عجائب “السعودة المرة” و مرارها الممتد

by Admin

عجائب “السعودة المرة” و مرارها الممتد

كتب الأستاذ خالد البوادري مقالاً بصحيفة الجزيرة بتاريخ 13 ربيع الأول 1437هـ لخص فيه حصاد برامج و قرارات السعودة على مدى عقود مضت و التي سبق لي أن قلت في أكثر من مقال عبر العقد الماضي أنه ينطبق عليها –و أعني البرامج و القرارات- المقولة الشهيرة (لم ينجح أحد) و السبب أننا لم نضع أيدينا على جذور المشكلة و ظللنا مكتفين بقرارات الإلزام و الفرض ..

يقول الأستاذ البوادري :”قبل 15 سنة قيل لنا «يجب سعودة الليموزين» ثم فشلت المحاولة، ثم «سعودة سوق الذهب»، وفشلت المحاولة، ثم «سعودة سوق الخضار» وفشلت، ثم قيل لنا «إن المشكلة في أن الرواتب قليلة» فارتفع راتب موظف المطعم السعودي من 2000 إلى 6000، أي 300 %، وفشلنا فيها أيضاً، ثم قيل لنا «سنقلل من ساعات العمل» وستفشل المحاولة، ثم قيل لنا «سنرفع تكلفة العامل الأجنبي؛ ليكون السعودي مرغوباً أكثر» وأيضاً فشلنا، ثم أوقفنا الاستقدام فانشل البلد، ثم فرضنا نسب سعودة على القطاع الخاص فزادت السعودة الوهمية، ودفعت الحكومة نصف راتب الموظف السعودي ومع هذا السعودة الوهمية هي سيدة الموقف، وقدمت الحكومة مكافآت مالية للشاب السعودي الذي يكمل عملاً في شركة لمدة عام وأيضاً لم ننجح، ودفعت الحكومة تكلفة تدريب الشباب فأصبحت بعض مراكز التدريب تتقاسم الدعم مع المتدرب وهو نائم في بيته” انتهى

في ظني أن الأكثر مرارة في حصاد قرارات السعودة هو التدمير المنظم و المستمر لمنظومة أخلاق المجتمع .. فدفع الناس إلى السعودة الوهمية يعني دفعهم إلى الكذب و الاحتيال و التزوير ، و إلى تطبيع هذه السلوكيات سواء فيما يتعلق بالسعودة أو بغيرها ..

فالسعودة الوهمية هي البطالة الأكثر سوءاً فهي بطالة مقنعة و مقننة و أعظم السوء فيها أنه مفسدة لشبابنا ذكوراً و إناثا .. فقد بدأت تتفشى بينهم و بدأوا في تبريرها و استمراء الحصول على رواتب دون أي انتاج باعتبار أنهم يعينون صاحب العمل على تحقيق نسب السعودة ..

ومن حصاد قرارات السعودة في السنوات الأخيرة المؤسسة على مفاهيم الفرض على القطاع الخاص ارتفاع تكاليف الانتاج و التشغيل في مؤسسات القطاع الخاص ؛ نتيجة لضغوط برنامج نطاقات المتمثلة في رفع الحد الأدنى لرواتب السعوديين ، و في رفع تكلفة العمالة الوافدة من خلال فرض دفع 2400 ريال عن كل وافد سنوياً ..

وهذه بالمناسبة من أعجب قرارات السعودة و أعني به العمل على رفع كلفة الأيدي العاملة و كأن الرخص أصبح نقمة!! أو كأن رفع كلفة العمالة سيتوقف عندها و لن يمتد إلى جميع أفراد المجتمع في شكل غلاء الأسعار التي نستعيذ منه كل جمعة !!

و بالطبع فإن ارتفاع تكاليف الانتاج و التشغيل في مؤسسات القطاع الخاص انعكس ارتفاعاً في أسعار جميع السلع و الخدمات التي يحتاجها كل الناس ..

وهذا بدوره أدى إلى تعالي مطالبات الوافدين بزيادة رواتبهم لمواجهة ارتفاع الأسعار و موجات التضخم المتتابعة بسبب قرارات السعودة ..

و ارتفاع رواتب الوافدين زاد حجم تحويلاتهم إلى الخارج و خلق موجات جديدة في ارتفاع الأسعار وهو ما سوف يؤدي إلى تآكل قيمة الحد الأدنى لرواتب السعوديين و الاضطرار إلى رفعه مرة و مرات أخرى –وهو ما سبق لي التحذير منه..

و بذلك أصبحنا في حلقة مفرغة من ارتفاع الأسعار مالم يتم تصحيح المسار .. حلقة تبدأ من رفع كلفة الأيدي العاملة الوافدة و من رفع الحد الأدنى لرواتب السعوديين و ما يتبعه من ارتفاع رواتب الوافدين و ارتفاع التكالبف و من ثم الأسعار .. وهكذا دواليك ..

وباتت مؤسسات القطاع الخاص وبالأخص الصغيرة و المتوسطة و التي تشكل ما يزيد عن 90% من مؤسسات القطاع غير قادة على الاستمرار فضلاً عن التوسع و النمو بسبب قيود السعودة الخانقة لها .. فهي غير قادرة على الحصول على تأشيرات سواء لاستبدال عمالتها الأقل كفاءة ، أو لاستقدام عمالة هي في أمس الحاجة لها لاستمرار أعمالها بشكل طبيعي.

فهل من سبيل إلى تصويب قرارات السعودة التي لم تؤسس على أساس صحيح؟

إننا في حاجة إلى قرارات تطلق العنان لنمو القطاع الخاص و زيادة قدرته على خلق الفرص للسعوديين لا خنقه و إضعاف نموه  كما يجري الآن.

و الله الموفق..

د. فائز صالح جمال

28/03/1437ه

 

بيانات النشر

اليوم

التاريخ

الصحيفة

رقم العدد

الصفحة

الإثنين

01/04/1437

11/01/2016

مكة المكرمة

729

الرأي

التعديل : حذف ما تحته خط

http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/writing22/161501

           

 

 

 

729 عمل و توظيف الرأي 01/04/1437 صحيفة مكة رابط المقال على النت http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/writing22/161501

قد يعجبك أيضاً

اترك تعليق