شبابنا طاقات محبوسة !!
الأطفال عماد المستقبل .. الشباب عماد الأمة .. عبارات تتردد على أسماعنا بين فترة و أخرى لكن الواقع و سلوكياتنا تجاه الأطفال و الشباب لا تصدق هذه المقولات ، فالملاحظ أننا لا نعد أطفالنا ليقودوا الأمة و ليشاركوا في بناء و تشكيل المستقبل ، فهم يخضعون لأساليب تربوية و تعليمية تلقينية ، لا تبني لديهم ملكة التفكير ، و لا تنمي لديهم روح المبادرة ، و لا تتيح لهم المشاركة و الحوار و المراجعة لبعض ما يتلقونه ، فكيف سيبنون المستقبل و يقدوا الأمة ؟
و أما الشباب وهم موضوعنا في هذا المقال فلا تزال طاقاتهم محبوسة و فرص المتميزين منهم للقيادة و الفعل تكاد تكون معدومة ، وبالتالي فإننا لم نتح لهم فرصة التأثير و إحداث التطوير الطبيعي للأمم ، و عندما أقول التطور الطبيعي فإنني أعني أن استمرار أفراد أي أمة في قيادة الأعمال و مواقع التأثير لفترات طويلة حتى يتجاوزوا إلى سن الكهولة و الشيخوخة هو تعطيل للتطور الطبيعي للأمم.
و الناظر لتاريخنا الإسلامي سوف يرى أن شبابنا في الماضي قادوا جيوش و تولوا الولايات و هم في العشرينات من أعمارهم ، فقد حظي الشباب على عهد النبوة و صدر الإسلام بالعناية و التشجيع و التكليف و المشاركة في تحمل المسئولية ، و حققت الأمة انجازاتها العظيمة بمشاركاتهم. و قد رصد التاريخ أنه عندما ولي يحيى بن أكثم قضاء البصرة و كان سنه عشرون سنة استصغره أهل البصرة ، فقال: أنا أكبر من عتّاب بن أسيد الذي وجّهه النبي صلى الله عليه و سلم قاضياً على مكة يوم الفتح ، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجهه النبي صلى الله عليه و سلم قاضياً على اليمن. و النبي صلى الله عليه و سلم أمّر أسامة بن زيد على جيش و هو دون العشرين ، و كلّف سيدنا أبو بكر الصديق زيد بن ثابت رضي الله عنهما بجمع القرآن وهو دون الثانية و العشرين.
بينما شبابنا هذه الأيام لا نعطيهم الفرصة لما هو دون قيادة الجيوش و تولي الولايات ، و نظل ننظر إليهم بأنهم مراهقون و طائشون ، و هو أمر غير دقيق.
و الناظر لشباب الأمم الأخرى في الحاضر سوف يرى أنهم هم من يقودونها و يقودون التغيير و التطوير فيها ، فالعديد من رؤساء وزراء و وزراء الخارجية في أوروبا من الشباب ، بل رئيس أمريكا منهم.
إن في شبابنا طاقات و قدرات إبداعية محبوسة ، و من لا يصدقني فلينظر إلى أمثلة تؤكد أنهم قادرون على حمل الراية و الانطلاق بنا إلى الأمام للحاق بركب الأمم المتقدمة عندما يعطوا الفرصة:
المثال الأول: أداء الوزراء الشباب ومن في حكمهم ، و أذكر منهم معالي وزير العمل المهندس عادل فقيه ، فإنجازات وزارة العمل في عهده يمكن تلخيصها في مجموعة من البرامج المتطورة التي تمثل نماذج ناجحة من تطبيقات الحكومة الإلكترونية (نطاقات – طاقات – حافز …) ، و منهم معالي رئيس هيئة البريد د. محمد صالح بنتن ، الذي أنجز نظام العمرة الإلكتروني بالكامل عندما كان وكيلاً لوزارة الحج ، ثم برنامج العنونة باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية الذي تجاوز به مشكلة عدم استكمال تسمية الشوارع و ترقيم المباني في معظم مدن المملكة ، و في انتظار إنجازات د. توفيق الربيعة في وزارة التجارة و الصناعة.
المثال الثاني: غرفة مكة وإنجازات مجلس إدارتها المشكل في غالبه من الشباب فقد أنجزوا في فترة وجيزة عدد من الإنجازات أذكر أهمها البدء في مشروع طال انتظاره –ثلاثة عقود- و هو مشروع مبنى الغرفة و المتوقع إنجازه خلال سنة من الآن و بكلفة تقترب من 150 مليون ريال ، و هو مبلغ عجز عن توفيره بعض الشيوخ ، و سبق هذا الإنجاز إعلان خطتهم الإستراتيجية و إقامة العديد من الفعاليات بطريقة أكثر احترافاً ، و السعي لإيصال أصوات منتسبي الغرفة للعديد من كبار المسئولين.
المثال الثالث: إذاعات الإف إم الذين يتولى إدارتها و تشغيلها مجموعة من الشباب و الشابات ، فهم في رأيي -و برغم بعض التحفظات- أظهروا قدرة متميزة على الإعداد و التقديم و مواكبة تطلعات المستمعين وجذبهم ، و الأهم أنهم قدموا برامج جادة تهدف لبناء وعي المجتمع و خدمة التنمية و علاج العديد من إشكالاته.
هذه أمثلة فقط لما يمكن أن يحققه الشباب .. فلنمنحهم الفرصة و نسلمهم القيادة التنفيذية للأعمال و سنرى منهم خيراً كثيراً بإذن الله.
1/4/1433هـ فائز صالح محمد جمال فاكس 5450077-02 Email: fayezjamal@yahoo.com
بيانات النشر
اليوم |
التاريخ |
الصحيفة |
رقم العدد |
الصفحة |
السبت |
3/4/1433 |
المدينة المنورة |
17839 |
الرأي |
التعديل : حذف أو تعديل ما تحته خط. |
17839 سياسة صفحة الرأي 3/4/1433 المدينة رابط المقال على النت http://www.al-madina.com/node/360296