دور الرجل ، ويكفيها أنها هي التي تقوم على تنشئة الأولاد وتربيتهم التربية الصالحة ، وهي بهذا الدور إنما تقدم لمجتمعها الخير الكثير ، فالأولاد الصالحون -ذكوراً وإناثاً- هم أفضل ما تقدمه المرأة في سبيل خدمة دينها و مجتمعها و أمتها ، ناهيك عن دورها في رعاية الزوج وتهيئة المناخ له لمزيد من الإنتاجية و الفاعلية في أداء دوره في هذه الحياة ..
و أزعم بأن المرأة الموظفة لن تستطيع أن تقوم بهذا الدور كما ينبغي ، ولابد أن يكتنفه شيء من القصور ، و إن كنت أعرف الكثيرات منهن يضاعفن الجهد و يجتهدن لكي يؤدين دورهن في رعاية الزوج والأولاد على الوجه المطلوب ، و هن والحال كذلك يقمن بدورين ، دور المرأة في بيتها ودور الرجل في العمل خارج البيت و الإنفاق على الأسرة ، ولاشك عندي أن في ذلك ظلم واستغلال للمرأة ، وتحميلها ما لم يتحمله الرجل ، ففي حين أن المرأة قامت بدور من أدوار الرجل في العمل خارج المنزل والتكسب والإنفاق ، فلا نجد أن الرجل قام بأي دور من أدوار المرأة ، و هو في كثير من الأحيان مستفيد من دخلها و مساهمتها في الإنفاق ، و أما القصور الناتج عن خروجها للعمل فتم سده بالمربيات والخادمات ..
وخلاصة القول أن تناولي لقضية عمل المرأة من هذه الزاوية لا يعني أنني ضد خروج المرأة للعمل إطلاقاً ، وإنما أهدف من خلال ذلك التأكيد على عدة نقاط هامة في هذه القضية وهي :
1- أن رعاية المرأة لبيتها و زوجها و تربية أولادها هو من صميم عمل المرأة وتأتي في المقام الأول .
2- أن المرأة التي ترعى زوجها وأولادها ليست عاطلة أو معطلة وإنما عاملة وفاعلة .
3- التخلي عن الإيحاء بالنظرة الدونية للمرأة غير الموظفة صانعة الرجال .
4- أن يكون خروج المرأة للعمل ليس غاية في ذاته وإنما وسيلة لسد حاجة لها أو لمجتمعها .
5- أن لا يكون خروج المرأة للعمل على حساب دورها الأهم في الحياة .
وأما إن عدنا لجانب تشغيل العاطلين عن العمل فإن واقع البطالة و التي تصل إلى 27% بين الرجال حسب ما نُشر مؤخراً في الصحف ، يجعلنا نبحث عن الوسائل التي تمكنا من توفير وظائف لهذه الأعداد المتزايدة من الشباب العاطلين عن العمل ، وأن نأخذ في الاعتبار بأن التوسع في توفير فرص العمل للنساء سيكون على حساب فرص عمل الرجال إلى حد كبير ..
و في تصوري أنه بقدر نجاحنا في توفير وظائف للرجال المكلفين شرعاً بالإنفاق على النساء -أمهات و زوجات و بنات وأخوات- ، و في ظل إيماننا بأهمية عمل المرأة في رعاية شئون بيتها ، سوف يكون نجاحنا في معالجة مشكلة البطالة بين الرجال والنساء ..
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق لكل ما فيه خير لمجتمعنا ..
21/1/1420هـ فائز صالح محمد جمال ص.ب 5815 فاكس 5422611
بيانات النشر
نُشر : يوم : السبت الموافق 22/1/1420هـ
في صحيفة : الندوة رقم العدد : 12319 صفحة رقم : 9 (الرأي) .
التعديل : لا يوجد .
12319 المرأة الرأي 22/1/1420 الندوة رابط المقال على النت http://